الحكومة السودانية تتهم مقاتلي دارفور بإطلاق النار على قافلة طبية ولجنة تقصي الحقائق في مزاعم الإبادة الجماعية تبدأ أعمالها في الإقليم

TT

فتح مسلحون مجهولون النار على فريق طبي مشترك من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة بولاية جنوب دارفور اثناء اداء مهمة بين مدينتي (نيالا وكاس)، اسفر عن مقتل طبيب يعمل لصالح منظمة الصحة العالمية.

واتهمت الحكومة السودانية مسلحي دارفور بارتكاب الحادث، في وقت دشنت فيه لجنة التقصي الدولية للتحقيق في مزاعم الابادة الجماعية في دارفور مهمتها التي يعتبرها المراقبون في الخرطوم انها ستكون عسيرة للغاية، ورحبت الحكومة مجددا باللجنة، وقالت انه «ليست لديها ما تخفيها في دارفور». وقال المسؤولون في الولاية لـ«الشرق الاوسط» ان الموكب كان في طريقه من نيالا الى مدينة كاس شمالا، وعلى بعد 20 كيلومتراً اعترض طريقه على الاقل 10 مسلحين ملثمين وفتحوا النار عليه، مما ادى الى مقتل طبيب نائب اختصاصي مستشفى يدعى ايهاب طه يعمل في مستشفى نيالا ولصالح منظمة الصحة العالمية، ونجا مرافقوه وعددهم خمسة. وذكر المسؤولون ان «المعتدين نهبوا مبالغ مالية كانت بحوزة الفريق الطبي بما فيها مرتبات العاملين بمستشفى كاس والتي تبلغ ما يقارب 50 مليوناً من الجنيهات (20 مليون دولار).

وقال مفوض العون الانساني بنيالا حسين ابراهيم كرشوم ان 4 من الاطباء بينهم اردني، واثنان من الموظفين بوزارة الصحة. من ناحيته، اتهم الدكتور عمر عبد الجبار وزير الصحة بولاية جنوب دارفور متمردي دارفور بارتكاب الحادث، قبل ان يصفه بانه مؤسف ويأتي في اطار سلسلة من الخروق للمتمردين والتي تستهدف المدنيين.

وفي نفس الوقت، دشنت لجنة تقصي الحقائق مهمتها العسيرة ـ حسب المراقبين ـ بلقاء في الخرطوم فور وصولها، مع وزير العدل السوداني علي عثمان محمد يس.

ورحبت الحكومة السودانية امس باللجنة، واعتبر الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية للصحافيين امس ان التعليق على عمل اللجنة سابق لأونه، ولكنه قال ان اللجنة باشرت مهمتها وستلتقي كل الاطراف المتعلقة بعملها في الخرطوم ودارفور، ونقل اسماعيل للصحافيين تعهد حكومته بتقديم كل التسهيلات للجنة «الى ان تنتهي من مهمتها»، وقال سنفتح لها كل الأمكنة لإنجاز عملها لان الحكومة ظلت تتعامل مع قضية دارفور بشفافية ووضوح»، واضاف ان في دارفور الآن المئات من المنظمات الاجنبية ولجنتين معنيتين بحقوق الانسان تتبعان الى الامم المتحدة، فضلا عن المراقبين من الاتحاد الافريقي.

إلى ذلك، توقع وزير الخارجية اسماعيل حدوث اختراق في مفاوضات السلام بين الحكومة والمسلحين في دارفور، والتي اصطدمت بجملة عقبات خلال الايام الماضية، وقال للصحافيين: «أتوقع ان يحدث اختراق خلال 48 ساعة من الآن يؤدي الى توقيع الأطراف على 3 بروتوكولات هي: الانساني، والأمني، والسياسي. واستند اسماعيل في توقعاته إلى اتصالات مكثفة يبذلها الوسطاء في ابوجا لتجاوز العقبات امام المفاوضات التي دخلت اسبوعها الرابع من دون ان تحرز اي تقدم في اجندتها خاصة الملف الأمني، غير ان الوزير السوداني جدد رفض حكومته حظر الطيران في اقليم دارفور، وهو المقترح الذي ورد في مشروع اتفاق في الملف الأمني مقدم من الوسطاء في ابوجا، وقال ان الوسطاء الآن في مرحلة البحث عن صيغة مقبولة لهذه المعضلة.

وفي ابوجا، استأنف وسطاء الاتحاد الافريقي امس المشاورات المنفصلة مع متمردي اقليم دارفور والممثلين عن الحكومة السودانية.

وقال مسؤول من الوساطة ان «المشاورات مستمرة حول المسألة الأمنية والاعلان السياسي المبدئي»، موضحا ان الوساطة «تلتقي الطرفين بصورة منفصلة». ويحاول الوسطاء منذ ايام تحريك المفاوضات المتعثرة بين طرفي النزاع، خصوصا ما يتعلق بالمسألة الأمنية.

من جهته، اعلن الداعية الاسلامي بنيجيريا وعموم أفريقيا الاستشاري بلجنة المصالحة في أزمة دارفور الشيخ ابراهيم الشريف أن التدخلات الخارجية هي سبب تعويق حل الأزمة، مشيرا الى أن الاقليم يعيش مأساة كبيرة تقتضي من المسلمين والدول والمنظمات الاسلامية تقديم الدعم والمساعدة وحشد الطاقات والإمكانات للتوصل الى حل. واوضح الشيخ ابراهيم «أن كل الاطراف المعنية سواء الحكومة أو «حركة تحرير السودان» أو «حركة العدالة والمساواة» ترغب في إيجاد حل سريع لهذه الازمة ولكن هناك دولا خارجية تركز على قضايا تعمق الخلاف وتبعدنا عن المصالحة من بين هذه القضايا مشكلة «الجنجويد» أو دعوى الابادة الجماعية». وأضاف الداعية الاسلامي في كلمة له مساء أول من أمس خلال الملتقى الاسلامي الذي عُقد بالقاهرة «أننا شهود عيان ونعرف أن مسألة «الجنجويد» أمر واقع لا يمكن أن ننكره، ونعترف بأن هناك تجاوزات كثيرة للحقوق الانسانية لكنها لم تصل الى حد الابادة الجماعية أو التطهير العرقي، فهناك روابط أسرية بين القبائل وليس من المعقول أن يقوم البعض بتطهير المنطقة من الآخر».