رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية لـ («الشرق الاوسط») : هيئات عراقية طلبت نقل تجربة المغرب في معالجة انتهاكات الماضي والاستفادة منها

بنزكري: الـ«سي آي إيه» لم تفرج عن وثائق مهمة ذات صلة باختفاء بن بركة

TT

قال إدريس بنزكري، رئيس هيئة الانصاف والمصالحة في المغرب (هيئة استشارية لدى الملك محمد السادس)، ان هيئات حقوقية عراقية، لم يسمها، تقدمت بطلب الى الهيئة المغربية لنقل تجربتها في معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بالعراق.

وأكد بنزكري في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» انه التقى خبراء عراقيين متخصصين في الدفاع عن حقوق الانسان، منهم منفيون بالمغرب وبدول أخرى على عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، وكذا خبراء المركز الدولي للعدالة الانتقالية.

وأوضح بنزكري ان الاشكالية التي تعترض تلك المنظمات لنقل تجربة المغرب للطي النهائي لما جرى سابقا من انتهاكات، تتجلى في هيمنة الجانب السياسي على الحقوقي، إذ أبدى بعض أعضاء تلك المنظمات بما فيها المركز الدولي للعدالة الانتقالية تخوفات من ان تتحول معالجة القضايا الحقوقية على عهد الرئيس السابق الى تصفية حسابات شخصية أكثر من كونها محاكمة للنظام، كما انها لم تحسم في تحديد الفترة التاريخية التي يجب الحديث فيها عن الانتهاكات.

وحول رأي الهيئة المغربية فيما يرجع الى رفع وزارة الدفاع الفرنسية السرية عن 73 وثيقة، تخص اختطاف الزعيم السياسي اليساري الراحل المهدي بن بركة، ثمن بنزكري هذه المبادرة ووصفها بـ«الايجابية»، مشيرا الى انه لم يطلع بعد على طبيعة ومحتويات تلك الوثائق.

وقال بنزكري ان الوثائق ستكون مفيدة لأسرة الراحل المهدي بن بركة، وللعائلة الحقوقية، ولقاضي التحقيق الفرنسي الذي يباشر الملف، إذ من الممكن ان تكشف على جوانب أمنية خاصة بالدولة الفرنسية، ودور بعض الدول الأجنبية فيما جرى للمواطن المغربي بن بركة.

وكشف بنزكري انه اشتغل مند ثلاث سنوات على هذا الملف مع جمعية اميركية في واشنطن، متخصصة في حقوق الانسان، لكنه لم يكشف عن اسمها.

واوضح بنزكري ان الجانبين توصلا الى ان المخابرات الأميركية «سي أي إيه» تخفي الكثير من المعلومات حول قضية اختطاف واغتيال بن بركة، مؤكدا وجود وثائق تضم بين صفحاتها فقرات كاشفة عن حقائق، تم التشطيب عليها من قبل مسؤولي «سي آي إيه»، وقد تكون تلك الفقرات أدلة دامغة تثبت ما جرى لبن بركة منذ 39 سنة.

الى ذلك، قال بنزكري ان هيئة الانصاف والمصالحة بصدد وضع اللمسات الأخيرة لبدء عملية جلسات الاستماع العمومي والعلني، التي ستنقل على شاشات التلفزيون المغربي، وتذاع على أمواج الإذاعة، وتبث عبر الموقع الإلكتروني للهيئة، للمنتهكة حقوقهم في الماضي، معتبرا انها لن تكون لحظة تلذذ لسماع تلك الحكايات بل وسيلة للتعبير عن معاناة الأفراد الذين تعرضوا للتعذيب والاعتقال القسري والاختطاف ولكل أشكال الجور والظلم، وذلك لجبر الضرر ورفع الحيف عنهم معنويا، وضمان عدم تكرار ما جرى مستقبلا، ووسيلة تربوية للمواطن لاحترام حقوق الانسان بالمغرب.

وأضاف بنزكري، الذي كان يتحدث الى الصحافة بالرباط، أول من أمس، ان الهيئة قررت ان يشارك في الجلسات العلنية، التي تحضرها الصحافة المغربية والدولية، خبراء في التاريخ والسوسيولوجيا لمناقشة السياق التاريخي للأحداث التي تؤرخ لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بالمغرب، في الفترة الممتدة ما بين 1956 و1999.

ومن جهته، قال عبد الحق مصدق منسق وحدة الاستقبال بهيئة الانصاف والمصالحة، ان الوحدة استقبلت حتى الان ما يزيد عن 4200 حالة بمعدل 25 حالة في اليوم، التي تريد ان يتم الاستماع الى معاناتها علنية، مشيرا الى ان القائمين على تلك الوحدة يرشحون الراغبين في المشاركة طبقا لمعايير موضوعية. وقال عبد الاله شهيد، منسق وحدة شبكة جمع المعطيات، ان الهيئة تعتمد جميع المصادر المتوفرة للتحقق من البيانات التي تقدم بها المنتهكة حقوقهم في الماضي، بدءا من تعريف الضحية، وتحديد هويته، والتحقق من واضعي الطلب، هل هم من ذوي الحقوق، اومن قبل المحامي، أو من خلال المعطيات المقدمة من طرف المنظمات الحقوقية أو الشهود، وتحديد تاريخ الاعتقال، ومكانه، والممارسات الدالة على التعذيب، وأنواعها المختلفة، تم تحديد نوع الضرر، والتأكد من صحة البيانات المقدمة بعديا، من خلال إجراء مقارنات بين المعطيات المتوفرة. وإدخال ذلك في الكومبيوتر على شكل استبيان مدقق.

وأعلن الطبيب محمد النشناش، عضو الهيئة، ان حوالي 9200 حالة من أصل 22 ألفا التي طلبت التعويض المادي والمعنوي، أكدت تعرضها لآلام شديدة ومعاناة كثيرة جسدية ونفسية، معربا عن أمله في ان تلعب الوحدة الطبية التي يشرف عليها في التخفيف من وطأة الآلام للمشاركين في جلسات الاستماع العمومية.