أسئلة حول حجم الأصول والاستثمارات المالية الفلسطينية ترافق غياب عرفات الرئيس المتقشف

سويسرا تنفي وجود حسابات سرية لديها ومصادر تتحدث عن 700 مليون دولا ر طوارئ

TT

قبل ان يحمل نعش الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على طائرة هليكوبتر فرنسية من مستشفى بيرسي في باريس، بدأت نظريات المؤامرة التي تركزت في الايام الماضية على حقيقة مرض عرفات وما اذا كان قد توفي فعليا قبل ايام وتم الانتظار لحين ترتيب جنازته الى السؤال عن اموال عرفات المخفية وماذا كانت مليارات الدولارات ستضيع مع وفاته.

واضطرت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ـ راي الى التطرق الى هذا الموضوع امس تحت ضغط الاسئلة في مؤتمر صحافي، وقالت انها لا تملك معلومات عن حسابات مصرفية سرية محتملة لياسر عرفات في سويسرا.

وخلال مؤتمر صحافي في القصر الفيدرالي في بيرن، اعربت كالمي ـ راي التي ستمثل بلادها في الجنازة الرسمية لعرفات اليوم في القاهرة عن ثقتها بان القطاع المصرفي سيتحلى باليقظة الضرورية في حال ثبت ذلك، وذلك في اشارة الى موضوع الاموال.

وكانت سويسرا ومصارفها في الايام الاخيرة موضع تكهنات بشأن اموال فلسطينية واحتمال نقلها عبر حسابات سويسرية.

وقال تقرير صندوق النقد الدولي الذي نشر العام الماضي انه تم تحويل 900 مليون دولار بين عامي 1995 و2000 من الميزانية الرئيسية للسلطة الفلسطينية الى حساب مصرفي خاص باسم عرفات.

وفي 2003 فتحت فرنسا تحقيقا تمهيديا بشأن تحويل مبالغ مالية كبيرة مجهولة المصدر الى حساب سهى عرفات زوجة الرئيس الفلسطيني الراحل في باريس.

وفتحت تحقيقات حول نقل اموال مشبوهة بين مصرف سويسري ومصرفين في باريس هما «بي ن بي» و«اراب بنك» وذلك وسط تقارير عن تحويل مبلغ 11.5 مليون يورو الى حساب سهى عرفات زوجة الرئيس الراحل التي زعمت مصادر غربية انها كانت تتقاضى 100 الف دولار كمصروف شهري لها خلال اقامتها في الخارج منذ عدة سنوات.

ونتيجة ظروف منظمة التحرير الفلسطينية والعمل السري الفلسطيني ظلت حسابات العمل الفلسطيني سرية لعقود طويلة وخاصة ما يتعلق باستثماراتها وارصدتها التي تمول منها اعمالها ولكن جويد الغصين مدير الصندوق الفلسطيني حتى عام 1996 الذي اختلف مع عرفات واحتجزه الاخير لعدة شهور في الاراضي الفلسطينية بعد ان استدرج من الخارج قدر الارصدة بين 3 و5 مليارات دولار قبل ان يترك الصندوق في عام 1996. ولم يعرف بعد ما اذا كان عرفات قد ترك وصية مالية، ولكن مصادر فلسطينية قالت ان عرفات ابلغ اجتماعا لفتح في فبراير (شباط) الماضي انه لا توجد اصول. وينفي محمد رشيد المستشار الاقتصادي للرئيس الراحل ان يكون عرفات لديه أي اموال او يملك اية اصول. وعرف عرفات بحياة التقشف الشديد ولم يعرف عنه أية مظاهر بذخ في الانفاق او الاهتمام باوضاع شخصية له. ورغم ذلك فان مجلة فوربز الاميركية وضعت اخيرا عرفات رقم 6 في قائمتها لاغنى الملوك والرؤساء بالعالم. ونسبت وسائل اعلام الى مسؤول استخبارات اسرائيلي سابق شالوم هراري ان عرفات قد وضع 700 مليون دولار كميزانية طوارئ للانفاق في الخارج في حال نفذت اسرائيل تهديداتها بطرده من الاراضي الفلسطينية بعد ان ظل محبوسا لاكثر من 3 سنوات في مبنى المقاطعة في رام الله.

وفي السبعينات والثمانينات اعتمد الصندوق الفلسطيني على اموال الدعم العربية التي قال جويد الغصين انها كانت تبلغ 200 مليون دولار سنويا منها 85 مليون دولار من السعودية. وخلال تلك الفترة كان الغصين يسلم عرفات شهريا مبلغ 10.25 مليون دولار بشيك وذلك للانفاق على المقاتلين الفلسطينيين وعائلات الشهداء الفلسطينيين ولم تكن هناك دفاتر بتوزيع هذه الاموال نظرا لظروف السرية في العمل الفلسطيني.

لكن الاموال العربية تناقصت بعد غزو العراق للكويت في عام 1990 عندما اتخذ الرئيس الفلسطيني موقفا اعتبرته الدول العربية مؤيدا لصدام حسين. وحسب مصادر عديدة فان استثمارات منظمة التحرير الفلسطينية امتدت من شركة طيران في المالديف الى شركة ملاحة في اليونان ومزارع موز في بلاد عديدة ومناجم ماس في دول افريقية وعقارات في معظم الدول العربية. وسجلت هذه الاصول باسماء شخصيات فلسطينية موثوق فيها. وفي حين تقول بعض المصادر ان معظم هذه المصالح افلست الان او ان بعض الاصول انتقلت الى ورثة هذه الشخصيات، فان تقديرات اخرى تفيد بان الاستثمارات والاصول النقدية لمنظمة التحرير الفلسطينية الان تتراوح بين 2.5 و4 مليارات دولار.

وبعد توقيع اتفاق اوسلو واقامة السلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية قدم المانحون الدوليون 6.5 مليار دولار الى السلطة الفلسطينية بين 1994 و2003 ، ووجهت انتقادات في السنوات الاخيرة خاصة من اسرائيل بان بعض هذه الاموال يستخدم في دعم الانتفاضة الفلسطينية والذين ينفذون اعمالا انتحارية، وقال الصندوق الدولي ان 900 مليون دولار من اموال المساعدات الدولية وحصة الفلسطينيين من الضرائب لم تدخل الخزانة الفلسطينية في السنوات الست الاولى بعد اقامة السلطة وذهبت الى حساب خاص لعرفات في تل ابيب. وابلغ اسحاق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتها من قبل مستشاريه بان عرفات يحتاج الى هذه الاموال لاستخدامها في اضعاف معارضي عملية السلام.

ويرفض مسؤولو الدول المانحة والصناديق الدولية مناقشة ميزانية منظمة التحرير ويقولون انهم معنيون فقط بحسابات السلطة الفلسطينية. واكد كريم نشاشيبي ممثل صندوق النقد في الاراضي الفلسطينية ان الـ 900 مليون دولار المذكورة تمت استعادتها ووضعها في الخزانة الفلسطينية التي يشرف عليها الان سلام فياض. وقد حاز فياض ثناء الدول المانحة والمؤسسات الدولية لتنظيمه الامور المالية للسلطة الفلسطينية، وقام اخيرا بخفض حاد في ميزانية مكتب عرفات من 100 مليون دولار سنويا في عام 2002 إلى 43 مليون دولار عام 2003 .