الجنرال شارون أراد اعتقال رئيس وأعضاء الحكومة لإجبارهم على شن حرب 1967

فضيحة تاريخية في السياسة الإسرائيلية

TT

كشف النقاب في تل أبيب أمس، عن فضيحة سياسية عسكرية كبرى في السياسة الإسرائيلية لعام 1967، «بطلها» رئيس الحكومة الحالي، الذي كان في ذاك الوقت جنرالا في الجيش وقائدا لأحد الألوية الحربية المدرعة، وكان قد اقترح إجبار الحكومة الإسرائيلية، برئاسة ليفي أشكول، على شن الحرب العدوانية على كل من سورية ومصر والأردن. يذكر أن الحكومة الإسرائيلية آنذاك كانت مترددة جدا في شن حرب كبرى كهذه، وكان العديد من الوزراء قد أفصحوا عن رأيهم بأن مثل هذه الحرب مغامرة خطيرة تهدد مستقبل إسرائيل كله، ورأى آخرون أنها حرب غير ضرورية لأن الجيوش العربية التي كانت تهدد إسرائيل لم تكن جادة بذلك، وهناك من يردعها في العالم. إلا أن جنرالات الجيش، وفي مقدمتهم رئيس الأركان اسحق رابين، والجنرال ارييل شارون، والجنرال رحبعام زئيفي، (وزير السياحة الذي قتل سنة 2001 في فندق في القدس المحتلة) وغيرهم، أرادوا هذه الحرب بكل شدة وتوقعوا نتائجها الفعلية، التي أسفرت عن احتلال الجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء بالكامل. وصدر في إسرائيل أمس، كتاب جديد بعنوان «أشكول.. اعط الأوامر»، تأليف عامي جلوسكا، يتحدث عن تلك الحقبة والصراعات الدائرة فيها، ويكشف أن الجنرالات كانوا مستعدين في ذلك الوقت لفرض هذه الحرب رغم أنف الحكومة. وجلوسكا، باحث في دائرة التاريخ في الجيش الإسرائيلي، وهو ضابط كبير برتبة عقيد، أتيح له الإطلاع على جميع بروتوكولات الحكومة ولجنة الخارجية والأمن البرلمانية وهيئة أركان الجيش، كما أطلع على الأرشيف الخاص الذي أقامته مريم أشكول لزوجها في فترة رئاسته للحكومة.

ويكشف في هذه الكتاب أن شارون بالذات، كان أكثر الجنرالات ضغطا على رئيس الأركان، حتى يفرض الحرب فرضا، فقد تكلم ثلاث مرات مع رابين بهذا الخصوص وبدا جادا للغاية في ما يقول عن اعتقال أعضاء الحكومة ورئيسها «تعال ندخلهم في غرفة نغلق عليهم الباب ونعلن الحرب من دون إذنهم. وعندما نعلن الحرب على الارض، تذهب أنت إلى الإذاعة والتلفزيون وتعلن اننا اضطررنا إلى هذه الحرب. وعندئذ تطلق سراحهم فيجدون الحرب أمرا واقعا ويضطرون إلى الدفاع عنها». ويقول جلوسكا إن رابين لم يرفض الفكرة ولم يعترض عليها، كما انه لم يبد موافقة عليها، بل انه كان مقتنع بهذه الحرب أصلا وكانت لديه أسباب أخرى إضافة إلى أسباب الجنرالات الآخرين، منها انه كان قد سافر إلى إيران قبل شهر من تلك الحرب، أي في مايو (أيار) 1967، والتقى الشاه نفسه فطلب منه هذا أن يجد طريقة تضطر الجيش المصري المرابط في اليمن إلى العودة إلى مصر لوقف الحرب هناك. فقد رأى الشاه في الوجود المصري في اليمن بداية لامتداد ناصري (نسبة إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر) خطير يهدد دول الخليج العربي وإيران نفسها، وحاول أن يفهم رابين أن مثل هذا الخطر يهدد مصلحة إسرائيل أيضا، وأن هناك مصلحة إيرانية ـ إسرائيلية مشتركة لإشغال الجيش المصري في أماكن أخرى، وإشغال سورية حتى لا تساند مصر. فتحدث رابين أمامه لأول مرة عن فكرته لشن حرب على سورية ومصر.

ولهذا عاد رابين بقرار واضح هو أن حربا كهذه على سورية ومصر، تقدم خدمة استراتيجية لإسرائيل وللعالم الغربي بأسره. وتحدث في ذلك إلى ليفي أشكول، رئيس الحكومة.

يذكر أن أشكول اقتنع في حينه بضرورة الحرب وأجازها من دون الحاجة إلى اعتقاله أو اعتقال وزرائه، وذلك نتيجة لسماعه أراء مسؤولين غربيين أيضا وليس فقط جنرالاته المتشددين. لكن الكتاب المذكور لا يتطرق إلى هذا الموضوع، ويقتصر على البحث في الموضوع من جانبه العسكري.