وزير الدفاع العراقي يحث جنوده على «تحرير» الفلوجة ويعد بترقية رتبهم

ضابط أميركي: سنضع كل قوانا الروحية في المعركة لإعادة المدينة إلى أهاليها

TT

وعد حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي بمنح كل الجنود المشاركين في المعركة رتبا أعلى، داعيا جيشه أول من أمس «لتحرير» الفلوجة، وهذا دليل على أن القوات الأميركية قد حصلت على مباركة الحكومة المؤقتة للمضي قدما في العملية العسكرية الهادفة لاسترجاع المدينة من يد المتمردين.

وقال الشعلان لأفراد الوحدات العراقية المتجمعين بالقرب من الفلوجة «هذه هي أول مرة في تاريخ العراق نشاهد الناس تذبح كالخراف باسم الإسلام. إن ضمائركم وأهاليكم تدعوكم. تدعوكم لتحرير هذه المدينة».

قال الجندي علي، 28 سنة، المقبل من الناصرية والمنتمي إلى اللواء «نحن هنا للدفاع عن بلدنا... علينا أن نتخلص من الإرهاب، كل العالم يحتقر العراق الآن بسبب الإرهابيين الذين هم ليسوا عراقيين. نحن سنجعل العالم يرى كيف ينهي الرجال العراقيون الإرهاب هنا في العراق».

وعلى الرغم من قيادة المعركة في الفلوجة ستكون بيد القوات الأميركية فإن العملية هي اختبار للجيش العراقي الجديد الذي سيستخدَم جنوده بالدرجة الأولى لحراسة المناطق بعد أن يجتازها الأميركيون بنجاح. ووصف آمرو الوحدات الأميركية مشاركة القوات العراقية بأنها عنصر أساسي في الهجوم المخطط له على المدينة التي لم ينجحوا في استرجاعها قبل ستة أشهر بعد هجوم صغير قامت به وحدات من المارينز إذ تم إيقاف الهجوم لأسباب سياسية.

وقال الليفتنانت جنرال جون سلاتر آمر قوة المارينز الأولى الخاصة للجنود العراقيين الذين أحاطوا به يوم الأحد الماضي خلال زيارة وزير الدفاع للمعسكر «اخوتكم المقاتلون من فيلق المارينز الأميركي فخورون بالوقوف إلى جانبكم.. أنتم مستقبل بلدكم ونحن سنكون فخورين في أن نكون جزءا منكم.. نحن سنضع كل قوانا الروحية في المعركة لإعادة الفلوجة إلى أهالي الفلوجة».

واستقبل الجنود العراقيون كلمات سلاتر بالهتاف رافعين قبضات أيديهم في الهواء وهم يربتون على سترته التبنية اللون.

ومع حلول مساء الأحد الماضي كان ممكنا سماع دوي المدافع وهي تطلق بقنابلها من فوق أحد المواقع الأمامية. وشوهدت الوحدات العسكرية وهي تتحرك حوله تحت ضوء قمر منير، وكان ممكنا مشاهدة ظلال تتسلل عبر رمال بيضاء. وكانت مدافع هاوتزر الذاتية الحركة تطلق نيرانها المتعاقبة التي ترجع صداها بطاريات المدافع الأخرى.

وقال الليفتنانت كولونيل جيمس رايني من الكتيبة الثانية التابعة لفرقة الفرسان الأولى لجنوده «أنتم ارتحتم وأصبحتم مستعدين ونحن مستعدون أيضا.. هذه ستكون أكبر معركة يمكن لأي منا أن يقوم بها في المستقبل القريب.. وبغض النظر عما تفكرون به حول الحرب العراقية أو حول الحكومة العراقية فإن هذه المعركة هي 100% حول الإرهابيين ـ الإرهابيين الذين يريدون أن يأتوا إلى بيوتكم ليقتلوكم».

وأصبحت الفلوجة منذ أن دخلها الجنود الأميركيون لآخر مرة في أبريل الماضي مرتعا للمقاتلين المقبلين من الخارج بضمنهم أولئك الذين جاءوا من سورية وإيران وباكستان والسعودية حسبما ذكر مسؤولو استخبارات أميركيون. وهم يقدرون عددهم بحوالي 300 شخص أجنبي موجودين في المدينة وهم مستعدون لمقاتلة الوحدات الأميركية.

ومن المتوقع أن تدخل الوحدات الأميركية والعراقية إلى منطقة قتالية خطيرة جدا حتى على أكثر الجيوش تطورا، فهي ساحة قتال وسط المدينة ومحفوفة بالأجسام المفخخة. وحذرت وحدات المارينز جنودها من احتمال وقوع عدد كبير من القتلى بينهم. وقال قائد قوة العمليات الخاصة الذي أطلق على نفسه اسم محمد عباس إن وحداته جاهزة للقتال. واشتكى عباس من أن الأسلحة التي أعطيت لأفراد قوته لا يحمل أغلبهم سوى بنادق إيه كاي ـ47 الاتوماتيكية. وأضاف «الجيوش المتطورة تطور أسلحة جديدة. ونحن في العراق لم تكن لدينا الفرصة. فأجهزة الاتصالات عندنا ليست مثل تلك التي يستعملها الأميركيون. كذلك لدى الأميركيين أسلحة أخف وزنا وأكثر تطورا بينما أسلحتنا قديمة».

مع ذلك قال عباس الذي كان ضابطا في الجيش العراقي السابق إنه على ثقة من أن وحداته ستنتصر. وقال «نحن نعرف أعداءنا حتى إذا كان لديهم أسلحة متطورة. فكجيش وشعب عراقيين نحن سنحاربهم بأسلحة تقليدية. نحن لدينا استراتيجيتنا وعقليتنا وهذا ما مكن الجندي العراقي أن يحارب الجنود الأميركيين في عام 1990 وفي السنة الماضية على الرغم من حيازتهم على تقنية عالية، وهذا ما سيجعلنا أيضا نقاتل في هذه المعركة بنفس الروحية».

وما أن بدأ يمشي على الأرض الترابية لموقعه الأمامي حتى راح يومئ لجندي راح يتقدم بخطى أسرع حالما شاهد يد آمره ترفع في الهواء. قال عباس إن كل جنوده مستعدون للمعركة، وأضاف مشيرا إلى ما يحيطه «هذه هي مملكتي».

قال عباس وهو يتابع جنوده جاثمين على الأرض أمامه بانتظار أوامره مشيرا على أحدهم «هذا عمره 19 سنة. وذاك عمره 25 سنة». يبلغ حيدر المقبل من البصرة العشرين من عمره، وقد مضى عليه ما يقرب من أسبوع بدون أن يتكلم مع أفراد أسرته. وقال إنه التحق بالجيش في البداية من أجل كسب العيش «لكنني لاحقا وحينما شاهدت تدهور أمن البلد ومجيء كل هؤلاء الإرهابيين من الخارج بدلت رأيي. أنا الآن مؤمن بأن لدي مسؤولية كبيرة في بلدي. الشعب يعتمد علينا. ونحن سنحاربهم». أما محمد، 24 سنة، المقبل من الموصل فردد نفس مشاعر الجنود العراقيين الآخرين. وعلى الرغم من تهيئه لقتال الأجانب فإنه لن يقاتل سكان الفلوجة. وأضاف محمد «لن نستهدف أي عراقي. أنا لا أستطيع أن أقاتل أي عراقي. إنه أخي».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»