استنفار إسرائيلي ودعم لبناني وقلق دولي بعد إطلاق «حزب الله» طائرته الاستطلاعية الأولى

TT

وضعت اسرائيل قواتها على طول خط الحدود مع لبنان في حالة استنفار بعد يوم من اعلان «حزب الله» انه اطلق طائرة استطلاع فوق المستوطنات القريبة من لبنان، وقد نالت خطوة «حزب الله» تأييد وزير الدفاع اللبناني عبد الرحيم مراد الذي اعتبرها «حقاً للمقاومة»، فيما اعلن الحزب ان رئيس الحكومة عمر كرامي سأل وفداً من الحزب زاره امس عن موضوع الطائرة فأجاب اعضاء الوفد «بما ورد في بيان الحزب (اول من امس) حول العملية لا اكثر».

وخيمت امس اجواء الترقب والحذر على طول الخط الحدودي في ظل استمرار الطلعات الجوية للطيران الحربي الاسرائيلي فوق القرى الحدودية وتعزيز الجيش الاسرائيلي مواقعه الامامية المتاخمة للأراضي اللبنانية بالجنود والآليات والتجهيزات.

وجالت دوريات اسرائيلية مؤللة المستعمرات الشمالية والطرقات الترابية القريبة من السياج الحدودي الشائك. وقد عمد جنود الدوريات الذين كانوا في وضع قتالي، الى تصويب بنادقهم باتجاه اللبنانيين وخصوصاً المزارعين في بلدتي عديسة وكفر كلا بسهل الخيام .

وافاد مندوب «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية اللبنانية في منطقة حاصبيا الحدودية بأن «الطائرات الحربية المعادية حلقت في اجواء الجنوب ومزارع شبعا المحتلة وفوق مرتفعات الجولان السورية المحتلة». كما نقلت الوكالة عن مندوبها في مدينة صور الساحلية ان «الحدود الفاصلة بين لبنان والأراضي المحتلة شهدت الليل الفائت وصباح اليوم (امس) تحركات مستمرة لدوريات مؤللة اسرائيلية من منطقة اللبونة وحتى محيط بوابة رامية. وترافق ذلك مع قيام زوارق الاحتلال بدوريات جابت المنطقة المحاذية للمياه الاقليمية اللبنانية».

بدورها سيرت قوات الطوارئ الدولية دوريات على طول الخط الازرق، وشوهدت هذه الدوريات تتحرك من منطقة مركبا حتى المزارع مروراً ببوابة فاطمة وحوض الوزاني والعباسية، في وقت حلقت الطوافات الدولية في اجواء المنطقة الحدودية والخط الأزرق.

واكدت مصادر قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «دخول طائرة من دون طيار حلقت في لبنان الى المجال الجوي الاسرائيلي وعادت الى لبنان بعد نحو 20 دقيقة» وقالت المصادر «ان اليونيفيل احتجت على كل الخروقات للخط الازرق لدى السلطات المعنية».

وطلب الممثل الشخصي للأمين العام للامم المتحدة ستيفان دو مستورا الاجتماع الى وزير الخارجية اللبناني محمود حمود «بهدف القيام بجولة أفق مزدوجة إقليمية»، مشيراً بعد اللقاء الى انه «تم التشديد على الوضع في جنوب لبنان». وقال: «لقد عبرت كما سبق ان فعلت في الماضي عن القلق الذي يساورني. صحيح ان الحالة في تلك المنطقة سادها الهدوء النسبي خلال الاشهر الاربعة الماضية والحمد لله، ولكن هناك عدة اسباب للقلق، الاول احتمال روية التصعيد من قبل الطرفين، وكما تعلمون حصلت عدة تحليقات من قبل الجانب الاسرائيلي، حيث قدمنا احتجاجاً على ذلك. وكذلك حالتان الاولى بشكل خاص على سقوط صاروخ كاتيوشا على الاراضي الاسرائيلية، مصدره الجانب اللبناني». معتبراً ان التحقيقات «لم تكن واضحة بالكامل لكن تبدو من المؤشرات ان مصدرها ليس «حزب الله» انما من مجموعات غير منضبطة»، واوضح انه دعا الوزير الى «الطلب الى السلطات ممارسة اقصى درجات ضبط النفس لمراقبة هذا الجزء من الاراضي لانه في مثل هذه الحالة فان الكاتيوشا لم تتسبب لحسن الحظ بوقوع اي ضحية لكنها سقطت في الجانب الآخر وكان يمكن ان تسبب تصعيداً». وتحدث دو مستورا عن طائرة الاستطلاع التي اعلن «حزب الله» عن اطلاقها، مشيراً الى انه ينتظر تقريراً من اليونيفيل (قوات الطوارئ الدولية) حول نوع الطائرة وطرازها ومصدرها والى اين اتجهت وكيف اتجهت وفي اي طريق؟. وقال: «بوسعكم ان تعلموا شيئاً واحداً وهو ان موقفنا هو التأكيد من جديد ان الامم المتحدة قالت دوماً بشكل ثابت انه يجب عدم التحليق الجوي من أي طرف. كررنا ذلك مراراً وسنتابع المطالبة بذلك من اجل سلامة الخط الازرق وسيادة جميع دول المنطقة».

