غزة: الجيش الإسرائيلي يهدم مبنى في مستعمرة والمستوطنون يردّون بالاعتداء على الجنود

TT

أقدمت قوّة من الجيش الإسرائيلي على تنفيذ تجربة للإخلاء الاستيطاني المتوقع في إطار خطة الفصل، وعبرت التجربة بنجاح، الا أنها ترافقت مع مقاومة شديدة وعنيفة من المستوطنين في قطاع غزة المحتل. وبناء على ذلك قرر الجيش ان يدرس هذه التجربة بعمق ويستخلص النتائج الضرورية منها.

وتمّت التجربة في منزل قرب مستوطنة نفي دوكاليم في منطقة المواصي الساحلية في جنوب قطاع غزة، بناه المستوطنون قبل حوالي سنة على أرض فلسطينية خاصة وبدأوا يستخدمونه كنيسا. باسم «كنيس تفئيرت يسرائيل»، أي كنيس مفخرة اسرائيل. والاسم فضلا عن مغزاه السياسي، يتألف من اسمي مستوطنين كانا قد قتلا خلال عمليتين فلسطينيتين مسلحتين وهما تفئيرت رتنر ويسرائيل لوتاتي. وفي حينه ادعوا انهم يعملون بموجب السياسة الاستيطانية التي ربّاهم عليها رئيس الوزراء الحالي، أرييل شارون، «عندما كان لا يزال مخلصا لأرض إسرائيل». لكن الحكومة اعتبرتها واحدة من البؤر الاستيطانية «غير الشرعية» التي أقامها المستوطنون من دون إذن الحكومة وتطالب الولايات المتحدة شارون بإزالتها فورا. وتوجهت قيادة الجيش الإسرائيلي عدة مرات إلى المستوطنين طالبة هدم المبنى لكنها ووجهت برفضهم، لذلك قررت هدمه بالقوة. وانتظرت الظرف الملائم لذلك.

وجاء هذا الوقت «الملائم» في الأسبوع الماضي، إذ أدت الأمطار الغزيرة والعواصف إلى تفكك عدة أجزاء من المبنى الخشبي، فقرر الجيش أن يأتي على ما تبقى منه بعملية سرية حددت لها الساعة الخامسة من مساء أول من أمس. وكما يبدو فإنه كان هناك حرص على تسريب النبأ للمستوطنين. فعندما حضرت قوات الهدم العسكرية إلى المكان، فوجئت بوجود حوالي 200 مستوطن، أكثر من ثلثهم من الفتيات كما لوحظ وجود عدد كبير من «شبيبة التلال» (شبيبة المستوطنات المتطرفة المنتشرين بالأساس في المستوطنات القائمة قرب نابلس والخليل، وهم معروفون بالتطرف الشديد، بعضهم يمارسون الإرهاب الدموي ضد الفلسطينيين وبعضهم يكتفون بالاعتداءات الجسدية أو سرقة محصول الزيتون).

وحاول الجيش التعامل معهم بكل صبر وأناة، لكن ذلك لم يكن مجديا. وعندما بدأ يهدم المبنى لم يتورعوا عن الاعتداء على الجنود. وقاموا بتمزيق عجلات السيارات العسكرية وإغلاق الطرق أمام تقدم الجنود. وفي الوقت نفسه بدأت فرقة منهم في إعادة ما هدم. وبعد معركة دامت أكثر من 3 ساعات تمكنت القوات العسكرية من السيطرة على الموقف واعتقلت بعض المحتجين.

وفي تقويم داخلي للجيش لما جرى، نشر أمس أن قيادة الجيش مسرورة من النتيجة النهائية، حيث أن المبنى المهدم جزئيا قد هدم بالكامل، إلا أن هناك قلقا من شدة المقاومة ومن قدوم مستوطنين من الضفة بهذه السرعة واستعدادهم لكل شيء في مقاومة الجيش من دون محرمات.

وقال مصدر عسكري إن خطورة هذه المقاومة تكمن في شيء لم يحصل، بالصدفة «فتصوّروا لو أن الفلسطينيين حاولوا استغلال الموقف لتنفيذ اعتداء علينا أو على المستوطنين. فلو حدث ذلك، لما تمكنا من ملاحقتهم ولكانت وقعث كارثة».

ورد قادة المستوطنة على ذلك بأنها «محاولة بائسة من الجيش لتبرير الرد القاسي الفظ على المقاومة الشرعية للإخلاء».

جدير بالذكر أن شارون، أبدى أمس مرونة في الموقف إزاء الإخلاء التام لقطاع غزة. فقد صرح بأنه إذا تعهد المصريون بوقف عمليات التهريب من مصر إلى رفح الفلسطينية فان إسرائيل ستنسحب من كل القطاع، بما في ذلك الشريط الحدودي المعروف باسم «فيلادلفي» بين غزة ومصر. واعتبر هذا التصريح استقبالا جيدا للوفد المصري الذي سيصل إلى إسرائيل يوم الأربعاء المقبل، ويضم وزير الخارجية، احمد أبو الغيط، ووزير الأمن الداخلي، عمر سليمان، وستقتصر الزيارة على إسرائيل فقط.