القائم بالأعمال الإيراني: ليست هناك مشكلة

تعليقا على قضية التجسس الإيرانية في القاهرة:

TT

«لا مشكلة»، كانت هذه هي العبارة الوحيدة التي رد بها داريوش صولت رئيس شعبة رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة ثلاث مرات متتالية باللغة الإنجليزية، على محاولات «الشرق الأوسط» الحصول منه على أول تعليق رسمي حول اتهام السلطات المصرية لأحد عناصر الحرس الثوري الإيراني، بأنه استغل ما بين عامي 1998 و2001 وظيفته الدبلوماسية كملحق إداري بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة في تجنيد مواطن مصري آخر للقيام بأنشطة مناوئة للمصالح المصرية من جهة، وللتأثير سلبا على العلاقات المصرية السعودية من جهة أخرى.

وامتنع داريوش عن التعليق على ما تنشره وسائل الإعلام المصرية في هذا الصدد، وقال: «لا يوجد ما أقوله، لدينا أمور أكثر أهمية مما نقرأه»، قبل أن يغلق هاتفه النقال أمام عشرات الاستفسارات والاتصالات التي انهالت عليه من ممثلي مختلف وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في القاهرة.

وتدار العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران من خلال شعبة لرعاية المصالح في القاهرة وطهران، حيث تحتفظ إيران ببعثة دبلوماسية محدودة تتكون من سبعة موظفين ما بين دبلوماسي وإداري برئاسة داريوش صولت القائم مؤقتا بأعمال بعثة رعاية المصالح الإيرانية خلفا لسلفه خسرو شاهي الذي يتولى منذ سنوات رئيس جمعية الصداقة الإيرانية المصرية.

وأكد خبراء مصريون في الشؤون الإيرانية أن العلاقات المصرية الإيرانية عادت مجددا إلى ما وصفوه بالمربع صفر، في إشارة واضحة إلى استبعاد أي تحسن محتمل في هذه العلاقات.

وأوضح هؤلاء أن قضية التجسس الإيرانية، ستكون لها تداعيات سلبية على مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية بشكل عام على نحو قد يبدد الآمال التي انتعشت مؤخرا بقرب استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين القاهرة وطهران منذ نحو ربع قرن.

وتوقع السفير أحمد الغمراوي رئيس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية أن تطلب مصر رسميا من إيران وعبر القنوات الدبلوماسية تفسيرا لما حدث ولكشف كافة الملابسات المحيطة به، معتبرا أنه ما زال من المبكر الحديث عن إدانة المتهمين في هذه القضية من دون صدور حكم نهائي بشأنها من القضاء المصري المشهود له بالعدل والنزاهة. وبعدما لاحظ أن المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته، أوضح أن تورط عناصر من الحرس الثوري الإيراني في هذه القضية لا يعنى أن إيران الرسمية، وتحديدا جناح الإصلاحيين المعتدل الذي يقوده الرئيس الإيراني محمد خاتمي، موافق على القيام بأية أنشطة مناوئة للمصالح المصرية أو المساس بأمن مصر القومي والإقليمي.

وشدد على أن فكر الحرس الثوري يواجه انتقادات حتى داخل إيران التي تسعى لإقناع الجميع بأنها تخلت عمليا عن فكرة تصدير مبادئ الثورة الإيرانية إلى الخارج، مشيرا إلى أن الرئيس الإيراني تحدث في كلمته أمام الأمم المتحدة مؤخرا عن الالتقاء وليس الصراع بين مختلف الحضارات.

وأضاف انه لا ينبغي القفز فوق النتائج قبل أن يصدر القضاء المصري حكمه القاطع بشأن هذه القضية، لافتا الانتباه إلى أنه يجب التعامل مع إيران بمنطق عقلاني كما يحدث الآن من تحسن ملموس في العلاقات التي كانت مجمدة ومتوترة بين مصر وإسرائيل وعدم نسيان ما تحقق من تقدم حتى الآن في مسيرة العلاقات المصرية الإيرانية.

واتهم من وصفها بالصهيونية العالمية بأنها تسعى إلى ضرب المسلمين بعضهم ببعض وزرع الفرقة والفتنة بين العرب وإيران.

ومن جهته قال الدكتور مصطفى اللباد رئيس تحرير مجلة شرق نامة المتخصصة في الشؤون الإيرانية والتركية إن خطر الكشف عن تفاصيل عملية التجسس الإيرانية أنها تعد ثاني عملية من نوعها تكشف عنها السلطات المصرية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما أحبطت الأجهزة الأمنية محاولة مماثلة، مؤكدا أن هذه المحاولة الجدية ستكون لها تداعيات سلبية على مستقبل ومجمل العلاقات المصرية الإيرانية.

وقال مثل هذه القضايا لا تلفق وثمة صراع داخل إيران بين المؤيدين والمعارضين لعودة العلاقات مع مصر، مشيرا إلى أن الملف الأمني ما يزال يمثل إحدى نقاط الخلاف الجوهرية بين القاهرة وطهران على الرغم من الزيارة التاريخية التي قام بها وزير الداخلية المصري إلى إيران في نهاية الشهر الماضي لحضور الاجتماع الذي عقده وزراء داخلية الدول المجاورة للعراق بالإضافة إلى مصر لتدارس تطورات الوضع الأمني في العراق. وأعرب عن تشاؤمه إزاء إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين مصر وإيران منذ عام 1979 خلال الأشهر القليلة المقبلة، مؤكدا أن عودة العلاقات ستتأثر وتتأخر الى أجل غير مسمى في ظل تصاعد المخاوف الأمنية المصرية تجاه إيران.