«بتسيلم» الإسرائيلية تصف المحكمة العليا بـ«خاتم مطاطي» بيد الحكومة ودعم تبريراتها لجرائم الحرب ضد الفلسطينيين

TT

في تقرير لم يسبق أن أصدرت مثيلا له في القوة والحدة، خرجت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية (بتسيلم) باتهامات خطيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية هدمه البيوت الفلسطينية بطريقة إجرامية، وباتهامات أخطر لأعلى هيئة قضائية في إسرائيل، وهي محكمة العدل العليا «التي غدت خاتما مطاطيا بيد الجيش». ويتناول هذا التقرير السنوي مختلف قضايا القمع والبطش الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، لكنه يركز هذه السنة على سياسة هدم البيوت بشكل خاص، فيقول إن الجيش ووزارة الدفاع وكل الناطقين بلسان الحكومة، يخدعون الجمهور الإسرائيلي والرأي العام في هذه القضية، فيكذبون في المعلومات التي يقدمونها ولا يقولون الحقيقة، والهيئات الرقابية لا تكلف نفسها عناء فحص المعلومات وتتحول إلى جزء من الخداع والتضليل. والمحاكم تثق بأولئك المضللين، مع أنها سبق واكتشفت أنهم كاذبون ولا يجوز الوثوق بمعلوماتهم. ويطرح التقرير مجموعة من الحقائق التي تؤكد هذا الموقف على النحو التالي:

ـ خلال فترة الانتفاضة الفلسطينية (أي من سبتمبر (أيلول) 2000)، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدم 4100 بيت فلسطيني، أي ضعفي العدد الذي يعلنه مكتب الناطقة بلسان الجيش. وأدى هذا الهدم إلى تشريد 28 ألف فلسطيني عن بيوتهم.

ـ من تلك البيوت، 628 بيتا هدمت كعقاب لأصحابها بدعوى أنهم شاركوا في عمليات إرهابية ضد إسرائيل. وأجرت المنظمة تحقيقا معمقا في هذه الإدعاءات فوجدت أنها في معظمها غير صحيحة، وأن هناك شبهات لم تمتحن في القضاء النزيه بشأن 333 شخصا من مجموع 3983 تضرروا من الهدم، أي أنها عاقبت 3650 شخصا بريئا من سكان تلك البيوت. ولكن الأنكى من ذلك هو أنها هدمت 295 بيتا، بدعوى الاتهام المذكور، وتبين من التحقيق أن أي فرد من سكانها لم يشتبه بشيء ولم توجه اليه تهمة ولم يفتح ضده حتى ملف تحقيق.

ـ البيوت البقية وعددها 3400 بيت هدمت من دون أي جرم ولا حتى الاشتباه بوجود جرم. بعضها قيل إنها بنيت بدون ترخيص ومعظمها هدمت لمزاعم أمنية مثل الحاجة إلى تجريف حتى لا يتعرض الجنود إلى كمائن أو توسيع ممرات الجيش ليصبح عرض الشارع 40 مترا، كما هو الحال على الشريط الحدودي في رفح.

ـ الجيش الإسرائيلي يزعم في المحاكم عادة انه ينذر أصحاب البيوت قبل هدمها بمدة كافية لأن يفرغوا محتوياتها. لكن التقرير المذكور يكشف أن هذا غير صحيح، وأن الجيش أعطى انذارا كهذا فعلا فقط في 3% من الحالات، بينما في 97% من الحالات لم يسمح لهم بإفراغ البيوت فهدمها على ما فيها من أثاث وتحويشة عمر.

ـ يؤكد التقرير أن سياسة هدم البيوت هذه تعتبرا خرقا فظا للقانون الدولي، بل انها جرائم حرب.

ـ يقول التقرير إن محكمة العدل العليا الإسرائيلية تحاول التهرب من مواجهة هذا الخرق للقانون، بمختلف الطرق الالتوائية، «ولهذا فقد جعلت من نفسها خاتما مطاطيا للسياسة الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي». وهذه أول مرة تستخدم فيها منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل اتهامات مباشرة كهذه ضد المحكمة العليا الإسرائيلية. وردت قيادة الجيش الإسرائيلي على هذا التقرير بغضب واستعلاء فقالت إن وظيفة الجيش الإسرائيلي هي الحفاظ على أمن المواطنين الإسرائيليين من الإرهاب الفلسطيني وعندما تنوي هدم بيت تدرس الموضوع من كل جانبه. ولم يتأخر رد «بتسيلم» على ذلك فقالت: «لا يوجد لدينا نقاش حول حق إسرائيل في مكافحة الإرهاب، الذي يعتبر هو الآخر جريمة حرب، لكن الجيش الإسرائيلي يستطيع محاربة الإرهاب من دون أن يخرق القانون الدولي ومن دون أن يعاقب الأبرياء».