أطفال فلسطينيون يتساءلون عمن قتل عرفات وفرنسا ترفض نشر التقرير الطبي حول أسباب الوفاة

TT

في وقت أعلنت فيه فرنسا انها لن تنشر التقرير الطبي النهائي حول أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وستسلمه فقط إلى أقربائه من الدرجة الأولى، تظاهر أكثر من 3000 طفل فلسطيني أمام قبر الرئيس الراحل في مقر المقاطعة في رام الله، مطالبين القيادة الفلسطينية بالإعلان عن سبب وفاته وهم يهتفون«من سم عرفات؟».

وحمل الأطفال، الذين جاء معظمهم من مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية، لافتات كتب عليها «من قتل أبانا؟»، وردد الأطفال هتافا يقول«من رام الله إلى باريس من دس السم للرئيس؟». وقال جهاد محمود، 13 عاما، وهو يقف قرب ضريح عرفات المغطى بأكاليل من الزهور«ما حصل للرئيس غدر أسرائيلي، وأنا متأكد أن الرئيس مات مسموما». واستطرد قائلا «ياسر لم يمت، فهو شمعة مضيئة في قلوبنا». وقال عبد الناصر عياد، أحد منظمي المسيرة «تساورنا الشكوك حول سبب وفاة الرئيس ونطلب من القيادة ضرورة الكشف عن التقرير الطبي».

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع (أبو علاء)، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، قد طلبا أول من أمس، رسيما من فرنسا تزويدهما بالتقرير الطبي ومعلومات كاملة تفصل أسباب الوفاة. وقال عباس أول من أمس«نحن نعمل مع جميع الأطراف المعنية للحصول على تقرير كامل عن الأسباب الحقيقية لمرض الرئيس ياسر عرفات والسبب المباشر الذي قاد إلى وفاته... عرفات ليس شخصا عاديا فهو القائد والرمز للشعب الفلسطيني وليس لدينا أي شك في أن الجانب الفرنسي سيتعاون إلى أقصى حد في هذا الموضوع».

وجاء في كتاب رئيس الوزراء (أبو علاء): «إننا نطالب الحكومة الفرنسية بتسليمنا الملف الطبي الكامل حول وفاة ياسر عرفات وظروف وفاته». وشكر أبو علاء الفرنسيين على العلاج الذي قدموه لعرفات، مطالبا في الوقت ذاته بتسليم الملف الطبي للفلسطينيين بأسرع وقت ممكن. وجاء الرد الفرنسي على غير ما تشتهيه السلطة الفلسطينية، حسب ما قاله مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط». وأضاف المسؤول: «استغرب من الرد الفرنسي بعد كل ما فعلته فرنسا من أجل الرئيس عرفات». وتابع المسؤول القول «إن سهى عرفات، أرملة الرئيس الراحل، أبلغت أعضاء الوفد الفلسطيني الذي زاره في باريس ومن بينهم أبو مازن وأبو علاء، أن يتصرفوا بما يرونه مناسبا». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في عددها الإلكتروني أمس، عن وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه، قوله إن التقرير الطبي الخاص بالرئيس الراحل عرفات، سيُسلم فقط لأقربائه من الدرجة الأولى، إذا طلبوا ذلك. هذا هو القانون وهذه هي المبادئ». وبموجب هذه التصريحات، فإنه يحق لسهى عرفات فقط، أرملة الرئيس، الحصول على التقرير الطبي من مستشفى «بيرسي» العسكري الذي توفي فيه عرفات في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وفي رده على سؤال وجهه إليه راديو «أوروبا ـ 1» الفرنسي حول ما إذا كان يمكن لسهى عرفات الحصول على التقرير ومن ثم نشره، قال بارنييه: «من حق عائلة عرفات فعل ما تراه مناسباً بالتقرير»، وأوضح ان «هذه القاعدة تحمي كل المواطنين، المشهورين والمجهولين»، موضحا أن «الملف الطبي لعرفات سينقل حسب القانون والقواعد إلى أصحاب الحق الذين يطلبونه».

وقال بارنييه إن الحكومة الفرنسية لن تفعل أي شيء بمبادرة منها في هذا الموضوع. وأعرب عن دهشته لمطالبة الفلسطينيين بنشر التقرير في أعقاب اتهامهم لإسرائيل بتسميم عرفات، حسب ما نشرته وسائل إعلام عربية، على لسان طبيب عرفات، أشرف الكردي، مثلاً، وأوضح بارنييه قائلاً: «سمعت نظيري الفلسطيني، نبيل شعث، يقول إن نظرية التسميم لا تمت إلى الواقع بصلة، ولا يمكنني أن أضيف أي شيء، وإنما تكرار ما قاله».

إلى ذلك طالب نائب فرنسي أمس بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في أسباب وفاة الرئيس عرفات. وبرر النائب عن باريس كلود غواسغين العضو في اتحاد الأغلبية الرئاسية الحاكم لوكالة الصحافة الفرنسية، هذا الطلب بضرورة قطع الطريق على الاشاعات المتعلقة بموت عرفات، موضحا أن «الغموض» الذي يحيط بظروف وفاته، يمكن أن يكون «ضارا». وتابع «انها ليست مجرد مشكلة طبية».