إطلاق النار على جريح أعزل في جامع بالفلوجة يثير ضجة قوية

حادث آخر يوسع الشق بين أميركا والعالم العربي والإسلامي

TT

اعادت قنوات التلفزيون العربية أول من أمس بث الصور التلفزيونية التي ظهر فيها احد جنود المارينز الاميركيين وهو يطلق النار على مقاتل أعزل وجريح في جامع بالفلوجة، ما اثار غضب العراقيين وحفز على توجيه نداءات من جماعات حقوق الانسان لاجراء تحقيق واسع في السلوك الأميركي اثناء الحرب. واظهر الشريط عنصر المارينز وهو يصرخ بأن المسلح الجريح الاعزل يتظاهر كذبا بالموت، ثم يرفع بندقيته ويطلق الناء على رأس الجريح من مسافة قريبة.

وأثار اطلاق النار لدى كثير من العراقيين المشاعر ذاتها التي أثارتها صور فضيحة سجن ابو غريب. ووصف بعض العراقيين عملية قتل المسلح الأعزل باعتبارها مثالا على جرائم الحرب الأميركية التي تحدث دون أن تشير اليها التقارير.

وقالت نيران محمد، 53 عاما، «اذا كانوا قادرين على القيام بهذا أمام الكاميرا فتصور ما يفعلونه خلفها». وأضافت المواطنة العراقية التي كانت مع أطفالها في محل للآيس كريم «ان ذلك يظهر ان المارينز ليسوا افضل ممن يسمونهم الارهابيين. ان نواياهم الحقيقية تصبح أكثر وضوحا».

وقال خبراء قانونيون عسكريون ان الظروف المخففة قد تكون عاملا في الحادث الذي ارتكبه جندي المارينز الذي نقل من وحدته في اطار اجراء التحقيق، ورفض الجيش الكشف عن هويته. وقال متحدث باسم قوات المارينز ان الجندي كان قد اصيب في وجهه في اليوم السابق ولكنه عاد الى المعركة وكان صديق له قد قتل.

وقال يوجين فيدل رئيس المعهد القومي للعدالة العسكرية والشريك في مؤسسة قانونية بواشنطن متخصصة في الدفاع عن العسكريين ان «الأشرطة والصور يمكن أن تكون مضللة. يمكنها أن تصور الأحداث في ضوء خداع».

وقال تشوك بلانتشارد، المستشار العام السابق في الجيش، ان الجيش سيأخذ بالحسبان الطبيعة الخطرة للمعركة في الفلوجة. لكنه اضاف انه «اذا ما اعتقدوا انه انتهاك لما أبلغ جنود المارينز به حول التعامل مع اسرى الحرب في ميدان القتال فانهم سيكونون صارمين مع هذا الجندي».

وصور الحادث فريق من محطة «إن بي سي» التلفزيونية الاميركية كان يرافق الكتيبة الأولى التابعة للفوج الثالث التي كانت بين كثير من الكتائب التي حاولت استعادة المدينة من ايدي المسلحين المناهضين.

وأفاد كيفن سايتس مراسل «ان بي سي» ان وحدة مختلفة من المارينز كانت قد اقتحمت الجامع يوم الجمعة الماضي وقتلت 10 مسلحين مناهضين وجرحت خمسة آخرين. وعالجت الوحدة الجرحى قبل أن تستمر في حركتها. وقالت تقارير ان أربعة من الرجال الجرحى ربما كانوا قد قتلوا باطلاق الرصاص عليهم ثانية يوم السبت الماضي. وفي تقرير على موقع المحطة التلفزيونية على الانترنت قال سايتس ان جندي المارينز لاحظ ان أحد الجرحى كان ما يزال يتنفس، ثم اطلق عليه النار بعد أن قال انه يتظاهر بالموت. وأضاف سايتس انه عندما ابلغ جندي المارينز بأن الرجل الذي أطلق عليه النار كان اسير حرب جريحا أجاب الجندي «لا أعرف يا سيدي، لا أعرف». وقال الجنرال جون ساتلر، قائد القوة الأولى الاستطلاعية في قوات المارينز، في تصريح له «نحن نتبع القانون الخاص بالنزاع المسلح ونلزم أنفسنا بأعلى معايير المسؤولية. وستجري متابعة شاملة ودقيقة لحقائق هذه القضية من أجل التوصل الى قرار مدروس وحماية حقوق جميع الأشخاص المعنيين».

وعبر تشارلز بينا المحلل العسكري في معهد لايبريشن كاتو عن قلقه من أن الحادث الذي غطت أخباره على تأكيد قوات المارينز من أنها فرضت أول من امس سيطرتها على الفلوجة، يمكن ان يشوه بصورة أكبر صورة الولايات المتحدة بين العراقيين والعرب الآخرين، وقال «تحديدا بعد فضيحة أبو غريب لم نعد نتمتع بمستوى من الثقة والمصداقية بالنسبة للكثير من الناس في العالم العربي والعالم الاسلامي. ومن المؤكد أن هذا لا يساعدنا على تحقيق ما نريد معهم». وحمل اليستير هودغيت المتحدث باسم منظمة العفو الدولية ادارة الرئيس جورج بوش المسؤولية عن عدم الالتزام بصرامة بمعاهدات جنيف في ملاحقتها للمتطرفين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية.

وقبل شن قوات المارينز الهجوم على الفلوجة استخدم القادة العسكريون الأميركيون ومسؤولو الحكومة العراقية لغة غاضبة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»