المغرب: هيئات حقوقية تدقق في مفهوم سياقات خرق حقوق الإنسان في ندوة تنظم بالرباط يومي 19 و20 نوفمبر

TT

تتفاوت الى حد ما، النظرة الى ما يسمى في المغرب حاليا «ملف ماضي انتهاكات حقوق الانسان» بين الهيئات والجمعيات الحقوقية الناشطة في هذا المجال، سواء المستقلة عن الدولة او التي لها صلة ما بها، مثل هيئة الحقيقة والانصاف المكملة لعمل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، والتي يرأس امانتها العامة، ادريس بنزكري، وتضم في عضويتها حقوقيين ومهتمين بملف حقوق الانسان، ومعتقلين، ومحكومين سابقين. ويتجلى التفاوت في المعنى المقصود بالسياقات التاريخية التي رافقت خرق حقوق الانسان في المغرب، بين هيئتين هما: الحقيقة والانصاف التي ستنظم ابتداء من منتصف الشهر المقبل، جلسات استماع عمومية بواسطة اجهزة الاعلام، يدلي خلالها المتضررون بشهادات عن معاناتهم، وفق منهجية محددة وضعتها الهيئة، التي ستخصص الى جانب ذلك برامج اعلامية توضيحية موازية. فيما سيفرد برنامج خاص لمقاربة ملف الزعيم اليساري، المهدي بنبركة، بالنظر الى الاشكالات الخاصة المحيطة بقضية اختطافه، واختفاء كل اثر له حتى الآن، والتي بدأت تجلو بالتقسيط في السنوات الاخيرة. وآخر ما تم في هذا الصدد اعلان وزارة الدفاع الفرنسية رفع طابع السرية عن 73 وثيقة متصلة باختطاف بنبركة في وسط العاصمة الفرنسية يوم 29 اكتوبر (تشرين الاول) 1965 .

وفي سياق تميز كل منظمة حقوقية مغربية باسهامها الفقهي والقانوني، في كشف حقيقة واسرار التجاوزات التي مست الحريات الفردية والجماعية في فترة تاريخية، لا تكتفي الجمعية المغربية لحقوق الانسان على سبيل المثال بالدعوة الى اماطة اللثام، وتجلية اسرار ملابسات وتفاصيل ما جرى، بل تطالب بانزال العقاب ومحاكمة العناصر المسؤولة عن التعذيب والتعدي على حقوق الانسان، حتى يكون عقابهم عبرة للآخرين، لكن ذات الجمعية تلطف مواقفها في لجنة المتابعة التي تضم ايضا، المنظمة المغربية لحقوق الانسان، ومنتدى الحقيقة والانصاف (جمعيتان مستقلتان). وتدعم المنظمة الاولى التي تصف نفسها بالقوة الاقتراحية كل مجهود يتوخى تصفية الملف ولا تأخذ مكان القضاء إذ أنها تؤمن بمسؤولية الدولة لكنها لا تعارض لجوء الافراد الى العدالة. وفي هذا الصدد، دعت المنظمة لندوة بالرباط يومي 19 و20 من الشهر الجاري لدراسة موضوع تحليل السياقات التاريخية لماضي الانتهاكات الجسيمة بالمغرب.

وقال بيان المنظمة، ان تنظيم الندوة يندرج ضمن اطار المجهودات المبذولة وطنيا من اجل اماطة اللثام عن ملف ظل والى وقت غير بعيد تحيطه الكثير من نقط الغموض، مبرزة مقاربة الموضوع في هذا الظرف السياسي المتمثل في انشاء هيئة الانصاف والمصالحة. وتبحث ندوة المنظمة المغربية عن اجوبة عن تساؤلات من قبيل، ما هي السياقات العامة التي حدثت فيها مختلف الانتهاكات منذ الاستقلال؟ وما هي اهم قضايا الصراع السياسي التي ادت الى ذلك، وكذا تجليات الانتهاكات والمستويات التي شكلت مجالا لها.

ويتوقع المنظمون ان تسفر اشغال الندوة عن توصيات واقتراحات يمكن ان تتبناها او تستأنس بها هيئة الانصاف والمصالحة، قبل الشروع في تنظيم جلسات الاستماع العمومي الى المتضررين، لتصدر فيما بعد تقريرها النهائي عن خروقات حقوق الانسان، في غضون العام المقبل، حيث تنتهي المهمة المحدثة من اجلها. وتعكس الحيوية والمساهمات المتعددة ومعالجة الموضوع من مختلف زواياه القانونية والسياسية والاجتماعية وحتى النفسية، اتفاقا ضمنيا بين الدولة والمجتمع المدني والاحزاب السياسية وخاصة تلك التي ادى المنتسبون اليها فاتورة النضال، على الطي النهائي للملف حتى تزال كل العوائق الحائلة من دون ارساء دولة الحق والقانون.