أجواء من الحزن تخيم على الضفة والقطاع.. و«كتائب شهداء الأقصى» تحمل إسرائيل مسؤولية «اغتيال» عرفات

السلطة تعلن الحداد لمدة 40 يوما و«حماس» تشارك في تشييع جثمان «القائد الكبير»

TT

خيمت اجواء من الحزن الشعبي والرسمي على الضفة الغربية وقطاع غزة في اعقاب الاعلان عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «ابو عمار». ونعت القيادة الفلسطينية في بيان وجهته الى الشعب الفلسطيني والعالم الرئيس عرفات. وقال البيان «تنعى القيادة الفلسطينية، إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإنسانية جمعاء، القائد والمعلم، ابن فلسطين ورمزها، صانع حركتها الوطنية المعاصرة، وبطل كل معاركها من أجل الحرية والاستقلال، ورائدنا، وحامل رايتنا نحو المستقبل الجديد، الأخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي انتقل إلى رحمة ربه راضياً مرضياً، وذلك في الساعة الرابعة والنصف من صبيحة يوم الخميس».

واضاف البيان «لقد أغمض شهيدنا الكبير ياسر عرفات عينيه عن هذه الدنيا، وسكن قلبه الكبير وانتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها، ولكنه باقٍ بقاء هذا الشعب العظيم، لأنه كان رائد كفاحه المسلح والسياسي، وقائد مسيرته الجبارة في الطريق نحو بناء هويته الوطنية من جديد فوق أرض وطنه، ورمز تطلعه نحو إقامة دولة فلسطين المستقلة وتحرير شعبه من قيود التشرد واللجوء والاحتلال». وواصل البيان «غاب عنا اليوم ابن فتح وقائدها، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وموحدها، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبانيها، القائد العربي المكافح من أجل حرية أمته ووحدة صفها وتضامنها وتقدمها، والنجم الأبرز في سماء قوى التحرر الوطني والاستقلال في العالم». وشدد البيان على ان عرفات ترك تراثا «وطنياً وقومياً وعالمياً علينا أن نحميه، لأنه يمثل الأمل لنا في مستقبل مشرق، يضمن الحرية والتطور والسلام لشعبنا ولجميع الشعوب من حولنا». وشدد البيان على ان عرفات غادر العالم وهو حريص على وحدة شعبه «وأن يظل القسم هو القسم، وأن تستمر وحدة هذا الشعب بكل قواه وفئاته وطوائفه راسخة وطيدة، حتى نقيم دولة فلسطين المستقلة الديمقراطية والمزدهرة على أرضنا المتحررة من الاحتلال والاستيطان». من ناحية ثانية اعلن مجلس الوزراء الفلسطيني الحداد على عرفات في الاراضي الفلسطينية لمدة اربعين يوماً، يتم فيها تنكيس الاعلام في كافة ارجاء الضفة الغربية وقطاع غزة. واعلن المجلس تعطيل العمل في الدوائر الرسمية لمدة اسبوع، في حين تعطل مرافق القطاع الخاص لمدة ثلاثة ايام. الى ذلك نعت حركة «فتح» مؤسسها، واعتبرت ان رحيل عرفات يمثل «خسارة كبيرة للشعب العربي الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية وكل الأحرار والمناضلين والشرفاء في العالم». وفي بيان رسمي صادر عنها اضافت «إن الشعب الفلسطيني خسر الرئيس عرفات، في وقت أحوج ما يكون فيه إلى حكمته وشجاعته ورعايته الأبوية لكل الفلسطينيين، وخسرت فيه الأمة العربية قائداً ورائداً قومياً كبيراً وفارساً شجاعاً من خيرة وأبرز فرسانها». ودعت «فتح» جميع الفلسطينيين للعمل معاً وسوياً لتعزيز الوحدة والتلاحم والاصطفاف الوطني لحماية الوحدة الوطنية ولاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشريف. ونعت حركة الجهاد الاسلامي عرفات، وحملت الاحتلال المسؤلية الكبيرة عن وفاة عرفات جراء الحصار الطويل الذي فرضته على مقره في مدينة رام الله. واكدت الحركة في بيانها ان الرئيس عرفات مضى بعد مسيرة عطاء دامت اربعين عاما من النضال والجهاد ومقاومة اسرائيل، منوهة الى ان الجهاد الاسلامي ستبذل كل الجهد من اجل الحفاظ على وحدة هذا الشعب. من جهتها، حملت «كتائب شهداء الاقصى»، الجناح العسكري لحركة «فتح» الحكومة الاسرائيلية المسؤولية عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. واعتبرت في بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه ان اسرائيل قامت بارتكاب «جريمة اغتيال الرمز القائد ابو عمار عبر سنين الحصار الأربعة المتواصلة».

وحثت «الكتائب» قواعدها على الانتقام لاغتيال عرفات، واضاف البيان «ندعو كافة قواعد كتائب شهداء الأقصى علي طول ربوع الوطن بالنفير التام وتنفيذ كافة الأوامر الموجهة بضرب مواقع الاحتلال في كل مكان وقسماً لن تمر جريمتهم دون عقاب». ودعا البيان جميع الفصائل الفلسطينية الى «إلى رص الصفوف والتحلي بالمسؤولية التاريخية العالية وبحجم ما تستدعيه تطورات ظرف قضيتنا بعد اغتيال الأخ القائد العام أبو عمار لتفويت الفرص علي كل المتربصين والمتآمرين علي قضيتنا».

