قادة «غير مرئيين» لألف مسلح ينظمون الدفاع عن الفلوجة

مسؤول عسكري أميركي: طرق الهروب من المدينة ما زالت مفتوحة

TT

بغداد ـ ا.ف.ب ـ رويترز: بتراتبية وتنظيم وانصياع لأوامر قادة غير مرئيين، يستعد المقاتلون الاسلاميون في الفلوجة للدفاع عن المدينة كما سبق وفعلوا قبل سبعة اشهر عندما منعوا الجيش الاميركي من دخولها. وقال رجل الدين عبد المنعم البدراني من سكان الفلوجة وعضو هيئة علماء المسلمين السنية المحافظة ان «القوات الاميركية تتهيأ للهجوم منذ اشهر وكذلك المقاومة». وسدت الأزقة والطرقات الضيقة المؤدية الى الجادة الرئيسية في المدينة من الشرق الى الغرب بكتل اسمنتية وأكياس معبأة رملا وضعها المسلحون لحماية انفسهم من القناصة الاميركيين. ولاحظ مراسلون ان المسلحين لا يظهرون في وسط المدينة خلال ساعات الهدوء، لكن ما ان يبدأ القصف الاميركي حتى ينتشر المئات منهم في مراكز معدة سلفا وخصوصا في الأحياء المدمرة المهجورة. ويلتحق كل مسلح بسرية تتبع بدورها لوحدة اكبر في حين يمتنع المسؤولون عن الظهور ولا يعرف عنهم سوى الاسماء فقط. فهيكلية الوحدات تراتبية جدا ويتم احترام الاوامر بشكل كلي لان العديد من المقاتلين هم عسكريون سابقون او عناصر أجهزة الاستخبارات إبان النظام السابق ممن اعتادوا التنفيذ من دون مناقشة. ويخفي بعض منهم وجهه بكوفية لكن آخرين يتحركون سافرين ويحملون كلاشنيكوف وقاذفات صاروخية، كما ان لديهم اسلحة ثقيلة لكنها غير ظاهرة. واضاف البدراني ان «المعركة ليست مشابهة لتلك التي جرت في ابريل (نيسان) الماضي لان هناك عددا كبيرا جدا من الجنود الاميركيين المتمركزين في مناطق تحيط بالفلوجة وفي الرمادي والخالدية غربا، في حين تنتشر قوات بريطانية جنوب بغداد». وتابع «قبل سبعة اشهر، اختارت المقاومة ان تقاتل داخل الفلوجة معتمدة على تعزيزات من الخارج، لكن الامر يختلف هذ المرة وكان عليها ان تنتشر خارج المدينة لمهاجمة الاعداء في كل مكان يوجدون فيه». ومن المستحيل معرفة اعدادهم الحقيقية. ووفقا للقوات الاميركية فان عددهم يبلغ حوالي 2000 غالبيتهم من انصار الاسلامي الاردني المتطرف ابو مصعب الزرقاوي. وقد اعلن ضابط في المارينز قبل فترة ان الزرقاوي يعتمد على عمر حديد الذي يقود ما بين 1000 الى 1500 مسلح بينهم سوريون واردنيون. وتابع الضابط رافضا ذكر اسمه انه يوجد على رأس المقاتلين التابعين لحديد «خمسة مستشارين» يعملون في الفلوجة «لوضع استراتيجية القتال والخطف والاغتيالات». وقال ان مجموعات أخرى تنتظم حول المساجد وهي على استعداد لقتال القوات الاميركية في حال اتخاذ قرار بشن هجوم، مشيرا الى ان اعدادهم تبلغ قرابة الألف مسلح. وقد أقاموا مراكز صحية لكنها لن تعمل قبل بدء الهجوم. وقال مدير مستشفى نزال الطبيب علي حياد ان صاروخين اميركيين دمرا المستشفى الذي شيد بتمويل من منظمة الاغاثة الاسلامية السعودية. واضاف حياد ان «المستشفى كان مركزا صحيا قبل ان تحوله هيئة الاغاثة السعودية الى مستشفى كامل التجهيز والمستلزمات الطبية وزودته بمختبر كما رممته وانتهت الاشغال قبل اسبوعين». وما تزال المياه والكهرباء والهاتف تعمل في الفلوجة، ورغم المعلومات التي ذكرت ان الجيش الاميركي اغلق جميع الطرق، فان الخضار والفاكهة ما زالت تتدفق الى المدينة. وقال احد التجار ان «شاحنات صغيرة تصل عبر طرق ضيقة متعرجة كل صباح من المناطق الزراعية في غرب المدينة وجنوبها». وفي المقابل، فان الأحياء الشمالية والشرقية خصوصا المنطقة الصناعية وحي العسكري باتت غير مأهولة تماما باستثناء المقاتلين الذين يجوبون طرقاتها. وقال الكولونيل مايكل شوب، وهو قائد كبير في مشاة البحرية الاميركية امس، ان الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة قبل الهجوم الرئيسي على الفلوجة أدت الى مقتل عشرات المقاتلين غير انهم ما زالوا يتحصنون استعدادا للمعركة. وتابع ان طرق الهروب من المدينة ما زالت مفتوحة، غير ان المقاتلين لا يغادرونها رغم القصف الجوي والمدفعي العنيف منذ عدة ايام. وقال شوب «قتلنا كثيرين منهم. قتلت وحدتي فقط 20 في عملية الليلة الماضية. ليس هناك مؤشرات على فرارهم. نتوقع ان يكونوا هناك بكامل قوتهم».

ويقول سلاح مشاة البحرية ان ما بين الف الى ستة آلاف مقاتل عراقي واجنبي يدينون بالولاء لابو مصعب الزرقاوي حليف «القاعدة» سيواجهون ما يمكن وصفه بأكبر هجوم عسكري اميركي في العراق منذ سقوط الرئيس السابق صدام حسين العام الماضي. وقال السيرجنت جاري باك «الفكرة ان نفجرهم في مكان واحد او نقوم بعملية للتمويه بينما نقاتل في مكان آخر. انه أسلوب إدارة ميدان المعركة». ويتوقع مشاة البحرية كل شيء من تفجير انتحاريين لسيارات ملغومة الى شراك خداعية، ويقومون بالتدريب على القتال في المدن والذي لم يألفه سوى قلة منهم. وقال شوب ان شن هجوم شامل أضحى البديل الوحيد المتبقي بعد ان فات أوان التفاوض. وقال «منحناهم فرصة للتفاوض منذ الربيع الماضي»، في اشارة الى هجوم مشاة البحرية على المدينة في ابريل الذي أوقفته ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش اثر احتجاجات دولية بسبب سقوط عدد كبير من الضحايا من المدنيين. واضاف شوب «سنواصل عملياتنا حتى يبدأ الهجوم». وهدد علاوي بمهاجمة الفلوجة ما لم تسلم الزرقاوي الذي اعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة 25 مليون دولار لمن يساعد في قتله أو القبص عليه. غير ان القادة الاميركيين ينظرون بواقعية لفرص القبض على الزرقاوي أو قتله ولا يعلمون حتى ان كان موجودا في الفلوجة. وقال شوب «لا تزال الطرق من والى الفلوجة مفتوحة ومن الصعب جدا العثور على رجل واحد».