الخرطوم تعلن وقف العملية العسكرية في دارفور ومقاتلو العدل والمساواة يتهمونها بـ«إعلان الحرب» عليهم

الأمم المتحدة: هناك مؤشرات بتورط حركة تحرير السودان في دارفور بقتل عاملين في هيئة خيرية بريطانية هذا الأسبوع

TT

وافقت الحكومة السودانية على وقف الهجوم العسكري على دارفور، في خطوة قد تعيد مفاوضات السلام الجارية في العاصمة النيجيرية ابوجا الى مسارها الصحيح ، وتدفع بالحركتين المسلحتين الرئيسيتين في المنطقة الى الموافقة على عقد مفاوضات مباشرة مع الخرطوم.

وطبقا لوسطاء من الاتحاد الافريقي، الراعي للمفاوضات، فان «حكومة السودان تعهدت بموافقتها على وقف الهجوم العسكري الحالي (في دارفور)». وقال كبير الوسطاء سام ايبوك «ابلغناهم باننا سوف نحاول التحقق من تلك المعلومات حتى نستطيع استئناف المحادثات في الجلسة الكاملة».

لكن حركة العدل والمساواة، احدى حركتين مسلحتين في دارفور شككت في الخطوة الحكومية، وقالت ان الخرطوم اعتادت على اطلاق مثل هذه التصريحات، وان قرارها الجديد لن يغير الواقع، ما لم تتبعه الحكومة بأفعال على الارض. وقال احمد حسين ادم، الناطق باسم وفد الحركة في اتصال من ابوجا «ظللنا نسمع أقوالا كثيرة مثل هذه ، ولا نرى افعالا في الميدان». واضاف «لن نغير من مواقفنا ما لم تبادر الحكومة الى ترجمة اقوالها الى افعال»، واوضح «ما هو مطلوب الان، هو ايقاف الحملة العسكرية، واعادة القوات الحكومية الى المدن فورا». وفي المقابل اتهمت حركة العدل، الحكومة السودانية بـ«اعلان الحرب عليها»، واعلن كبير مفاوضي الحركة احمد محمد تقد ، للصحافيين في أبوجا ان الحكومة السودانية ارسلت الى لجنة الاتحاد الافريقي المكلفة مراقبة حسن تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار في دارفور، رسالة تمهل فيها حركة العدل والمساواة «اربع ساعات لاخلاء 41 موقعا مختلفا في دارفور».

وقال تقد ، عقب اجتماع مع الاتحاد الافريقي في محاولة لاعادة وفد المقاتلين الى طاولة المفاوضات، «انه اعلان حرب بكل معنى الكلمة. هذا يعني ان نية الحكومة السودانية ليست التوصل الى حل سياسي للازمة». وقال حسن با، الناطق باسم الاتحاد الافريقي للصحافيين ان «هذا اللقاء (مع حركة العدل والمساواة) كان مفيدا جدا. نحن نأمل أن تعاود المفاوضات قريبا. سوف نلتقي مع الحكومة (السودانية) ونبلغها رسالة مفادها ان الافرقاء يطالبون بوقف الهجمات وانسحاب القوات».

واضاف انه «من المفترض ان تطلعنا الحكومة خلال لقائنا معها على خطتها لنزع سلاح الجنجويد، وان تعلن موقفها مما يطلبه المتمردون». وفي موضوع الرسالة السودانية، اكد با، ان لجنة مراقبة وقف اطلاق النار ابلغت الخرطوم انه «امر غير واقعي ان يطلب من حركات التمرد اخلاء مواقعها في غضون اربع ساعات».

اما كبير مفاوضي الاتحاد الافريقي الراعي للمحادثات سام ايبوك، فاكد ان الوساطة «طلبت من الحكومة السودانية وقف القتال اذا ما كانت تريد متابعة المفاوضات.. والا فلتنصرف الى القتال وتوقف المحادثات». وقال تقد «نحن مستعدون لاستئناف المفاوضات شرط ان تسحب الحكومة السودانية فورا قواتها من المواقع التي انتزعتها من قواتنا، وان تعود الى مواقعها» كما كانت قبل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في ابريل (نيسان) الماضي بالعاصمة التشادية انجامينا. من جهة ثانية قالت الامم المتحدة امس، ان المؤشرات الاولية تشير الى أن حركة تحرير السودان في دارفور متورطة في قتل اثنين من العاملين في هيئة خيرية بريطانية هذا الاسبوع. وقالت راضية عاشوري، المتحدثة باسم الامم المتحدة، ان الاتحاد الافريقي الذي أرسل مراقبين لوقف اطلاق النار في المنطقة سيجري تحقيقا في مقتل عاملي الاغاثة السودانيين في ولاية جنوب دارفور يوم الاحد. وقالت عاشوري للصحافيين في الخرطوم «سيجري الاتحاد الافريقي تحقيقا في الحادث.. هناك مؤشرات على تورط جيش حركة تحرير السودان».

وقتل العاملان، وهما من منظمة انقذوا الطفولة البريطانية يوم الاحد عندما تعرضت قافلتهما لاطلاق للنيران جنوب البلدة الرئيسية في الولاية التي شهدت قتالا ضاريا بين ميلشيات قبلية والحكومة وقوات التمرد في الاسابيع الاخيرة. وقالت الامم المتحدة ، ان تقارير غير مؤكدة تشير الى تجدد القتال شمال شرقي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، لكن المنظمة الدولية لم تحدد اطراف القتال، واحصت اخر تقاريرها عن الاوضاع في الاقليم المضطرب، عدد النازحين حتى الان مليونا و65 الف نازح ومجمل المتأثرين بالحرب في دارفور التي بدأت منتصف العام الماضي، مليونان 279 الف متأثر.

وكشفت راضية عاشوري ان الحكومة السودانية وافقت على على مقترح من الوسطاء في مفاوضات ابوجا بنزع اسلحة مليشيات الجنجويد في سياق خطة طرحوها في العاصمة النيجيرية لانقاذ المفاوضات بين الحكومة والمسلحين في دارفور من الانهيار. وقالت ان الخطة اشترطت على الطرفين سحب قواتهما الى المواقع ما قبل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار فى الثامن من ابريل الماضي، وقالت ان الخطة أكدت على ضرورة ان يناقش الطرفان في الجولة الوضع الامني في الاقليم الان قبل الدخول في الاجندة السياسية. ونوهت الى ان حركة العدل والمساواة لم تبد اي راي بشان الخطة، وتفادت المتحدثة باسم برونك ذكر حركة تحرير السودان في هذا الخصوص.

وحسب عاشورى، فان «الامن المتدهور في دارفور الان يشكل تهديدا لعمليات الاغاثة في الاقليم»، واضافت «ان هناك تقارير غير مؤكدة وصلت للمنظمة بوجود قتال يدور الان في المنطقة شمال شرقي الفاشر ولكن لم تتوفر معلومات تفصيلية عنه»، ومع ذلك قالت ان زيارة قام بها عمانويل دا سيلفا مسعد بورنك للشؤون الانسانية الى غرب دارفور شملت معسكر «مورني» اكبر المعسكرات في الولاية، اوضحت «استقرار الاوضاع في المعسكر ولكن الوضع الامني لا يساعد على عودة النازحين الى قراهم حتى الان».