عدد من المسؤولين الفلسطينيين يشككون في أهداف زوجة عرفات ويتهمونها بمحاولة خطفه وفرض حالة الاستفراد عليه

تصريحات سهى الطويل عن محاولة دفن الرئيس حيا تثير حالة من الإرباك

TT

أثار التصريح الصاخب والاتهامي الذي أطلقته سهى الطويل قرينة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المعتل، ضد القادة الفلسطينيين ورفاق درب زوجها، بعد تأكد استعداد بعضهم للسفر الى العاصمة الفرنسية باريس، للاطمئنان على صحته والاطلاع عن كثب على حقيقة وضعه الصحي، عاصفة غير متوقعة وموجة غير مسبوقة من الاحتجاجات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية.

ودون سابق انذار ومن دون ان يكون هناك اي اشاعات عن وجود انقسامات في الصف الفلسطيني الذي ظل متماسكا خلال الاسابيع الثلاثة من مرض عرفات، ودون معرفة الدوافع الحقيقية وراءه، وجهت السيدة سهى الليلة قبل الماضية نداء عبر احدى القنوات الفضائية العربية جاء فيه:

«نداء للشعب الفلسطيني من جانب سرير ياسر عرفات: ليكن معلوما لشرفاء الشعب الفلسطيني ان حفنة من المستورثين مقبلين غدا (امس) الى باريس يحاولون دفن ابو عمار وهو حي. اطالبكم ان تعوا حجم المؤامرة. اقول لكم انهم يحاولون دفن ابو عمار وهو حي. ابو عمار حي وهو عائد الى وطنه وانها لثورة حتى النصر والله اكبر الله اكبر».

وكانت سهى عرفات تقصد باتهاماتها 3 من كبار المسؤولين الفلسطينيين وهم محمود عباس (ابو مازن) رئيس الوزراء السابق وامين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واحمد قريع (ابو علاء) رئيس الوزراء، ونبيل شعث وزير خارجية السلطة، الذين كانوا يستعدون للسفر الى باريس.

وحسب مصدر فلسطيني فان الزيارة تحددت بعد الحصول على موافقة من سهى الطويل خلال لقاء عقد معها يوم السبت الماضي وحضره نبيل ابو ردينة المتحدث الاعلامي باسم عرفات ورمزي خوري مدير مكتب عرفات ومحمد رشيد مستشاره الاقتصادي ومحمد دحلان. ونقل دحلان الذي عاد اول من امس الى رام الله رسالة من سهى عرفات يؤكد ترحيبها بوصول القادة.

وأحدثت تصريحات سهى بداية إرباكا في اوساط القيادة الفلسطينية الى حد ان القادة الثلاثة تراجعوا عن فكرة السفر كما قال المسؤول لـ «الشرق الاوسط»، غير انه وبعد التقاط الانفاس واحتواء الصدمة، ومناقشة القضية باستفاضة تقرر المضي قدما بها. وبالفعل وصل المسؤولون الثلاثة الى باريس في ساعة متأخرة من امس وسيلحق بهم رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح. ويوم امس تداعى العديد من الوزراء واعضاء المجلس التشريعي للرد بعنف غير مسبوق على السيدة سهى، ورد الاتهامات اليها. ووصل البعض منهم الى حد اثارة التساؤلات عمن يقف وراء سهى وتصريحاتها الرامية، كما قال احدهم الذي طلب عدم ذكر اسمه «لشق الصف الفلسطيني الذي ظل موحدا ومتماسكا رغم المحنة الصحية التي يمر بها الرئيس عرفات». وقال المسؤول «لا استبعد ان يكون وراء هذه الاتهامات غير المبررة من جانب سهى، اطراف خارجية»، لكنه رفض تحديد هذه الاطراف.

واتهمها مسؤول طلب عدم ذكر اسمه «باختطاف الرئيس عرفات وفرض حالة استفراد عليه. وهي مختلفة مع كل الاعضاء الذين كانوا مرافقين للرئيس بمن فيهم الدكتور ناصر القدوة ابن شقيقته. وقد تعاركت معه وسبته وشتمته».

واشار المسؤول الى ان سهى لا تتحرك والا برفقة محاميها الفرنسييين». وقال «ان ثلاثة من المحامين يرافقونها حتى وهي في المستشفى، ولا تنطق بكلمة او تتخذ حركة الا بتعليمات منهم.

وأعرب رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي (ابو اللطف) عن صدمته من تصريحات سهى الطويل، التي قال في بيان مكتوب تلقت «الشرق الاوسط» نسخة عنه، إنها أدت إلى بلبلة وارتباك شديدين بين كافة الأوساط العربية والدولية والفلسطينية. وقال ابو اللطف الذي زار الرئيس عرفات في غرفته في المستشفى من دون ان يتحدث اليه، انه «لا يجوز ان تصف رفاق درب الرئيس عرفات بهذه الصفات البعيدة عن الحقيقة التي تمس القيادة الفلسطينية».

