متطوعون عراقيون يبدأون برفع جثث القتلى ودفنها

TT

الفلوجة (العراق) ـ ا.ف.ب: سار عراقي أشيب بين الجثث وهو يرتدي قفازات بلاستيكية بيضاء غطتها دماء قتلى الفلوجة وهو يتمتم بالدعاء لأرواح أصحاب الجثث بينما كان ينقلها الى شاحنة برتقالية اللون.

واخذ المتطوع يردد «رحمهم الله واسكنهم جناته»، أثناء مشاركته في اليوم الثاني لجمع الجثث في المدينة التي سيطر الجيش الأميركي على معظم أحيائها بعد قتال ضار مع المسلحين. وعثر المتطوع على جثث داخل البيوت وعلى الأسطح وأخرى مدفونة في ساحات المنازل الأمامية في شمال غربي الفلوجة التي ألحقت بها المعارك دمارا كبيرا.

وقتل مئات ممن يشتبه في انهم من المقاتلين في المعارك التي نشبت الاسبوع الماضي بين القوات الاميركية والمسلحين، وقد تركت جثث المتمردين لتتعفن في شوارع المدينة. ويقدر الجيش الأميركي عدد المسلحين الذين قتلوا في الفلوجة بحوالى 1200 قتيل. ولم ترد أرقام رسمية لأعداد القتلى من المدنيين.

ويتعين إزالة الجثث قبل ان يبدأ سكان الفلوجة بالعودة إليها بعد ان فروا منها بسبب القتال.

وقام فريق الخدمات الإنسانية التابع لقوات المارينز بحشد عدد من الناس من مدينة الصقلاوية المجاورة للتخلص من الجثث ودفنها وفقا للشريعة الإسلامية.

وقال الكولونيل ليونارد فرانشيسكي الذي يقود الفرق المدنية التابعة للكتيبة القتالية الاولى «لقد وافق العراقيون على تشكيل فريق عمل للتخلص من جثث القتلى إيمانا منهم بان ذلك هو ما يجب عمله وسيدفنوهم حسب الشريعة الاسلامية».

وتوجهت عربتان مدرعتان اميركيتان الى احدى نقاط التفتيش شمال الفلوجة حيث كانت بانتظارهما شاحنتا «بيك-اب» وشاحنة برتقالية ضخمة. وبحزن جلس حوالي 20 رجلا جاءوا من دائرة الصحة في الصقلاوية في تلك الشاحنات بانتظار نقلهم الى الفلوجة. وعلى مسافة غير بعيدة من نقطة التفتيش تم دفن اول 22 جثة نقلت الاحد الماضي في قبر في سهل صحراوي. وقف محمد علي،32 عاما، على ظهر شاحنة بيضاء وقد امتلأت عيناه بالحزن فيما كان يستعد للقيام بتلك المهمة الصعبة. ورغم انه لم يكن هناك أي من افراد أسرته في الفلوجة الا انه كان يشعر بأسى شديد، وقال «انهم عراقيون ونحن عراقيون»، الا انه رفض الإدلاء برأيه حول الهجوم على الفلوجة واكتفى بالتعبير عن تسليمه بما وقع وقال «انها النهاية نفسها لكل حرب: الكثير من الجثث».

وتوجهت المجموعة الى المدينة التي اخترقتها القذائف الرصاص واحرقت النيران مبانيها ومساكنها.

وخارج احد المنازل كانت توجد جثة متفحمة وممزقة. وأخذ خمسة رجال يرتدون القفازات والأقنعة الطبية الخضراء بالبحث في جيوب صاحب الجثة للعثور على ما يثبت هويته وغطوها ببطانية زرقاء وحملوها في كيس أسود. ولكن قبل ان يغلقوا الكيس وقعت قنبلة يدوية من أحدى جيوب القتيل.

وقام احد العراقيين بكتابة الملاحظات في دفتر أزرق بينما قام آخر بالتقاط الصور حتى تتمكن عائلات القتلى من التعرف عليهم فيما بعد. وكتبوا على الكيس بدهان بخاخ باللون الأحمر الرقم 23 . وكان المكلفون برفع الجثث يدخنون السجائر ويضعون في أنوفهم قطع القطن بسبب الروائح الكريهة وكانوا يرددون باستمرار كلمة «الله الله». وردد ستة منهم وظهورهم محنية وهم يسيرون بسرعة حاملين أكياس الجثث السوداء الى الشاحنات «الله اكبر الله اكبر».

وانتهى النهار برفع 14 جثة ونقلها الى المقبرة. وسيعود المتطوعون مرة أخرى في اليوم التالي لمواصلة مهمتهم الثقيلة.

ويتوقع دي فرانشيسكي ان يبلغ عدد الجثث في منطقة الجولان شمال غربي الفلوجة 600 جثة.

واثناء رفع جثث من قبر مؤقت في ساحة أمامية، قال دي فرانشسكي «ربما يستغرق رفع الجثث وقتا. كم من الوقت استغرق تنظيف مركز التجارة العالمي. قد يتمكن رجال المارينز من القيام بذلك بشكل أسرع ولكن على العراقيين القيام بذلك. هذا هو الصواب».