وفي اول رد فعل رسمي لبناني قال وزير الدفاع الوطني عبد الرحيم مراد ان «عملية مرصاد-1 (طائرة الاستطلاع) جاءت بمثابة فرض معادلة جديدة قام بها «حزب الله» كرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة يومياً باختراق الطيران الاسرائيلي العسكري المجال الجنوبي وتصوير مواقع لبنانية». وقال: «تشير هذه العملية الى ان المقاومة تستطيع المواجهة بالمثل على اي اعتداء ومن اي نوع كان، ومن حقها وواجبها مواصلة الاستعداد لتكون جاهزة في مختلف الظروف طالما ان العدو يستمر في تهديداته واعتداءاته».

وكان رئيس الحكومة عمر كرامي استقبل امس وفداً من «حزب الله» جال على المسؤولين لدعوتهم الى احتفال لمناسبة يوم «القدس العالمي»، الذي سيقيمه الحزب يوم الجمعة المقبل في بعلبك (البقاع)، وقال النائب محمد ياغي الذي رأس الوفد ان كرامي سأل عن هذا الموضوع (اطلاق الطائرة) ونحن كان ردنا ما ورد في بيان «المقاومة الاسلامية» في هذا الصدد، ولم نتحدث اكثر من ذلك» مشيراً الى «ان الأمين العام للحزب الشيخ حسن نصر الله اعلن في افطار «هيئة دعم المقاومة الاسلامية» ان هناك معادلة جديدة، وستكون المبادرة في يد «المقاومة الاسلامية» والذي حصل امس (الاول) هو جزء من هذه المعادلة، لكن المستقبل هو الذي يكشف طبيعة هذه المعادلات».

اما وزير الخارجية محمود حمود فقد لفت الى «تجاهل اسرائيل ما تقوم به من خروقات منذ خروجها من لبنان». وقال وزير الاعلام اللبناني ايلي الفرزلي في حديث تلفزيوني «ان المقاومة الاسلامية قامت بذلك لان الاحتجاجات الدولية لم توقف الانتهاكات الاسرائيلية للاجواء اللبنانية».

واعتبر رئيس كتلة نواب «حزب الله» في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد «ان التجربة الناجحة التي قامت بها احدى طائرات المقاومة الاستطلاعية قد اثبتت ان المقاومة لديها ما تستطيع ان تكرر به هذه العمليات الاستطلاعية ساعة تشاء وفي الوقت التي تريد».

وقال رعد في تصريح له امس: «ان هذا الامر انجاز استراتيجي كبير للمقاومة الاسلامية التي نشهد ولا نشعر بسخونة المواجهة القائمة بينها وبين العدو الاسرائيلي»، مشيراً الى «ان هذا ما وعد به سيد المقاومة (الامين العام للحزب) قبل ايام بأن المقاومة ستسعى جاهدة من اجل ايجاد معادلة لمنع الخروقات الجوية، وان هذا المسعى قد بدأ بالامس وتكلل بالنجاح وستظهر نتائجه في الايام القليلة المقبلة».

وقال المسؤول الاعلامي في «حزب الله» محمد عفيف انه لدى الحزب «ما يكفي من الطائرات التي نريدها»، واضاف: «كان البيان الصادر عن المقاومة الاسلامية امس (الاول) واضحاً، اذ تحدث عن طائرات وليست مرصاد-1 الا واحدة منها».

وعن مصادر الطائرات وتوقيت ما جرى امس أجاب عفيف: «ان مسألة سلاح المقاومة كان الاسرائيليون يثيرون حولها دائماً الاسئلة والشكوك: ما هو مصدر سلاح المقاومة؟ ومن اين تحصل المقاومة على السلاح؟ وما هي نوعية السلاح المتوفر لديها؟ وما هي الكميات؟ وهذا النوع من المعلومات كان دائماً يقلق اسرائيل وكانت هناك دائماً محاولة لربط سلاح المقاومة بخارج الحدود اللبنانية. من ناحية اخرى ليس سراً ايضاً ان هنالك حرب أدمغة بين المقاومة وبين الكيان الاسرائيلي في ما يتصل بالمسائل التقنية وبالمسائل الاستخباراتية والشؤون العسكرية، غير اننا في الوقت الراهن لن نقدم اي معلومات عن الطائرة وما يوجد فيها من تفاصيل تقنية واسرار عسكرية، اما بشأن التوقيت فلا سبب محدداً له غير جهوزية الطائرة واستعدادها للتحليق والقيام بالمهام الموكلة اليها».