تركيا تأمل بدء مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي خلال شهور وترفض الشرط القبرصي

أوروبا لا تريد التفكير في احتمالات فشل المفاوضات مع أنقرة

TT

أعلن رئيس الحكومة التركية، رجب طيب اردوغان، رفض بلاده الدعوة التي وجهها رئيس المفوضية الاوروبية، خوسيه مانويل دوراو باروسو، الى انقرة للاعتراف بجمهورية قبرص قبل القمة الاوروبية الاسبوع المقبل، وذلك لتعزيز فرص تصويت الاتحاد الاوروبي لصالح بدء المفاوضات الرسمية مع تركيا. غير ان اردوغان عبر مع ذلك عن امله في بدء المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي في النصف الاول من العام المقبل. وذكر اردوغان في تصريحات على هامش مشاركته في اجتماعات الاتحاد الاوروبي في بروكسل، ان قادة دول الاتحاد اكدوا منذ عامين ان المحادثات ستبدأ «بدون ابطاء». وقال ان «عبارة بدون ابطاء مهمة جدا، ويفترض الا تعني برأيي مدة طويلة جدا. لذلك يجب ان تبدأ مفاوضات الانضمام بعد القمة». واضاف ان «فكرتنا هي ان المفاوضات يجب ان تبدأ في النصف الاول من 2005».

واختتم اردوغان زيارته الى بروكسل امس بلقاءات مع رئيس المفوضية الاوروبية، والمفوض المكلف توسيع الاتحاد اولي رين، ورئيس الحكومة البلجيكية غي فرهوفشتات. وقد ادخل الاوروبيون اول من امس تعديلات صغيرة على مشروع قرار قمة بروكسل حول تركيا. وما زال النص يشير الى ضرورة ان يأخذ الاتحاد الاوروبي في الاعتبار «قدرته على امتصاص اعضاء جدد» عندما يصبح عليه البت في انضمام تركيا. ولتهدئة مخاوف انقرة من هذه الفقرة التي اخرجت من نص يعود الى 1993، قام دبلوماسيو الدول الـ25 بإدراج القسم المثير للجدل الذي يتحدث عن تركيا حصرا، في المبادئ العامة لتوسيع الاتحاد.

الى ذلك، قال مصدر تركي قريب من الحكومة التركية ان «اردوغان رفض دعوة باروسو المتعلقة باعتراف تركيا بجمهورية قبرص». واضاف «انهم لا يستحقون ذلك بعد ان رفضوا خطة انان»، في اشارة الى القبارصة اليونانيين الذين رفضوا، في استفتاء نظم في ابريل (نيسان) الماضي، الموافقة على خطة لإعادة توحيد الجزيرة اقترحها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان. وكانت انقرة قد اعلنت دعمها لخطة انان، ووافق عليها القبارصة الاتراك ايضا.

وقبرص مقسمة الى قطاعين منذ 1974: تركي في الشمال ويوناني في الجنوب. وجمهورية قبرص التي لا تشرف الا على الجزء اليوناني من الجزيرة هي الوحيدة المعترف بها دوليا، وانضمت الى الاتحاد الاوروبي في الاول من مايو (ايار) الماضي. لكن تركيا هي الوحيدة التي تعترف بـ«جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من طرف واحد في شمال الجزيرة.

ومن ناحيته، عبر رئيس المفوضية الاوروبية امس عن دعمه لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، مشيرا في الوقت نفسه الى ان على انقرة الاعتراف بالجمهورية القبرصية، بحسب ما اعلنت المتحدثة باسمه فرانسواز لو باي. وأعلن باروسو خلال مقابلة مع اردوغان انه «يدعم شخصيا انضمام» تركيا الى الاتحاد، وفق ما نقلت لو باي. وشرح رئيس المفوضية لأردوغان ان الانضمام سيكون «امرا جيدا» لتركيا وللاتحاد في الوقت نفسه، مضيفا ان على هذا البلد ان يعترف بقبرص. ونقلت لو باي عن باروسو قوله «اذا تم افتتاح المفاوضات فستكون مفاوضات بين تركيا والاتحاد الاوروبي. ومن الواضح ان الاتحاد مجموعة من 25 دولة».

ويتعين على القمة الاوروبية ان تحسم في بروكسل الاسبوع المقبل ما اذا كان يجب على الاتحاد الاوروبي، ومنذ الآن، التفكير في بديل لفشل المفاوضات المستقبلية حول انضمام تركيا عن طريق اقامة «شراكة مميزة»، على سبيل المثال ، تثير غضب انقرة.

ويبدو ان هذه المسالة ستكون الاكثر تعقيدا امام رؤساء دول وحكومات الاتحاد يومي 16 و17 الشهر الحالي بالنسبة لتحديد موعد بدء مفاوضات الانضمام. وتكتفي النصوص المتلاحقة لمسودة قرارات القمة حتى الان بالتأكيد ان المفاوضات لن تكون ضمن اطار «عملية مفتوحة لا يمكن ضمان نتيجتها بشكل مسبق». وتوقع مصدر اوروبي ان يترك الدبلوماسيون للقادة مهمة اتخاذ قرار حول المصير النهائي لهذه المرحلة الحاسمة.

ويتمتع خيار «الشراكة المميزة» بين الاتحاد الاوروبي وتركيا بتأييد الدول التي تؤكد انه ليس بامكان اوروبا التوسع الى ما لا نهاية. وتعتبر هذه الدول ان انضمام تركيا سيسفر عن التشكيك العميق في عملية التكامل الاوروبي ويشوش على هوية المشروع الاوروبي.

إلا ان هذه المواقف مردها ايضا تردد الرأي العام بشدة تجاه تطلعات انقرة. والنمسا هي الدولة الاكثر تصميما على اقامة «شراكة مميزة» مع تركيا. وجدد المستشار النمساوي ولفغانغ شويسل القول أخيرا «لا بد من التفكير في مفهوم آخر غير الانضمام بشكل ناجز كما نعرفه اليوم». وتبلغ نسبة النمساويين المعارضين لانضمام تركيا اكثر من 75%.

لكن المعارضة اليمينية للمستشار الالماني، غيرهارد شرودر، وحزب الرئيس جاك شيراك الحاكم في فرنسا، تؤيد ايضا صيغة الشراكة.

واعرب رئيس الاتحاد من اجل حركة شعبية، نيكولا ساركوزي، وزير المال والاقتصاد الفرنسي السابق، عن امله في ان تكون تركيا «شريكة لاوروبا وليست متكاملة معها». واذا كان شيراك شخصيا يؤيد انضمام انقرة فإن باريس تبقي مع ذلك على جميع الاحتمالات مفتوحة. واعرب وزير خارجيتها، ميشال بارنييه، عن امله في ان «تنجح» المحادثات، كما تمنى ان تنظر القمة في «خيار آخر» في حال الفشل.

ورغم امتناعه عن استخدام عبارة «شراكة مميزة»، الا انه طالب بـ«الاعلان بوضوح ان كل ما تم القيام به بين تركيا والاتحاد الاوروبي خلال هذا الوقت كله ليس عملا ضائعا وان يتم تنظيم رابط قوي بشكل او بآخر بين الاتحاد الاوروبي وتركيا».