واتهم الطيب عبد الرحيم الامين العام للرئاسة الفلسطينية سهى الطويل بمحاولة «تحطيم قرار القيادة» الفلسطينية. وقال عبد الرحيم في مؤتمر صحافي في رام الله في الضفة الغربية ان «الوفد الفلسطيني كان يفترض ان يكون صباح اليوم (امس) في فرنسا ولكن لاعتبارات كثيرة وللتكيف مع القانون الفرنسي رؤي ان يكون الوفد صباح غد في فرنسا». واوضح ان القرار اتخذ «بناء على طلب سهى عرفات، لكن فوجئنا انها تريد تحطيم قرار القيادة وان تستفرد بالرئيس.. لا ندري ما هو السبب».

وقال عبد الرحيم ردا على سؤال «الشرق الاوسط» عن اسباب هذه الازمة «هذه ضجة مفتعلة، لا اعرف لها سببا». ولكنه اكد ان الرئيس عرفات «ليس ملكا لاحد ولا لعائلة صغيرة بل هو ملك للشعب باكمله، فهو رمز هذا الشعب وقائده وزعيمه».

واضاف عبد الرحيم ان «ما قيل على لسان السيدة سهى عرفات لا يمثل شعبنا ولا قيادتنا، ولو ان الرئيس استمع الى مثل هذه الكلمات لرفضها بالمطلق ولن يسمح بها على الاطلاق»، وتابع عبد الرحيم «لسنا ورثة بل رفاق درب وسلاح ومسيرة دامت اكثر من نصف قرن والذين يفكرون بعقلية الوريث والورثة ليسوا رفاق درب بل رفاق شفهيين ».

وقال عزام الاحمد وزير الاتصالات لـ «الشرق الاوسط»: «ان فرنسا عندما استقبلت الرئيس عرفات للعلاج استقبلته كرئيس للشعب الفلسطيني وليس كزوج لسهى الطويل». واضاف «ان عرفات ليس ملكا لعائلة عرفات، فنحن قضينا معه وقتا اكثر من زوجته واقربائه».

واعتبر الاحمد ان السيدة سهى «ارتكبت خطأ فظيعا» باتهاماتها. ودعاها لى «اصلاح» هذا الخطأ. وتابع القول «في تقديري ان الاخت سهى عرفات ارتكبت خطأ فظيعا بما اعلنته، لان في تصريحاتها اساءة لنا جميعا وللرئيس عرفات وللاخت سهى نفسها». وذكر الاحمد ان السيدة سهى «ليس لها اي موقع سياسي في القيادة السياسية الفلسطينية اطلاقا لا في اطار فتح ولا في اطار السلطة الفلسطينية ولا اطار منظمة التحرير.. ليس من حقها اطلاقا ان تتخذ اي قرار في هذا الموضوع».

وطالب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني روحي فتوح سهى الطويل بـ «ان تعتذر» عن اتهاماتها. وقال »على السيدة سهى عرفات ان تعتذر اولا للشعب الفلسطيني لانها قستعلى الشعب الفلسطيني وقست على الرئيس ياسر عرفات في مرضه»، وقال «لا احد يفكر بان يقبر ياسر عرفات وهو حي. هو حي وسيبقى حيا».

وتابع في تصريحات «نحن لا ننكر على السيدة سهى حقها الشرعي لانها زوجته بشرع الله، ولكن عليها ان لا تنكر حقنا ايضا في اطار الشرعية النضالية والشرعية الدستورية التي ربطتنا منذ عقود كبيرة وطويلة مع الرئيس القائد ابو عمار». وشدد «نحن من حقنا من نطلع بدقة على الحالة الصحية للرئيس ياسر عرفات خاصة انه هناك ارباك وبلبلة ومعلومات متضاربة.. هناك مطالبات عديدة من جماهير شعبنا تريد ان تعرف الحقيقة الجلية عن صحة السيد الرئيس ياسر عرفات لذلك نحن حاجة الى معلومات حتى نطمئن شعبنا».

واكد فتوح عدم جواز تحكم سهى بالمعلومات الخاصة بصحة الرئيس الفلسطيني. واوضح «ما نعرفه ان الاخت سهى فقط تتحكم بالمعلومات، وهذا لا يجوز. الرئيس قائد للشعب الفلسطيني. الرئيس عرفات ليس حكرا لعائلة. هو ملك لشعبه الفلسطيني ولكل المناضلين في العالم»، مضيفا «نريد ان نقف على الحقيقة» بشأن مرضه. وقالت حنان عشراوي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ان سهى الطويل تحاول تقزيم الرئيس عرفات الى مجرد زوج لسهى.