وطالبت «الكتائب» القيادة الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة «فتح» بالعمل السريع على «اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لاستنهاض الحركة ووحدتها، بما يتوازى مع حجم تضحيات قادتها ومناضليها وبحجم الأمانة الثقيلة التي تركها استشهاد القائد أبو عمار. وهاجم البيان من اسماهم بـ«العابثين المراهقين والمزايدين من مستحدثي لعبة السياسة والساسة»، الذين عانى منهم عرفات في حياته.

من ناحية ثانية نظمت «كتائب شهداء الاقصى» في مختلف ارجاء الضفة الغربية وقطاع غزة مسيرات مسلحة للتعبير عن الحزن بوفاة عرفات. وقد اطلق عناصر «الكتائب» في هذه المسيرات الاعيرة النارية. وفي محيط مقر عرفات في رام الله ردد بعض المشاركين في هذه المسيرات عبارات تنديد بكل من امين سر منظمة التحرير محمود عباس وبوزير الامن الفلسطيني الاسبق محمد دحلان. من جهتها، نعت حركة «حماس» الرئيس عرفات الذي وصفته بـ «القائد والرمز الكبير». وفي بيان رسمي صدر عنها قالت «حماس» ان عرفات «قضى جلّ حياته في خدمة القضية الفلسطينية والنضال من أجلها والدفاع عنها في المنابر الإقليمية والدولية، ولقي في سبيلها الكثير من الأذى والحصار والملاحقة والعناء». واكدت الحركة على ان «فقدان شعبنا لهذا القائد الكبير لن يزيده إلا صموداً وثباتاً ومواصلةً لنهج الجهاد والمقاومة في مواجهة العدو الصهيوني حتى تحقيق النصر والتحرير بإذن الله تعالى». الى ذلك، اعلن سامي ابو زهري الناطق الرسمي باسم الحركة ان وفداً رسمياً يمثل قيادة الحركة سيشارك في جنازة عرفات في القاهرة. واضاف ابو زهري ان «حماس» تتابع الترتيبات التي تجري في القاهرة لتشييع جثمان الرئيس عرفات في حالة الإعلان عن وفاته، وأنه سيكون لها حضور. وشدد ابو زهري على ان عرفات هو «رمز كبير من رموز الشعب الفلسطيني وعنوان أساسي من عناوين النضال الفلسطيني». واكد على ان حماس دعت جميع عناصرها ومناصريها المشاركة في كافة الترتيبات والتجهيزات والفعاليات الجماهيرية التي ترافق تشييع جثمان عرفات. وخيمت أجواء من الحزن الشديد على كافة ارجاء الضفة الغربية وقطاع غزة فور الاعلان الرسمي عن وفاة الرئيس عرفات. وعلى الرغم من ان جميع الفلسطينيين توقعوا هذا الحدث، الا ان الاعلان الرسمي عن وفاة عرفات كان له بالغ الاثر في نفوس مئات الالاف من الفلسطينيين. وانطلقت المسيرات العفوية في معظم مدن وبلدات ومخيمات الفلسطينيين للتعبير عن الحزن لوفاة عرفات. وانطلق طلاب المدارس الذين لم يتوجهوا الى مقاعد الدراسة، في مسيرات حاشدة الى مداخل المدن والمخيمات واشعلوا النار في اطر السيارات تعبيرا عن الحزن بوفاة عرفات. وفي مدينة غزة توجهت المسيرات الى المقر الرئاسي لعرفات في المدينة والذي يطلق عليه «المنتدى». ووضع الفلسطينيون في مختلف مناطق الضفة والقطاع الرايات السوداء وصور عرفات على واجهات منازلهم ومحالهم التجارية التي اغلقت، وعلى سياراتهم.

واقيمت في كل مدينة وبلدة ومخيم سرادقات للعزاء بوفاة عرفات. وتلت مكبرات الصوت في المساجد البيانات التي تنعى عرفات وتشيد بتضحياته الكبيرة لصالح الشعب الفلسطيني. وقد انضمت المساجد التي تسيطر عليها حركة حماس الى مساجد وزارة الاوقاف في نعي عرفات، كما حرصت على تريد بيانات الحركة المتعلقة بوفاة الزعيم الفلسطيني. وفي المناطق المتاخمة للمستوطنات عبر الشبان الفلسطينيون عن حزنهم بوفاة عرفات عبر قذف جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة. وقد القى شبان فلسطينيون الحجارة على جنود الاحتلال الذين كانوا يتمركزون في محيط مستوطنة «نافيه ديكاليم»، غرب مدينة خان يونس، جنوب القطاع، كما تم تسجيل عشرات عمليات القاء الحجارة في انحاء متفرقة في الضفة والقطاع وفي محيط القدس. الى ذلك، اعلنت «كتلة السلام» الاسرائيلية انها ستشارك في تشييع جثمان الرئيس عرفات في رام الله. وقال الناطق باسم الحركة آدم كلير إن وفداً يضم ما لا يقل عن عشرين شخصا من نشطاء الكتلة سيشارك في تشييع الجنازة. وحسب كلير فان الوفد سيضم بإضافة إليه، شخصيات قيادية في الكتلة، كأوري أفنيري، يتسحاق فرانكنتال والمؤرخ تيدي كاتس.

واضاف إن الكتلة تسلمت دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، بواسطة النائب العربي في الكنيست الاسرائيلي أحمد طيبي، للمشاركة في الجنازة. وأضاف كلير ان ممثلين ونشطاء اخرين من اليسار الاسرائيلي سيشاركون في تشييع الجنازة. ويذكر ان الحكومة الاسرائيلية قررت ان يوقع كل اسرايئلي يريد ان يشارك في دخول رام الله للمشاركة في تشييع الجنازة على تعهد يقر فيه بانه يتحمل المسؤولية عن سلامته الشخصية.