ترجيح دفن جثمان عرفات في حال وفاته في مقبرة «الشيخ يوسف» بخان يونس حيث يرقد والده وشقيقته

TT

على بعد مائة متر جنوب قلعة «برقوق»، وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تقع مقبرة «الشيخ يوسف»، التي يرجح ان يدفن فيها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في حال رحل عن الدنيا. ففي هذه المقبرة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها الاربعمائة متر مربع، دفن والده عبد الرؤوف القدوة، وكانت شقيقته انعام آخر من دفن فيها قبل ثلاث سنوات. وقبالة هذه المقبرة الصغيرة تقع مقبرة خان يونس الكبيرة، يفصلهما فقط الشارع الرئيسي الذي يصل خان يونس بمدينة رفح.

وباستثناء والد عرفات واخته، لم يدفن في المقبرة احد من غير عائلات الآغا والسقا والبطة. ومثل سائر العائلات الميسورة فإن العائلات الثلاث اقامت مقبرة خاصة لا يدفن فيها احد إلا موتاها.

وعلاقات المصاهرة بين عائلة القدوة وعائلة الاغا، اكبر عائلات خان يونس، جعلت الاخيرة تبادر الى دفن عبد الرؤوف عرفات في المقبرة قبل خمسة عقود من الزمن. كان هناك قرار بعدم دفن اي من الموتى في المقبرة الصغيرة التي ضاقت بما تحوي من قبور، لكن ذلك لم يمنع عائلة الاغا من احترام وصية انعام بان تدفن الى جانب والدها.

على ما يبدو فان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون جاد في رفض دفن عرفات في القدس كما تم دفن عبد القادر الحسيني، احد رموز المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي في الاربعينات ونجله فيصل الحسيني مسؤول ملف القدس في حكومته سابقاً وعبد الحميد شومان. من هنا فمن الارجح ان يدفن عرفات فقط في مكان ما في قطاع غزة. الكثير من المصادر الفلسطينية اكدت انه في حال لم يسمح بدفن عرفات في القدس، فانه من الطبيعي ان يدفن الى جوار والده واخته. والكثير من اطقم التلفزة الاجنبية زار المقبرة منذ ان تدهورت حالة عرفات الصحية، على اعتبار انه المكان المرشح ان يضم رفاته في حال وفاته. لكن من السابق لأوانه الجزم بان هذا هو المكان الذي سيدفن فيه عرفات. شقيقة عرفات الاخرى، والدة ناصر القدوة، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة التي كانت تسكن في خان يونس، توفيت قبل عام، دفنت في مقبرة الشيخ رضوان في مدينة غزة.

على بعد مائة وخمسين مترا من مقبرة الشيخ يوسف، وخلف مسجد المدينة الكبير يوجد المنزل الذي سكنه والد عرفات، والى الشمال من المقبرة يوجد المنزل الذي توفي فيه، حيث كان يعيش مع ابنته، ام ناصر، وكان البيت مستأجرا من عائلة فارس. وهناك بيت اخر يقع شرق المدينة، قضى فيه عبد الرؤوف عرفات بعض الوقت. حتى تشكيل السلطة الففلسطينية عام 1994، وكانت مقبرة الشيخ يوسف مهجورة وفي وضع مزري، لكن مع مجيء السلطة، ولأن عرفات حرص على زيارة قبر والده كل عيد، اعيد ترميمها وتجديد تربتها واحاطتها بسور وبوابة كبيرة.

إجراءات دفن عرفات في هذه المقبرة ستكون صعبة ومعقدة، فصغر مساحتها يجعل من المستحيل استيعاب السيل البشري الذي من المتوقع ان يشارك في دفنه. ورغم ان دفن عرفات في هذه المقبرة يعتبر الخيار الارجح، لكن قيادة السلطة بحثت خيارات اخرى. فهناك من يقترح ان يدفن في مقبرة الشيخ رضوان، وهي المقبرة التي دفن فيها معظم قادة وكوادر المقاومة الذين تمت تصفيتهم من قبل اسرائيل خلال انتفاضة الاقصى، حيث قبور الشيخ احمد ياسين وخلفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وجهاد العمارين مؤسس «كتائب شهداء الاقصى»، الجناح العسكري لحركة فتح وغيرهم. وهناك اقتراح اخر بان يدفن عرفات في ساحة «الجندي المجهول» في مدينة غزة، قبالة المجلس التشريعي الفلسطيني.