استئناف مفاوضات «اللمسات النهائية» لسلام السودان والأمم المتحدة تحمل متمردي دارفور مسؤولية العنف

أوروبا ترسل مبعوثا إلى نيفاشا للضغط لتحقيق نتائج سريعة

TT

في الوقت الذي استؤنفت فيه مفاوضات «اللمسات النهائية» حول وقف دائم لإطلاق النار وإعداد سبل ترجمة اتفاق السلام في السودان من مجرد حبر على ورق إلى واقع على الأرض، حملت الأمم المتحدة متمردي دارفور المسؤولية لعدم وفائهم بوعودهم بإنهاء العنف في غرب السودان، فيما تعتزم أوروبا الضغط لتحقيق نتائج سريعة للمفاوضات، محذرة من أن العنف في دارفور تفاقم منذ إبرام الاتفاق الأمني. ففي مدينة نيفاشا الكينية، استأنفت الحكومة السودانية ومتمردو الجنوب محادثات السلام أمس مع اقتراب موعد انتهاء مهلة لانهاء القتال في أطول حرب أهلية في أفريقيا يوم 31 ديسمبر (كانون الاول) المقبل.

وكانت الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان قد تعهدتا أمام مجلس الامن الدولي في الاسبوع الماضي بإنهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ 21 عاما بحلول نهاية ديسمبر.

وتهدف الجولة الاخيرة الى وضع اللمسات النهائية لوقف دائم لاطلاق النار وإعداد سبل تحويل اتفاق السلام إلى حقيقة.

وحث لازاروس سومبيو، وهو جنرال كيني متقاعد يعمل كوسيط رئيسي في المحادثات التي تجري في المنتجع الكيني الذي يقع شمالي نيروبي المندوبين، على الالتزام بالمهلة.

ووفقا لبيان وزع على الصحافيين، فإن سومبيو قال لمفاوضي الطرفين «تحتاج الاطراف الى تحديد العناصر الرئيسية في كل اتفاق والتأكيد على الاولويات من اجل تشكيل الرؤية المشتركة الرئيسية لتنفيذ الاتفاق».

ولم يسمح لوسائل الاعلام بدخول مقر الاجتماع الذي اعد له برنامج يستمر أربعة اسابيع للمفاوضات.

يذكر أن الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان أحرزتا تقدما كبيرا نحو اتفاق سلام، لكن المواعيد التي وعد بموجبها الجانبان بالتوصل الى اتفاق نهائي تم تجاوزها مرات عديدة منذ العام الماضي.

وقال مسؤول بالحركة «كان يتعين ان نوقع اتفاقا شاملا منذ وقت طويل مضى، لكن الخرطوم تعرقل ذلك»، ومن ناحيتها نفت الخرطوم اتهامات سابقة مماثلة.

ومن المعروف أن مجلس الامن، الذي عقد جلسة استثنائية في نيروبي لدفع عملية السلام الى الامام، وعد بتقديم دعم سياسي واقتصادي بمجرد ان ينهي السودان حرب الجنوب وصراع منفصل في إقليم دارفور في غرب البلاد.

ويقول بعض المحللين إن القتال في دارفور أدى الى تباطؤ احراز تقدم نحو التوصل الى اتفاق في الجنوب. ودفع القتال الامم المتحدة الى اعلان ان هذه المنطقة تعاني من اسوأ أزمة انسانية في العالم.

غير أنه لا تزال توجد قضايا عالقة يتعين معالجتها بواسطة مفاوضين على مستوى أقل من لجانبين قبل ان يعود النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان طه وجون قرنق قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان للاجتماعات في الخامس من الشهر المقبل.

ويأتي على قمة جدول الاعمال تمويل قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان التي لن تدمج في الجيش السوداني والكيفية التي ستقدم بها الحكومة مدفوعات من ايرادات النفط الى الجنوب.

ويقول محللون انه ما زالت هناك حاجة الى خطة متسقة لمستقبل السودان أكثر من الخطة الانتقالية الحالية التي ستؤدي الى اجراء استفتاء على استقلال الجنوب. ويقول ديفيد موزيرسكي الخبير في مجموعة الازمة الدولية «هناك حاجة الى رؤية للاتجاه الذي سيتحرك فيه السودان والشكل الذي سيصبح عليه». في الوقت نفسه، قال مبعوث الامم المتحدة لدى الخرطوم يان برونك أول من أمس، إن العالم يجب ان يجعل متمردي دارفور يتحملون المسؤولية عن عدم الوفاء بوعودهم بانهاء العنف في المنطقة الواقعة بغرب السودان.

إلا أن برونك لم يحدد الاجراءات التي ينبغي اتخاذها. غير أن تعليقاته تشير الى تشدد الامم المتحدة في موقفها من المتمردين الذين كان ينظر اليهم بدرجة كبيرة على انهم الطرف المغلوب على أمره منذ ان شنوا تمردا على حكومة الخرطوم في اوائل عام 2003 .

وكانت جماعتا التمرد الرئيسيتان، جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، قد بدأتا قتال حكومة الخرطوم اوائل عام 2003 بعد سنوات من الصراع بين طوائف أغلبها من المزارعين الافارقة وجماعات ينتمي الجزء الاكبر منها للبدو العرب.

وقال برونك للصحافيين عقب الاجتماع مع وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط في القاهرة «اعتقد حقيقة انه يتعين على المجتمع الدولي ان يحملهم المسؤولية عن عدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية وتعهداتهم».

وكان برونك قد حمل يوم الاربعاء الماضي المتمردين المسؤولية عن القتال العنيف الذي اندلع في الآونة الاخيرة في ولاية شمال دارفور وقال انهم انتهكوا بروتوكولات الامن التي وقعت منذ اسبوعين في نيجيريا.

من ناحيتها ادانت هولندا، التي ترأس الاتحاد الاوروبي حاليا، هجمات جيش تحرير السودان على بلدة طويلة في شمال دارفور ومعسكر اللاجئين في كالما وهجمات الحكومة السودانية على قرية تاديت، وحثت الجانبين على الالتزام باتفاقات وقف اطلاق النار.

وقال برنار بوت وزير الخارجية الهولندي «تسببت الانتهاكات في توقف العمليات الانسانية مما أدى الى زيادة معاناة السكان من المدنيين».

وتتهم حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان الخرطوم باهمال دارفور وتسليح ميليشيات عربية تعرف بالجنجويد لتنهب وتحرق قرى غير العرب في المنطقة.

وتقول الخرطوم انها جندت بعض الميليشيات لمحاربة المتمردين ولكنها تنفي أي صلة لها بميليشيات الجنجويد واصفة اياهم بانهم خارجون على القانون.

وفي نيروبي، اعلن مصدر رسمي ان المفوض الاوروبي للتنمية لويه ميشال سيتوجه الاسبوع المقبل الى كينيا حيث سيدعو للتوصل الى نتيجة سريعة في مفاوضات السلام الجارية بين الفصائل السودانية.

واوضح المصدر ان ميشال سيصل الاثنين مقبلا من السودان وسيلتقي على الفور الجنرال لازارو سومبيوو رئيس وفد الوساطة الكيني بين ممثلي الخرطوم ومتمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان.