مصدر مقرب لعرفات في باريس لـ«الشرق الأوسط»: الحالة مستقرة وكل عضو من أعضاء جسم الرئيس بما فيها المخ يعمل بشكل طبيعي

دحلان يطلع القيادة الفلسطينية على وضع أبو عمار

TT

اكتفت السلطات الطبية العسكرية الفرنسية أمس بالحد الأدنى من المعلومات عن تطور أو بالأحرى غياب أي تطور سلبي أو إيجابي لحالة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (ابو عمار) الطبية، بعد عشرة ايام من وصوله الى مستشفى بيرسي العسكري المتخصص في معالجة أمراض الدم في ضاحية كلامار، جنوب غرب باريس. واقتصر الكلام الرسمي الفرنسي على تصريح مقتضب للناطق باسم الجهاز الصحي الجنرال الطبيب كريستيان أستريبو الذي أعلن أمس أن حالة عرفات «لم تتغير» في الساعات الثماني والأربعين الماضية، وبالنسبة الى التقرير الصادر يوم الجمعة الماضي عن الفريق الطبي الذي يعالج عرفات.

وكان التقرير المذكور قد أفاد أن حالة عرفات لم تتدهور وأنه يمكن اعتبارها «مستقرة».

غير ان مصدرا مقربا من عرفات في باريس قال لـ «الشرق الاوسط» ان «وضع الرئيس مستقر والغيبوبة الجزئية التي يمر بها هي قابلة للعلاج لكن لا خطورة على حياته». واضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «ان كل عضو من اعضاء الرئيس تعمل بما فيها المخ لكن الاحتمالات تبقى مفتوحة. ولو حصل مكروه له لا سمح الله، فاننا لن نتكتم عليه». وتابع المصدر القول «ان بعض مساعدي عرفات متفائلون». وعند سؤاله عن موقفه هو وان كان متفائلا او متشائما قال «انا لست متشائما كما انني لست متفائلا».

ومع تعاقب الأيام، تندر المعلومات الرسمية عن صحة عرفات كما تتزايد الشائعات التي يصعب التحقق منها لدى الجهاز الطبي الفرنسي. ومن هذه الأخبار المتناقلة أن عينة من دم عرفات أرسلت الى الخارج من أجل محاولة معرفة المرض الذي يعاني منه. وفي ما قالت مصادر فلسطينية إن العينة من الدم أرسلت الى الولايات المتحدة، ذكرت مصادر أخرى أنها أرسلت الى أحد المختبرات الألمانية.

وبينما لم يبد المصدر الفلسطيني المقرب، معرفة بهذه المعلومة لكنه قال نحن مع اي اجراء يتخذه الاطباء حتى نتمكن من كشف لغز مرض الرئيس لتوفير العلاج له. وأضاف «الان وبعد مرور 10 ايام لم يتوصل الاطباء الى سبب تكسر الصفائح الدموية».

ومع ندرة المعلومات، يتزايد الشعور بالتشاؤم من إمكانية خروج عرفات من حالة الغيبوبة، وتقوى الشائعات حول تعرض عرفات لعملية تسميم بطيئة تظهر من خلال ضعف الصفائح الدموية وتكاثر الكريات الدموية البيضاء ما يلزم الأطباء على نقل الدم الى الرئيس الفلسطيني بشكل شبه دائم فيما زود بجهاز تنفس اصطناعي لمساعدته على البقاء حيا.

