نائب الرئيس السوداني وقرنق يخاطبان اليوم جلسة مجلس الأمن ويوقعان «إعلانا» مشتركا يتعهدان فيه بالتوصل إلى سلام قبل نهاية العام

مجلس الأمن يعقد اليوم اجتماعا تاريخيا في نيروبي لدفع السلام في جنوب السودان ودارفور

TT

يعقد مجلس الامن الدولي اليوم اجتماعا نادرا وتاريخيا في العاصمة الكينية نيروبي هو الثاني له خارج مقره النيويوركي، يعقد في القارة الافريقية منذ انشائه. وسيخصص الاجتماع الذي يستمر يومين لمناقشة قضية السلام فى السودان، في محاولة لدفع الجهود بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان للتوصل الى اتفاق شامل ونهائي يضع حدا للحرب الطويلة فى الجنوب الممتدة لاكثر من 21 عاما.

وسيتحدث كل من نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق في جلسة مجلس الامن اليوم، ويوقعان اعلانا مشتركا يتعهدان فيه التوصل الى اتفاق سلام قبل نهاية العام، بحسب مصادر دبلوماسية في نيروبي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

ويشكل هذا الاجتماع الاستثنائي لمجلس الامن خارج مقر المنظمة الدولية في نيويورك بطلب من الولايات المتحدة التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس هذا الشهر، جهدا اضافيا من قبل الاسرة الدولية ومن الاميركيين خصوصا، من اجل ممارسة الضغط على طرفي النزاع لتحقيق السلام. واعلنت الحكومة السودانية والحركة الشعبية امس انهما على وشك توقيع اتفاق سلام شامل لانهاء حرب الجنوب قبل نهاية العام.

وطبقا لمصادر من الامم المتحدة في الخرطوم تحدثت لـ«الشرق الاوسط» امس فان اجتماع نيروبي التاريخي حول السودان «لن يصدر عقوبات على السودان»، لكنه يسعى للمساهمة في الخروج برؤية واضحة تساهم في اكمال عملية السلام في الجنوب والغرب (دارفور).

ويستمع مجلس الامن في جلساته الي مشروع قرار بريطاني حول عملية السلام في السودان وفقا لمسودة المشروع التي تقدم به مندوبها في المجلس خلال الايام الماضية، كما يناقش المجلس تقريرا قدمه له جان برونك ممثل الامين العام للامم المتحدة في السودان قبل اسبوعين عن الاوضاع في دارفور يتضمن الدعوة لزيادة اعداد قوات المراقبة الافريقية في اقليم دارفور.

من جهتها اكدت الحكومة السودانية والحركة الشعبية ان التوصل الى اتفاق سلام بينهما بات وشيكا. واعلن المتحدث باسم الحركة ياسر عرمان ان قائد الحركة جون قرنق قال اول من امس للرئيس الاميركي جورج بوش «انها مسألة ايام» بدءا من موعد استئناف المحادثات المتوقع في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

واكد المتحدث باسم الوفد السوداني الى المحادثات سعيد الخطيب «اني من هذا الرأي. لا اعتقد ان لدينا مشاكل لا يمكن حلها في غضون ايام او اسبوع». واضاف «نأمل في ان تساعد الاسرة الدولية ولا سيما مجلس الامن الدولي، في بلوغ هذا الهدف مع القرار الذي سوف تعتمده» غدا الجمعة على الارجح.

وكان الرئيس الاميركي جورج بوش اجرى اول من امس محادثات منفصلة مع الرئيس السوداني عمر البشير وقرنق للضغط من اجل التوصل سريعا الى اتفاق سلام، حسبما ذكر البيت الابيض.

