تقارير محاسبية عالمية: الاحتلال الأميركي لا يراقب العقود ويسمح بالسرقة الصريحة للأموال العراقية

TT

افاد محللون ومراجعات حسابات مالية متعددة صدرت أخيرا في الولايات المتحدة، بان الادارة الأميركية للاقتصاد العراقي تعاني من مخالفات وفساد وفشل وسوء ادارة لمليارات الدولارات.

ووفق تقرير صدر اخيرا عن «مراقبة ايرادات العراق»، التابعة لمنظمة «المجتمع المفتوح» التي يشرف عليها الملياردير الأميركي جورج سورس، فان المخالفات المحاسبية ونقص الاشراف على العقود كانت امرا معتادا في ظل سلطة التحالف المؤقتة التي قادتها الولايات المتحدة وادارت الاموال المخصصة لاعادة اعمار العراق ووضعت الخطط الاقتصادية التي تسير على خطاها الحكومة المؤقتة الحالية التي تدعمها واشنطن.

وكانت لسلطة التحالف المؤقتة السيطرة الكاملة على الاقتصاد العراقي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس (اذار) 2003 وحتى يونيو (حزيران) 2004 عندما تولت المسؤولية الحكومة العراقية المؤقتة.

وقالت جولي مكارثي، القائمة بأعمال مدير «مراقبة ايرادات العراق»، وهي جماعة يوجد مقرها في نيويورك تراقب الشؤون المالية للعراق «ميراث سلطة التحالف المؤقتة من الممارسات المحاسبية السيئة نموذج رديء للحكومات العراقية الحالية والمستقبلية».

واضافت مكارثي في احدث تقرير للجماعة صدر الاربعاء الماضي «حقيقة ان المؤسسات العامة العراقية التي بدأت تتبلور في هذا المناخ من الاهمال، تثير مخاوف خطيرة بشأن صحة انظمة الادارة المالية التي تتبعها الحكومة العراقية الحالية».

وتتلقى «مراقبة ايرادات العراق» تمويلا من قطب وول ستريت السابق جورج سوروس الذي تردد انه انفق 18 مليون دولار من امواله خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية الاخيرة في محاولة لمنع الرئيس جورج دبليو بوش من البقاء في منصبه.

وتقول الجماعة في تقريرها الاخير انه «تحت ادارة سلطة التحالف المؤقتة سمح بمئات المخالفات في دفع اموال لاعادة اعمار العراق. ودفعت الجماعة بان الحكومة الأميركية اخفقت ايضا في اقامة نظام ادارة مالية يتسم بالشفافية في الدولة المحتلة».

وايدت جماعات مراقبة مستقلة اخرى ومحاسبون ومراجعون في تقارير اطلعت على نصها الاصلي «الشرق الاوسط»، هذه التصريحات وتلك النتائج.

واطلعت «الشرق الاوسط» على تقرير صدر في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي واعلن أخيرا عن «المجلس الدولي للاستشارة والمراقبة» التابع للامم المتحدة افاد فيه بانه وجد امثلة عديدة أيضا على سوء الادارة خلال الشهور الستة الاخيرة من ادارة سلطة التحالف المؤقتة باعتبارها الوصي الفعلي على الاقتصاد العراقي.

وتقول تقارير تدقيق الحسابات المالية للمجلس ان هذه المخالفات تشمل نقص العطاءات التنافسية على العقود الكبيرة وقلة معلومات العقود ودفع اموال مقابل عقود لم تخضع للاشراف وفي بعض الحالات سرقة صريحة.

واشار المجلس الى ان سلطة الاحتلال اشرفت على انفاق اكثر من اربعة مليارات دولار من الايرادات العراقية خلال فترة ادارتها.

كما اظهرت تقارير تدقيق الحسابات المالية للمجلس ان سلطة الائتلاف المؤقتة لم تتخذ اجراءات كافية لمراقبة تهريب النفط والسيطرة عليه خلال المراحل الاخيرة من ادارتها بالرغم من نصيحة المجلس لها في مارس 2004 بانشاء جهاز للمراقبة.

كما تقول تقارير المجلس الدولي للاستشارة والمراقبة التابع للامم المتحدة انه خلال الأشهر الستة الاخيرة من ادارتها لم تبذل سلطة الائتلاف المؤقتة ما يكفي لضمان ان كافة ايرادات مبيعات النفط ينتهي بها المطاف فعليا الى صندوق التنمية الخاص بالعراق. وكان الصندوق قد تأسس بقرار من مجلس الأمن الدولي لحماية ومراقبة عائدات النفط العراقي واموال اخرى مخصصة لجهود الاعمار.

ومن الانحرافات في ادارة سلطة التحالف المؤقتة للايرادات العراقية حالة تمت فيها الموافقة على عقد بالرغم من الاعتراضات الصريحة للممثل العراقي الوحيد في مجلس الانفاق. وتشمل الامثلة الاخرى استخدام سلطة التحالف المؤقتة اموال اعادة الاعمار في اغراض محظورة بموجب القوانين التشريعية تحت الاحتلال.

وعلى سبيل المثال خصص 1.4 مليار دولار من الاموال العراقية بصورة غير مشروعة في برنامج لاعادة شراء اسلحة كان يفترض ان تدفعه الحكومة الأميركية مباشرة لا ان يأتي من الاموال العراقية.

كما اشار التقرير الى مدفوعات بقيمة 1.4 مليار دولار في الايام الاخيرة من ادارة سلطة التحالف المؤقتة قدمت الى وزارة المالية العراقية تحت بند «مدفوعات منقولة» في الميزانية.

واضاف التقرير انه وفي اكثر من 110 حالات تتعلق باعمال تقدر باكثر من 19 مليون دولار لم يتسن العثور على تقارير او مستندات مؤيدة اخرى كان يجب ان تصف الخدمات التي جرى الحصول عليها مقابل عقود موقعة واموال مدفوعة.

وكانت الادارة المالية للاحتلال الأميركي للعراق محل انتقادات واسعة من جانب كثير من المراقبين.

ويقول المراقبون ان واشنطن خالفت قواعد معروفة للمحاسبة والعطاءات الدولية كي تحقق المنفعة لشركات ومؤسسات أميركية قريبة من الادارة اليمينية للرئيس جورج بوش.

وعلى سبيل المثال وجهت اتهامات بالمغالاة في اسعار الخدمات لشركة «هاليبرتون» الأميركية العملاقة التي حصلت على عقود بقيمة 8.2 مليار دولار من وزارة الدفاع لتقديم خدمات معاونة مثل توفير الوجبات والمأوى والغسيل ووصلات الإنترنت للجنود الأميركيين.

وما زالت الشركة التي رأسها يوما نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، محورا لكل من تحقيق جنائي في مزاعم بالتلاعب في اسعار الوقود وتحقيق اجراه أخيرا مكتب التحقيقات الاتحادي في محاباة محتملة من جانب ادارة بوش. وينفي مسؤولو «هاليبرتون» هذه المزاعم ويقولون انهم يتعاونون مع كافة التحقيقات.