زعماء العالم ينعون «زعيما تاريخيا» ويدعون إلى الاستفادة من «منعطف في التاريخ الفلسطيني» للمضى نحو تسوية دائمة

الأمم المتحدة تنكس أعلامها في جنيف حدادا وبابا الفاتيكان يصلي على روح قائد سعى لقيادة شعبه إلى الاستقلال

TT

نعى قادة العالم في الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «زعيما تاريخشيا» للقضية الفلسطينية، و«رجل تحلى بالشجاعة والقناعة وجسد طيلة اربعين عاما نضال الفلسطينيين للاعتراف بحقوقهم الوطنية»، مؤكدين في الوقت نفسه دعمهم لايجاد تسوية سلمية وعادلة للصراع في المنطقة. كما دعوا الشعب الفلسطيني الى «التوحد في هذا المصاب». وفيما نكست اعلام المتحدة في مقراتها بجنيف، صلى بابا الفاتيكان البابا يوحنا بولس الثاني لراحة نفس الرئيس الفلسطيني. وبالرغم من الخلافات السياسية بين عرفات والكثير من العواصم الغربية حول ادارة الفلسطينيين للنزاع مع الاسرائيليين، الا ان بيانات التعازى توافدت من كل العواصم الغربية بلا استثناء. وقدمت الولايات المتحدة تعازيها الى الفلسطينيين ودعتهم الى بذل الجهود لاقرار السلام خلال مرحلة ما بعد عرفات. وقال الرئيس الاميركي جورج بوش في بيان امس «ان وفاة ياسر عرفات هي لحظة مهمة في التاريخ الفلسطيني. نعبر عن تعازينا للشعب الفلسطيني». واضاف «خلال هذه المرحلة الانتقالية التي تأتي، ندعو الناس في المنطقة والعالم الى التقدم باتجاه هدف السلام الاساسي». وعبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن تأثره لدى الاعلان عن وفاة عرفات، واكد التزام فرنسا والاتحاد الاوروبي باقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية. وقال شيراك في بيان انه «ببالغ التأثر علمت للتو بوفاة الرئيس ياسر عرفات، الرئيس الاول للسلطة الفلسطينية». وتابع ان «فرنسا مثلها مثل شركائها في الاتحاد الاوروبي ستبقى بحزم وقناعة ملتزمة برؤية قيام دولتين». واكد ان «خريطة الطريق التي اقرها عرفات تفتح الطريق امام تحقيق هذا التصور. وعلى الاسرة الدولية ان تضع كل ثقلها لتطبيقها».

* جنازة رمزية وسط لندن

* كما نعت بريطانيا عرفات، وأعرب وزير الخارجية جاك سترو في بيان امام الصحافيين امس عن عزاء بلاده للشعب الفلسطيني في وفاة ابو عمار. وقال سترو ان عرفات مثل زعيما حارب من اجل استقلال بلاده وبفقده تفقد القضية الفلسطينية زعيمها الاول. وقد أقامت حملة التضامن مع فلسطين في ميدان الطرف الاغر بوسط لندن جنازة رمزية للرئيس الفلسطينى شارك فيها المئات. وفى موسكو، اكدت روسيا ان وفاة عرفات «الزعيم الذي يتمتع بسمعة دولية واسعة» تشكل «خسارة فادحة» للشعب الفلسطيني، داعية كافة الاطراف الى تحريك المفاوضات السلمية بصورة عاجلة من اجل «الخروج من الطريق المسدود» في الشرق الاوسط. واعتبر الممثل الخاص لوزارة الخارجية الروسية لشؤون الشرق الاوسط الكسندر كالوغين ان المسألة الان تتعلق بمضاعفة سريعة للجهود من اجل تحريك المباحثات. وفى بروكسل، طالب خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي باعطاء دفعة جديدة لجهود انهاء الصراع في الشرق الاوسط واقامة دولة فلسطينية. وقال ان الاتحاد الاوروبي سيضاعف من جهوده بعد انتهاء فترة الحداد على عرفات لايجاد حل للقضية الفلسطينية. وتابع سولانا «بدأت الاتصالات مع الفلسطينيين والاسرائيليين. ومن السابق لاوانه معرفة الخطوة التالية. بالنسبة للاتحاد الاوروبي يمكنني القول اننا سنعمل مثلما عملنا في الماضي لكن الان بعزم أكبر». وقد نكس علم الامم المتحدة في المقر الاوروبي للمنظمة الدولية في جنيف حدادا على الرئيس الفلسطيني حسب الاصول المتبعة عند وفاة رئيس دولة. واكدت المتحدثة باسم المنظمة الدولية ماري هوزيه ان الامين العام للامم المتحدة «كوفي انان طلب منا تطبيق البروتوكول نفسه المعتمد لرؤساء الدول». وقد اعرب انان «عن تأثره العميق» بموت عرفات الذي كان «كان يجسد التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني».

