السودان يحمل الأمم المتحدة مسؤولية تدهور الأوضاع في دارفور ويتهم ممثلها في الخرطوم بـ«تشجيع المتمردين»

الخرطوم ترجئ عمليات إعادة نازحي دارفور إلى مناطقهم و9 دول أفريقية وعربية تبدي استعدادها لإرسال قوات إلى السودان

TT

حملت الحكومة السودانية الامم المتحدة مسؤولية تدهور الاوضاع في دارفور واتهمت ممثلها في الخرطوم ايان برونك بتشجيع «التمرد». وقال وزير الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل، ان تقرير الموفد الخاص للامم المتحدة الى السودان، الاخير الى مجلس الامن حول الوضع في دارفور «يشجع المتمردين في هذه المنطقة على خرق وقف اطلاق النار».

وقال اسماعيل ان التقرير «يتضمن اشارات سلبية ساهمت في تصلب المتمردين ودفعتهم الى مواصلة خرق وقف اطلاق النار» الموقع في ابريل (نيسان) 2004 مع الحكومة المركزية. وحمل اسماعيل الامم المتحدة مسؤولية تدهور الوضع في دارفور، واضاف ان «الامم المتحدة مسؤولة نوعا ما عن تدهور الوضع في دارفور بحيث ان المتمردين شعروا بتصرفها هذا انهم غير مسؤولين (عما يجري في المنطقة) في حين ان وجهت الادانة الى الحكومة». ودعا الامم المتحدة الى ارسال «اشارات ايجابية» بامكانها ان تساعد على حل مشكلة دارفور.

من جهة ثانية أعلن رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الافريقي ان السودان ارجأ عملية اعادة النازحين التي اثارت جدلا مع المنظمات الدولية. واعلن الكولونيل الغاني انطوني امادوة رئيس بعثة مراقبي وقف اطلاق النار في دارفور «ان العملية علقت حتى اشعار آخر»، مضيفا انه يبدو ان الحكومة رضخت امام ضغط الاسرة الدولية والاتحاد الافريقي.

وقال الكولونيل الذي يشرف حاليا على نشر قوات افريقية جديدة في مطار الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، «ما ان تبلغنا بداية عمليات اعادة النازحين حتى توجه مراقبونا العسكريون الى المواقع وتدخلوا».

واكدت الولايات المتحدة ان هذا التدخل «يتناقض مباشرة» مع مبادئ الامم المتحدة المتعلقة بالنازحين ويشكل انتهاكا لقرارات مجلس الامن الدولي حول دارفور. واعلنت بعثة الامم المتحدة في السودان الاربعاء ان القوات النظامية نقلت ما بين ستة الى ثمانية الاف نازح من مخيم قريب من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وقبل ذلك افادت منظمة «اطباء العالم» الثلاثاء ان القوات الحكومية «طوقت ثم اخلت» مخيما في دارفور كان يقيم فيه مئات النازحين. من جهتها دافعت سلطات الخرطوم عن عمليات اعادة النازحين الى مناطقهم مؤكدة انها وسيلة لتجنب انتشار الامراض وتحسين الظروف الامنية في المخيمات التي يقيم فيها مئات الالاف من الاشخاص الذين طردتهم الميليشيات العربية الموالية للحكومة من اراضيهم. وقال الكولونيل امادوة ان الاتحاد الافريقي قام بدوريات في المخيمات لطمأنة النازحين، موضحا ان هذه الدوريات «تبلغ كل ما تشاهده لكن التوتر تراجع حاليا». من جهة أخرى، اعلن مركز فض النزاعات في الاتحاد الافريقي في اديس ابابا أن الاتحاد مستعد لارسال المزيد من القوات الى اقليم دارفور، ولكن تنقصه الامكانيات المادية لذلك. واعلن الملحق الاعلامي للمركز حسن با، أن عدة دول افريقية ما زالت تقترح ان ترسل قوات اضافية، ولكن تنقص الامكانيات، «اذا اردنا ان نرسل قوات اضافية الى دارفور، فعلى المجتمع الدولي ان يدعمنا». وصرح حسن با، قائلا «لدينا 594 جنديا مكلفين حماية المراقبين المنتشرين على الارض من اصل 1703 مرتقبين»، كذلك كلف هؤلاء الجنود بمهمة حماية المدنيين المقيمين قرب المراقبين. وقال حسن با، في مقر الاتحاد الافريقي ان بين الجنود 594 هناك 392 روانديا و202 من نيجيريا، واكد «ما زلنا ننتظر ارسال 345 نيجيريا سيغادرون نحو الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)».

واضاف «التزمت جنوب افريقيا بدعمنا بنحو 256 جنديا وتنزانيا وغامبيا بـ196 وتشاد بـ40 وكينيا بـ35» بدون تحديد موعد انتشارهم. واوضح «ان السنغال اقترحت الاربعاء ارسال تعزيزات عسكرية لكن الاتحاد الافريقي سيدرس هذا الاقتراح قبل الموافقة عليه»، ومن المفترض ان تنتشر القوات في ثمانية مواقع.

واضاف با من جهة اخرى انه «من المفترض ان يصل قبل نهاية الاسبوع المقبل 80 مراقبا عسكريا، بينهم 20 من مصر و20 من غامبيا و20 من غانا و20 من جنوب افريقيا».

وينتشر حاليا 136 مراقبا عسكريا على الارض، ومن المفترض ان يصل عدد المراقبين الى 636 مراقبا.

ومهمة المراقبين هي السهر على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في ابريل (نيسان) الماضي بين حكومة الخرطوم وحركتين مسلحتين في دارفور، والذي تتهم بشكل دائم كل من الجهتين الاخرى بتجاوزه. ويعزز الاتحاد الافريقي حاليا بعثته في السودان التي يتوقع ان يرتفع عديدها على المدى المتوسط الى 3320 شخصا من بينهم عسكريون ومراقبون عسكريون وشرطيون ومتعاونون مدنيون، واضاف با «ان الهدف هو الانتهاء من نشر كامل عناصر بعثة الامم المتحدة في السودان بحلول نهاية الشهر الجاري».

وفي الخرطوم قال المركز الاعلامي السوداني امس ان عددا من المنظمات الانسانية غير الحكومية انسحبت من منطقة جبل مرة في دارفور هربا من «هجمات المتمردين». ونقل المركز الاعلامي (القريب من الحكومة السودانية) عن مصدر مطلع ان منظمة اطباء بلا حدود الاسبانية ومنظمة غول الايرلندية نقلتا موظفيها الـ 24 من منطقة غولو في جبل مرة (جنوب غرب دارفور) الى الفاشر في شمال دارفور ونيالا في جنوب الاقليم «بعد هجمات متكررة من قبل المتمردين استهدفت العاملين في منظمات الاغاثة الانسانية». وقال المركز الاعلامي ان المنظمتين اكدتا كذلك ان سياراتهما «تعرضت للهجوم من قبل المتمردين».