الإدارة الأميركية تقدم دعمها لكوفي أنان... ودبلوماسيون لا يستبعدون أن تكون الخطوة «مناورة سياسية»

برلين: إعطاء حق النقض للدول الجديدة في مجلس الأمن هو نقطة الانطلاق في المفاوضات

TT

في خطوة مفاجئة، قررت الإدارة الأميركية الخروج عن صمتها وتقديم دعمها الكامل للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في أعقاب التأييد الواسع الذي تلقاه أنان من عدد من القادة الدوليين، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وفي ضوء الترحيب الدولي الواسع الذي حظي به الأمين العام في الجمعية العامة، عندما وقف وفود الدول الأعضاء الـ191 في المنظمة الدولية، بما فيه الوفد الأميركي، يصفقون له مطولاً في خطوة نادرة عكست تضامنهم معه في المرحلة الحرجة التي يمر بها. جاء هذا الدعم الأميركي في تصريحات مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى المنظمة الدولية جون دانفورث الذي أكد أن واشنطن «لا تسعى الى دفع الأمين العام للاستقالة»، بل إنها على العكس «تتطلع الى العمل معه بشكل جيد في المستقبل كما عملت معه جيداً في الماضي». وعبر دانفورث عن ثقته الكبيرة في الأمين العام وفي نزاهته، لكنه عاد وأكد أن الولايات المتحدة لا تزال تنتظر نتيجة التحقيق في ادعاءات الفساد المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء، مطالباً باجراء تحقيق «شامل ودقيق» في هذه المسألة. ورحب الدبلوماسيون في الأمم المتحدة بتصريحات دانفورث التي وصف البعض لهجتها بـ«التصالحية»، معتبرين أنها «بادرة ايجابية تخلق أجواء تفاهم في الوقت الذي تواجه فيه الأمم المتحدة تحديات كبيرة». وقال بعض الدبلوماسيين لـ«الشرق الأوسط» ان هذه التصريحات تنسجم مع موقف الادارة الأميركية ومشاركتها في التصفيق للأمين العام الى جانب الدول الأخرى بعد تقديمه تقرير الاصلاح أمام الجمعية العامة قبل يومين، معتبرين أنه «من الطبيعي أن يكون هناك وحدة والتفاف حول الأمين العام في الظروف غير العادية التي تمر بها الأمم المتحدة». ورأى الدبلوماسيون أن الحديث عن أزمة بين الادارة الأميركية والأمين العام في غير محله، باعتبار أنها «أزمة مفتعلة من بعض الدوائر الأميركية ولم تأتِ من داخل الادارة الأميركية». مشددين على ضرورة وقوف دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الى جانب الأمين العام الذي يتعرض الى «حملة ضارة تهدف الى اضعاف الأمم المتحدة». لكن بعض المراقبين في الأمم المتحدة ينظرون الى تصريحات دانفورث على أنها «مناورة سياسية أكثر ما هي دعم حقيقي للأمين العام»، معتبرين أن كلا الطرفين بحاجة الى الطرف الآخر ولكن الولايات المتحدة أرادت الحد من عزلتها خصوصاً في وقت تحتاج فيه الى المنظمة الدولية للمساعدة في التحضير للانتخابات في العراق وفي فلسطين. ويشير هؤلاء المراقبين الى أن الولايات المتحدة لم ترغب في أن تكون معزولة في وقت تستعد الجمعية العامة فيه للنظر في التوصيات الجوهرية التي قدمتها لجنة الحكماء الـ16 التي عينها الأمين العام، بهدف الوصول الى اتفاق حول كيفية اصلاح الأمم المتحدة، بما في ذلك توسيع مجلس الأمن المحتمل. ولكن رغم تأييد واشنطن العلني لأنان الا أن ثمة شكوك في أروقة الأمم المتحدة أن يغفر الرئيس جورج بوش وكبار مساعديه لأنان بعد اعلانه أن الحرب على العراق كانت «غير شرعية» في خضم الحملة الانتخابية الأميركية، اضافة الى موقف الأمين العام المعارض لسعي واشنطن الى تجديد قرار مجلس الأمن الذي نص على اعفاء الجنود الأميركيين من الخضوع للمحاكمة المحتملة في المحكمة الجنائية الدولية. الى ذلك، اعلن متحدث باسم الحكومة الالمانية ان مطالبة المستشار الألماني غيرهارد شرودر بمقعد دائم في مجلس الامن الدولي مع حق النقض (فيتو) لألمانيا، هو «نقطة الانطلاق الى مفاوضات» مستقبلية. وقال مساعد المتحدث باسم الحكومة هانس لانغوث خلال مؤتمر صحافي في برلين امس ان موقف المستشار الألماني ووزير الخارجية يوشكا فيشر في شأن اصلاح الامم المتحدة، اتخذ بالتشاور.وتابع ان تصريحات شرودر «يجب ان تفهم كموقف للانطلاق في مفاوضات يفترض ان تبدأ حول هذا الموضوع». وأضاف «هذا يجب ان يتواصل مع تصريحات المستشار الذي قال ان ما ينتج عن مفاوضات ليس ذاته ما تبدأ به». وكان شرودر اثار ضجة الخميس عندما اعرب خلال زيارته الى طوكيو للمرة الاولى عن رغبة المانيا بالحصول على حق النقض في مجلس الامن، اسوة بالاعضاء الخمسة الدائمي العضوية الحاليين (الصين وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا). وعبرت اليابان بوضوح عن الرغبة نفسها.

وقال المستشار الالماني «يجب ان لا تكون هناك سياسة كيل بمكيالين. هذا يعني ان الاعضاء الجدد يجب ان يكون لهم حق النقض ذاته الذي يتمتع به الاعضاء الخمسة الدائمو العضوية» الحاليون. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية وولتر ليندنر في المؤتمر الصحافي نفسه مع مساعد المتحدث باسم الحكومة الجمعة ان شرودر وفيشر «على اتصال مستمر بالطبع» وان موقف شرودر «هو بالطبع ايضا موقف وزير الخارجية». وبدأت المانيا واليابان والهند والبرازيل حملة مشتركة من اجل الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن على هامش اصلاح نظام الامم المتحدة.