* الخرطوم ترحب

* ورحبت الحكومة السودانية بالاجتماع، واعتبرته خطوة تسهم في تسوية الاوضاع في السودان. وقالت انه يأتي في اتجاه تشجيع وتأكيد مسار السلام في السودان. وتشارك الحكومة بوفد يرأسه علي عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس وكبار المفاوضين الحكوميين في مفاوضات نيفاشا وابوجا. ويضم الوفد الدكتور مجذوب الخليفة وزير الزراعة الاتحادي وكبير المفاوضين الحكوميين في مفاوضات ابوجا حول دارفور، وسيد الخطيب عضو الوفد الحكومي المفاوض في نيفاشا، ووفد من وزارة الخارجية السودانية على رأسه د. مطرف صديف وكيل الوزارة والسفير بهاء الدين حنفي.

وتشير التقارير المتداولة في الخرطوم الى ان «حركتي التمرد في دارفور سيكون لهما وجود في نيروبي لمراقبة الاجتماع عن كثب»، وتشارك مصر التي تتولى ملف المفاوضات مع التجمع المعارض بوفد برئاسة احمد ابو الغيط وزير الخارجية. ويحمل الوفد السوداني مذكرة اضافية توضح موقف السودان وتأييده للسلام ومطالبته للمجتمع الدولي بتوخي العدالة في اصدار الاحكام التي يسعي بها لوقف الخروقات والعمل علي تسريع عملية السلام بجنوب البلاد.

وقال الدكتور مجذوب الخليفة للصحافيين في مطار الخرطوم قبيل توجهه الى نيروبي مساء امس ان حكومته ترحب بالاجتماع وتنظر اليه بمثابة خطوة يجب ان تساهم في عملية التسوية السلمية في السودان، وتمنى ان يعطى الاجتماع دفعة لعملية السلام لتكتمل في مساراتها الثلاثة «نيفاشا والقاهرة وابوجا» قبل نهاية العام الحالي. واضاف ان الاجتماع سيدفع ببعض الالتزامات الدولية للتنمية في السودان لما بعد السلام. وانتهز الخليفة الفرصة ليطالب المجتمع الدولي بادانة ارهاب «الجماعات المسلحة في السودان والاعمال التي تنفذها جماعات غير مسؤولة» في اشارة الى «متمردي دارفور» ومن ارتكبوا حادث تفجير انبوب النفط السوداني اول من امس شرق الخرطوم من قبل مجهولين رغم ان الاصابع الحكومية تشير الى الحركات المعارضة التي تنطلق من اريتريا المجاورة .

ويخاطب طه جلسة مجلس الامن التاريخية، وقال وزير الدولة برئاسة الجمهورية يحيى حسين في تصريحات صحافية ان طه سيقدم تنويرا للمجلس حول اخر تطورات عملية السلام في نيفاشا. واضاف ان جلسة مجلس الامن تأتي في اتجاه تشجيع وتأكيد مسار السلام في السودان.

* جلسات مجلس الأمن خارج مقره

* وسيكون اجتماع مجلس الأمن الدولي اليوم في نيروبي هو الرابع الذي يعقده المجلس خارج مقره بنيويورك منذ العام 1952. وكان عقد في العام 1972 اجتماع في اديس ابابا من 28 يناير (كانون الثاني) الى الرابع من فبراير (شباط) لبحث الوضع في القارة الافريقية استجابة لدعوة منظمة الوحدة الافريقية التي اصبحت حاليا الاتحاد الافريقي. وقد اتخذ المجلس انذاك قرارات بشأن ناميبيا (جنوب غربي افريقيا انذاك) والفصل العنصري والاراضي الافريقية الخاضعة للاحتلال البرتغالي. وقد استخدمت بريطانيا الفيتو على مشروع قرار بشأن روديسيا (زيمبابوي حاليا). كما اجتمع المجلس في العام 1973 في بنما من 15 الى 21 مارس (اذار) بناء على عرض تقدم به مندوب بنما خلال اجتماع اديس ابابا.

وفي العام 1990 اجتمع مجلس الامن في جنيف لبحث الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذه المناسبة القى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كلمة امام المجلس. وفي بدايات الامم المتحدة عقد المجلس اجتماعات اخرى خارج نيويورك. في لندن العام 1946. وفي باريس اعوام 1948 و1851 و1952 .