وبعكس ما درج عليه الجنرال أستريبو من قراءة بيان مختصر مساء كل يوم عن صحة عرفات أمام بوابة مستشفى بيرسي، فقد سارع منذ ظهر أمس الى التأكيد أنه لن يصدر أي تصريح يوم الأحد مما زاد من خيبة الصحافيين الموجودين بقوة أمام المستشفى، الذي لا يزال في حال حصار دائم حيث ترابط أمامه وفي محيطه أعداد كبيرة من رجال الأمن الذين يفتشون كل السيارات الداخلة إليه باستخدام الأجهزة الكاشفة للمتفجرات والكلاب البوليسية. ويرابط أمام المستشفى ايضا العشرات من الصحافيين من كل بلدان العالم وعشرات من السيارات الضخمة المجهزة بصحون ضخمة لاقطة للبث التلفزيوني المباشر. يمضي الكثيرون منهم، خصوصا العاملين للتلفزيونات العالمية، لياليهم في السيارات الضخمة المجهزة بصحون لاقطة للبث التلفزيوني المباشر، بينما يتواصل تجمهر العشرات من المؤيدين للرئيس الفلسطيني على الرصيف الأيمن أمام المستشفى حيث ترفع أعلام فلسطينية وصور للرئيس الفلسطيني أضيئت أمامه الشموع.

واهتمت تلفزيونات العالم أمس بوجود ثلاثة حاخامين يهود معادين للصهيونية قدموا من النمسا للإعراب عن تعاطفهم مع الرئيس الفلسطيني. وسمح لهم بالدخول الى المستشفى والالتقاء بالمقربين من عرفات.

وما يزيد الوضع تشويشا أن المسؤولين الفلسطينيين الموجودين في باريس يروجون لأخبار متناقضة عن صحة عرفات. وامس قال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم عرفات، بعد أن زار مستشفى بيرسي، أن الرئيس الفلسطيني «ليس في حالة غيبوبة» وأن وضعه «مستقر» بينما سارع مسؤول فلسطيني آخر رفض الكشف عن هويته الى تأكيد عكس ذلك. وحسب هذا المصدر الفلسطيني، فإن عرفات «لم يخرج من الغيبوبة التي ألمت به منذ يوم الأربعاء الماضي أي قبل يوم واحد من الإشاعة التي تحدثت عن موته أو تلك التي أكدت «وفاته سريريا».

وبحسب أبو ردينة، فإن عرفات «ما زال في غرفة العناية الفائقة»، حيث يخضع لـ «رقابة مشددة» ومزيد من الفحوصات. وأضاف أبو ردينة:«نأمل في أن نعرف ما يشكو منه الرئيس في الأيام المقبلة لأنه حتى الآن لم يقدم أحد تشخيصا» كافيا لحالته الصحية.

وزار عرفات صباحا نسيب المصري، الوزير الفلسطيني السابق وأحد اصدقاء عرفات الشخصيين. وغادر باريس الى رام الله وزير الأمن الفلسطيني السابق محمد دحلان فيما غادر فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، العاصمة الفرنسية الى تونس. وامس، تداولت مصادر فلسطينية معلومات عن وجود خلافات بين سهى الطويل، زوجة الرئيس الفلسطيني والمسؤولين الفلسطينيين الموجودين في باريس أو القيادة الفلسطينية في رام الله. ويعود الخلاف الى تحديد الأشخاص الذين يحق لهم زيارة عرفات.

وعقد ليل أول من أمس اجتماع مع سهى الطويل لتسوية مسألتين. الأولى تتناول هوية الأشخاص المخولين بالاقتراب من عرفات والثانية خاصة بالمعلومات التي يمكن كشفها عن صحته. ولم تتأكد أخبار عن وجود توتر بين الفريق المعالج لعرفات ومحيط الرئيس الفلسطيني بسبب ما قيل عن «تكبيل يدي» الجنرال أستريبو حول المعلومات المخول إيصالها للصحافة. وبعد أن كان أستريبو يقبل تلقي المخابرات الهاتفية على جهازه النقال، فإنه يمتنع منذ يومين عن الإجابة. ويلاحظ أن ليلى شهيد، مفوضة فلسطين لدى فرنسا المخولة مع أستريبو الحديث للصحافة، لم تدل بأي تصريح منذ يوم الجمعة الماضي وهو ما لم يتوافر له تفسير.