وزارة الخارجية الأميركية تكشف عن وثائق تدل على تورط مسؤولين أميركيين في قضية «هاليبرتون»

TT

كشفت وزارة الخارجية الاميركية امس عن وثائق تدل على ان السفير الاميركي لدى الكويت كان يضغط على مسؤولين اميركيين لإجبار شركة «هاليبرتون» الاميركية على شراء النفط من شركة كويتية يزعم انها كانت تبالغ في اسعارها.

وكان السفير الاميركي انذاك، ريتشارد جونز، قد حث شركة «هاليبرتون» على شراء نفط اضافي من شركة «التنمية» للتسويق التجاري في العام الماضي، قائلا «ان الامر في حاجة الى تصرف عاجل لكي تتمكن الشركة من مواجهة ازمة نفط في العراق، حسب الوثائق».

واكدت الوثائق ان مطالب السفير كانت تهدف الى تسوية خلاف تجاري حاد بين شركتين حول امدادات النفط. وقد اشتكت «التنمية» الكويتية من ان المسؤولين في «هاليبرتون» طالبوا بعمولات، وهربوا النفط، وفي حالة من الحالات اجبروا فندقا على شراء ساعة من طراز كارتييه مطعمة بالماس لزوجة واحد من المسؤولين. وقد اتهمت «هاليبرتون» الشركة بفشلها في تنفيذ واجباتها، طبقا لما كشفت عنه الوثائق.

واوضحت الوثائق ان السفير كتب في رسالة عبر البريد الإلكتروني في ديسمبر (كانون الأول) 2003 «رجاء ابلاغ هاليبرتون بضرورة التحرك واستكمال العقد مع الكويت الآن». واضاف في رسالته الى مسؤول اميركي لم يكشف عن هويته «قل لهم نريد استكمال العقد مع التنمية خلال 24 ساعة والا تقبل أي حجج». والجدير بالذكر ان مشتريات «هاليبرتون» النفطية من شركة «التنمية» هي الآن رهن تحقيقات جنائية فيما اذا كانت الشركة قد بالغت في اسعار النفط بمبلغ 61 مليون دولار اميركي ثمن ملايين الغالونات من النفط. وتؤكد الرسالة الإلكترونية وجهة نظر «هاليبرتون» بأنها حاولت شراء نفط ارخص من تركيا، ولكن صدرت لها تعليمات من الحكومة الاميركية بشراء النفط المرتفع الثمن من الشركة الكويتية.

كما جددت تلك الرسائل الإلكترونية مشاعر القلق بخصوص سلوك المسؤولين في «هاليبرتون» في العراق والكويت. وكانت الشركة قد طردت اثنين من موظفيها في اوائل العام الحالي بعدما علمت انهما طالبا برشاوى قيمتها 6.1 مليون دولار ضمن عقد اخر. واثارت الوثائق ايضا تساؤلات حول ما اذا كان جونز وغيره من المسؤولين الاميركيين قد اثروا على عملية التعاقد، التي من المفروض ان تكون خالية من أية ضغوط لحماية دافعي الضرائب.

وكان مسؤولون عن التعاقد في سلاح المهندسين الاميركي قد اشتكوا بخصوص تعرضهم لضغوط من مسؤولين اكبر لإصدار اوامر لشركة «هاليبرتون» بشراء نفط من شركة التنمية فقط. ولم تستجب وزارة الخارجية لمحاولات متكررة للتعليق على الموضوع. كما لم يرد جونز الذي اصبح فيما بعد مسؤولا كبيرا في سلطة التحالف المؤقتة، التي حكمت العراق قبل اعادة السيادة الى العراقيين في يونيو(حزيران)، على رسائل إلكترونية لاجراء مقابلة معه.

وذكرت ويندي هول، المتحدثة باسم «هاليبرتون»، ان الشركة لم تكن على علم بالاتهامات الموجهة ضد موظفيها من الشركة الكويتية وانها نفذت طلبات الحكومة الاميركية بشراء النفط.

واضافت المتحدثة «ان الحقائق تظهر ان شركة هاليبرتون قدمت نفطا للعراق بأفضل قيمة، وافضل سعر وافضل شروط وبطريقة متماشية تماما مع اجراءات المشتريات الحكومية».

وكان النائب هنري واكسمان (الديمقراطي) قد كشف عن بعض اجزاء الوثائق المتعلقة بعقود «هاليبرتون» لشراء النفط والواقفة في حوالي 400 صفحة. وقد تم شطب اسم المسؤول الاميركي الذي بعث اليه جونز بالرسالة الإلكترونية. وطالب جونز بضرورة عقد اجتماع للجنة الاصلاح الحكومي في مجلس النواب لجلسات استماع حول الاتهامات الجديدة.

وقال مسؤول ان توم ديفز، عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري ورئيس اللجنة، كان ينظر الطلب لكنه لا يزال بصدد مراجعة الوثائق.

ويقدم البريد الإلكتروني للسفير الاميركي عن تفاصيل حول الفوضى والعجلة التي صاحبت عقد الوقود الذي وصلت قيمته الى 7 مليارات دولار عندما منح لشركة «هاليبرتون» في مارس (آذار) 2001 من دون منافسة من جهة اخرى. وكانت الشركة قد وقعت بعد وقت قليل من الغزو عقدا ثانويا لشراء الوقود لتوصيله الى العراق من شركة «التنمية» الكويتية التي تفتقر الى أي خبرة سابقة في التزويد بالنفط. وبنهاية صيف العام الماضي دخلت الشركات في نزاع حول ما اذا كانت شركة «التنمية» قد اوفت بالتزاماتها في الاتفاق، فيما كانت شركة «هاليبرتون» تبحث في نفس الوقت عن شركات اخرى لامدادات الوقود.

وطبقا لما ورد في بعض الوثائق فإن شركة «التنمية» تقدمت بشكوى الى السفارة الاميركية في الكويت جاء فيها ان «هاليبرتون» تحاول اقصاءها من المنافسة في الحصول على عطاء لأنها رفضت منح رشاوى لمسؤولين تنفيذيين في الشركة.

مسؤولو شركة «التنمية» الكويتية اتهموا من جانبهم مسؤولي «هاليبرتون» بتهريب النفط العراقي الى اسواق مجاورة، إلا ان المدير العام لشركة «التنمية»، وليد الحميدي، نفى في وقت لاحق ان يكون أي من منسوبي «هاليبرتون» قد طلب بصورة مباشرة أي «اعتبارات خارج نطاق العقد المبرم». واتهمت شركة «التنمية» مسؤولا في «هاليبرتون» بطلب ساعة كارتييه لزوجته من واحد من المقاولين الثانويين. إلا ان متحدثة باسم الشركة قالت ان الساعة التي تبلغ قيمتها 2600 دولار قد سرقت من فندق كان مخصصا لموظفي «هاليبرتون» وأن الموظف طلب فقط استبدالها.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»