العاهل المغربي: لن ندخر جهدا لطي ملف الصحراء ضمن المفهوم الجديد للأمن والجوار

TT

اكد العاهل المغربي الملك محمد السادس ان المغرب سيظل مستعدا للتعاون الصادق والكامل مع الأمم المتحدة، وأمينها العام، كوفي أنان، وممثله الخاص، ألفارو دي سوطو، وبالمساهمة الفاعلة لشركاء المنطقة، والمجتمع الدولي، من أجل إيجاد حل سياسي تفاوضي ونهائي، مقبول من كل الأطراف المعنية، للنزاع المفتعل حول وحدته الترابية.

وورد هذا التأكيد في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس الى الأمة ليلة أول من أمس، بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للمسيرة الخضراء، حيث أكد التزام المغرب بالحوار والتفاوض، من أجل التوصل لهذا الحل، الذي سبق أن أولاه في خطاب الجلوس الأخير، مكانة الصدارة، معتبرا قضية الوحدة الترابية للمغرب قضية هوية وطنية غير قابلة للتجزئة، وحقا تاريخيا، لا يمكن التفريط فيه.

واعتبر الملك محمد السادس أنه على ذلك الأساس، تلك القضية تندرج في صلب بناء مغرب وحدوي ديمقراطي وتنموي، يكفل لكافة أبنائه حقوق المواطنة الكريمة، مغرب مبني على جهوية فعالة ومتناسقة، تمكن كل جهاته من التدبير الذاتي أو اللامركزي الواسع، لتنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق خصوصياتها، وفي ظل السيادة والوحدة الوطنية والترابية.

وأضاف العاهل المغربي أن المغرب الواثق بعدالة قضيته، لن يدخر جهدا، من أجل الطي النهائي لملف النزاع حول الصحراء، ضمن توجه استراتيجي واضح، يتوخى ضمان حقوقه وتجسيد المفهوم الجديد للأمن الشامل والجوار، بمنطقة شمال غرب أفريقيا والساحل، وجنوب غرب المتوسط.

وأعرب الملك محمد السادس عن يقينه أن الأمر يتعلق بتوجه مستقبلي يرمي إلى رفع التحديات الحقيقية لهذه المنطقة، المتمثلة في ضرورة تحصينها من مخاطر التحول إلى بؤرة للتوتر والإرهاب، والعصابات المتاجرة بالفقر، وبالترحيل القسري، واحتجاز الأشخاص، في خرق لحقوق الإنسان وكرامته، كما يهدف ذات التوجه إلى جعل تلك المنطقة الواسعة بأسرها، فضاء لحرية انتقال الأشخاص والاستثمار، والتبادل الحر، والتنمية المشتركة، والتفاعل الثقافي.

ودعا الملك محمد السادس الاحزاب السياسية المغربية والمجالس المنتخبة وكل القوى الوطنية الحية إلى الانخراط الفعال في التعريف بعدالة قضية البلاد ووحدتها الترابية والدفاع عنها، في نطاق خطة محكمة ومتكاملة، مع الجهود التي تنهض بها الدبلوماسية الرسمية.

واستعرض العاهل المغربي المنجزات التي تحققت في أقاليم المغرب الجنوبية منذ استرجاعها سنة 1975 قائلا عنها: «إذا أردنا اختصار حصيلة تسع وعشرين سنة لهذه الملحمة، فإنه يحق لنا القول: إن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها».

واعرب العاهل المغربي عن اعتزازه بما تحقق في الاقاليم الجنوبية المسترجعة، من تحرر واستقرار، وتنمية واندماج في الوطن ـ الأم، مستحضرا روح الملك الحسن الثاني الذي كان يعتبر المسيرة كنزاً، لاستخلاص الدروس والعبر، ومنطلقا لمغرب جديد قائم على التعبئة الشاملة والنجاح الحضاري المستند الى السلم والحوار وحسن الجوار والشرعية الدولية.

وربط العاهل المغربي بين إجماع المغاربة والتفافهم حول مبدأ السيادة الكاملة على اراضيهم وبين الحرص القويم على بناء الاتحاد المغاربي على أساس متين وانفتاح تام على الجوار الاورو ـ متوسطي والأفريقي وتفاعل ايجابي مع مستجدات عالمنا، ملمحا على الالتزام الثابت بالشرعية الدولية والتجاوب مع مبادراتها الصائبة.

ومضى العاهل المغربي قائلا: «انه كيفما كانت العراقيل العابرة، فإني أؤكد باسم المغرب، أننا سنصل إلى حل سياسي توافقي، لهذا النزاع المفتعل باعتباره أحد عوائق المشروع التنموي الكبير. فهذا الحل وحده ينسجم مع منطق التاريخ.