وفي لاهاي، نعت الرئاسة الهولندية للاتحاد الأوروبي في عرفات «زعيما تاريخيا» للقضية الفلسطينية، مؤكدة في الوقت نفسه للفلسطينيين دعم الاتحاد الأوروبي في البحث عن تسوية سلمية وعادلة لهذه القضية. وقال وزير الخارجية الهولندي بن بوت متحدثا باسم الاتحاد الأوروبي انه بوفاة عرفات «فقد الفلسطينيون زعيما تاريخيا ورئيسا منتخب ديمقراطيا لم يتوان ابداً في اداء رسالته وتفانيه في خدمة القضية»، مؤكدا «دعم الاتحاد الاوروبي المستمر في السير على طريق التسوية السلمية العادلة والدائمة للنزاع» الفلسطيني الاسرائيلي.

* نعي «صانع اوسلو»

* وفى مدريد، قالت الحكومة الاسبانية في بيان ان «جاذبية الرئيس عرفات وموقعه الدولي كصانع القضية الوطنية الفلسطينية ونضاله المستمر من اجل الاعتراف بحقوق شعبه، تجعل منه احدى الشخصيات السياسية البارزة في عصرنا». وقدمت الحكومة الاسبانية تعازيها بعرفات، معبرة عن «التضامن مع الشعب الفلسطيني والسلطات الفلسطينية، ومجددة التزامها تجاه قضية السلام». كما حيت في عرفات صانع اتفاقات اوسلو. من ناحيته، رأى المستشار الالماني غيرهارد شرودر في وفاة الرئيس الفلسطيني «خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني». وقال في برقية تعزية الى رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع «لقد سعى ياسر عرفات كل حياته الى منح الفلسطينيين الاستقلال وبناء دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة. ولم يتمكن من انجاز عمله». وحيا الرئيس الايطالي كارلو ازيليو تشامبي في عرفات «رمز الامل الشرعي للشعب الفلسطيني بالكرامة وبالاعتراف بحقوقه». وقال تشامبي ان «جهدا وتصميما من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة اصبحا اليوم ضروريين اكثر من اي يوم مضى».

* اهيرن ينعى «صديقا شخصيا»

* كما اعرب رئيس الوزراء الايرلندي برتي اهيرن عن اسفه لوفاة رجل شكل «رمزا اساسيا للوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني». وقال «كان قائدا كبيرا ورجلا كبيرا. كنت اعتبره صديقا لايرلندا وصديقا شخصيا». ورأى ان العنصر الاكثر مأساوية في وفاته «انه لم يشهد ولادة ثمرة طموحه وهي دولة فلسطينية».

اما الفاتيكان فقد اعلن المتحدث باسمه ان البابا يوحنا بولس الثاني «يتعاطف مع معاناة الشعب الفلسطيني بعد وفاة رئيسه ياسر عرفات. وانه صلى لراحة نفسه». وتابع المتحدث ان البابا صلى ايضا من اجل «السلام في الاراضي المقدسة، مع دولتين مستقلتين ومتصالحتين». كما قدم الرئيس السويسري جوزف ديس تعازيه الى الشعب الفلسطيني بياسر عرفات، محييا فيه شخصية «منفتحة وكاريزماتية»، مؤكدا ان سويسرا تدعم «مبادرة جنيف» للسلام. وفي انقرة، اعرب الرئيس التركي احمد نجدت سزر عن «حزن» بلاده على وفاة رئيس السلطة الفلسطينية، مؤكدا ان تركيا مستمرة في دعم النضال من اجل استقلال الفلسطينيين. مؤكدا «ان غيابه لن يؤثر على القضية الفلسطينية، وان الشعب الفلسطيني سيختار «القائد الذي يقوده الى الاستقلال».

من ناحيته، قال وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر ان «قائدا عربيا مهما لم يعد موجودا». واضاف ان «اكبر عمل لعرفات يكمن في انه اعطى الشعب الفلسطيني ضمير شعب مرسيا قاعدة بناء دولة فلسطينية. الا ان خطأه الكبير تمثل في عدم التقاط الفرصة التي سنحت اخيرا لانشاء مثل هذه الدولة».

* قائد مقاومة ورجل دولة

* وحيت رئيسة وزراء بنغلادش خالدة ضياء الزعيم الفلسطيني، واصفة وفاته بانها «خسارة كبيرة للانسانية». ورأت ان «التزام عرفات الثابت في مواجهة القوة والتخويف والظلم يشكل رمزا لتطلعات الشعب الفلسطيني».

كما نعى وزير الخارجية النيوزيلندي فيل غوف في بيان رسمي عرفات، وقال ان ابرز ما تركه هو «حصوله على حق دولة فلسطينية بالوجود». واوضح ان هناك ما يثير «الاحترام والانتقاد في الوقت نفسه»، مشيرا الى ان فشل عرفات «يكمن في عدم نجاحه بالتحول من قائد مقاومة الى رجل دولة». وفي كوالالمبور، قال رئيس الوزراء الماليزي عبدالله احمد بدوي ان «موت ياسر عرفات يمثل ليس رحيل زعيم كبير فحسب انما ايضا منعطفا في تاريخ الشرق الاوسط». وتابع ان اسم عرفات «كان مرادفا للنضال من اجل فلسطين» وستبقى «شجاعته وتصميمه على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة كل الصعوبات، في الذاكرة». ايضا نعى الرئيس الافغاني حميد كرزاي عرفات، قائلا انه كان يتمتع بشخصية كبيرة.