أرسلان يتهم الحريري بـ «تمويل» كل ما يجري في لبنان «وقرنة شهوان» ترهن إجراء الانتخابات بتشكيل حكومة حيادية

TT

تطور السجال السياسي في لبنان الى مزيد من تبادل الاتهامات بين الموالين والمعارضين التي كان اقواها امس الكلام الذي قاله وزير المهجرين طلال ارسلان وادخل فيه الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في السجال، متهماً إياه بأنه «الممول الأكبر للمعارضة»، كما اتهمه بدفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الى تصعيد معارضته. ووصف الحريري بـ «الأفعى»، معتبراً ان جنبلاط «رد على مبادرة سورية المحترمة بطريقة غير أخلاقية». أما المعارضة، فقد رأت انه لا يمكن اجراء الانتخابات النيابية في مايو (ايار) 2005 اذا لم يتم تأليف حكومة حيادية تشرف عليها.

وكان ارسلان قد زار امس البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي يرعى «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض. وشن عقب اللقاء حملة عنيفة على جنبلاط والحريري، منتقداً «مغامرات جنبلاط التي قد تأخذ البلد الى خط اللاعودة». وقال: «لا شك في ان الاجتماعات التي تحصل تزيد انقسام اللبنانيين بشكل حاد وقاس. ونتمنى ألا تحصل. وهناك مبادرات تمت. ومع الاسف تم التعاطي معها بطريقة لا اخلاقية ولا تمت بصلة الى التقاليد الدرزية. وكنت اتمنى ان يتم التعاطي فيها على مستوى مسؤول وراق».

ووصف لقاء المعارضة الذي عقد الاثنين الماضي بأنه «لقاء معارضات»، وقال: «هناك وجوه مشبوهة في المعارضات التي حصلت في البريستول. وأنا صنفت المعارضة بمعارضتين، الأولى معارضة مبدئية نحترم ـ مثلما قال الوزير فرنجية بالأمس ـ العماد ميشال عون، والمعارضة التي يمثلها لأننا نعتبرها معارضة مبدئية قائمة على مبدأ أساسي واضح وصريح ولا تتلون. إنما المعارضات المقنعة التي تحصل في اطارها الداخلي مصالح متضاربة وشخصية على حساب مسار المصلحة العامة في البلد فهذه معارضة نحن براء منها ولن نقبل ان تكون في الصف الأمامي، ونقول بصراحة ان هناك من يتذاكى ويعتبر نفسه انه هو سيستغل كل المعارضات والممول الأكبر للمعارضة التي حصلت في البريستول. وأنا أحمِّل المسؤولية الكبيرة لقريطم (اشارة الى الحريري) في هذا الموضوع».

وسئل ارسلان اذا كان هذا يعني ان العماد عون اصبح مقبولاً وجنبلاط غير مقبول، فأجاب: «لا اقول انه اصبح مقبولاً او غير مقبول. وبالنسبة لنا فلسنا نحن من نحدد من هو المقبول ومن هو غير المقبول، الناس هم من يحدد ذلك. انما نحن نميز معارضة نحترمها ونقدرها وهي قائمة على اسس معينة وبين مزاجات يومية تغامر بالبلد وبالوضع القائم»، مبدياً اسفه «لأن يكون الوزير جنبلاط يلعب دوراً ليغطي غيره في هذا الموضوع، وان يكون مدفوعاً ليغطي غيره».

واعتبر ارسلان ان الحريري «يتحمل مسؤولية كل الذي يحصل في البلد». وأسف لرد جنبلاط خلال لقاء المعارضة على الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالي عشية لقاء البريستول، وقال: «آسف لهذا المستوى اللاأخلاقي الذي وصلت اليه الامور. وانا اعتبر ان الشقيقة سورية قامت بمبادرة محترمة ويجب ان يرد عليها ضمن التقاليد والعادات الدرزية المعروفة. وآسف انه تم التعاطي معها باستخفاف وبطريقة غير اخلاقية وغير أدبية». وعما اذا كانت هناك من اسباب تجعل جنبلاط خائفاً على أمنه في هذه الفترة قال: «ليس كل مرة يجب لعب دور الحمل الوديع في هذا الموضوع وكأن كل الناس تظلم. وجميعنا نعرف بعضنا البعض ونعرف تاريخ كل الناس»، مكرراً القول ان الرئيس الحريري «هو الممول الكبير ويتحمل المسؤولية ويتلطى خلف هذا الموضوع. وآسف للناس الذين يقبلون بالوقوف في الواجهة نيابة عن الحريري».

وكان البطريرك صفير قد التقى وفداً من «لقاء قرنة شهوان» ضم النائب فارس سعيد وسمير عبد الملك وسمير فرنجية الذي قال عقب اللقاء: «وضعنا البطريرك صفير في اجواء لقاء البريستول وايضاً وضعناه في اجواء التحضيرات التي تتم لاستكمال هذا اللقاء وذلك باتجاه الاتفاق على قانون انتخابي للمعارضة وأيضا تنظيم المعركة الانتخابية بما انه اعلن في البريستول قرار من اطراف المعارضة بخوض هذه المعركة بشكل مشترك والتضامن والتكافل في ما بيننا»، معتبراً انه «يجب ان تتشكل حكومة حيادية لتشرف على الانتخابات. واذا كان اهل السلطة فعلاً يقولون انهم يشكلون الاكثرية فيجب ألا يخافوا من حكومة حيادية تشرف على الانتخابات»، مشيراً الى انه «اذا لم تشكل حكومة حيادية فلن تحصل انتخابات لأنه بغياب الحكومة الحيادية فإن اي انتخابات ستجري مطعون بشرعيتها في الداخل والخارج. وأعتقد انه من الافضل لهم ان يبقوا على المجلس الحالي ويمددوا له لان هناك عادة للتمديد».

من جهته، رد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط، في بيان لمصدر مسؤول فيه، سخر من «المستوى الراقي والحضاري في التخاطب ولمواقف بعض صبية السياسة اللبنانية». وانتقد الوزير ارسلان ووزير الداخلية سليمان فرنجية من دون ان يسميهما، مستبشراً «خيراً للبلاد ومستقبلها بهذه القامات التي يتم تحضيرها، بعناية فائقة، في مدارس سلطة الوصاية ومعاهدها المتقدمة لتنمو وتكبر في ظروف صحية وسياسية ملائمة، لتتسلم مستقبلاً اعلى المواقع الدستورية في البلاد». وأبدى حزنه «لأن سورية لا تجد من ينطق باسمها في لبنان سوى شخصيات مضطربة». ودعا رئيس الحكومة عمر كرامي الى «محاولة ضبط حالة الهيجان العصبي التي تجتاح عدداً من الوزراء».

وعلى الصعيد نفسه، رأى حزبا «الكتائب اللبنانية» و«السوري القومي الاجتماعي» المواليان «ان بروز ظاهرة المعارضة على النحو الذي يشهده لبنان حالياً ما كان ليتنامى لو ان الدولة تعاطت بجدية وروح عالية من المسؤولية مع الملفات المطروحة». واعتبرا «ان الوضع الراهن في لبنان هو في منتهى الدقة والخطورة في ضوء بروز المراهنات الماسة بالاستقرار السياسي، والتي تؤثر على وجود اهداف بعيدة تتجاوز الطروحات العلنية للمعارضات لتبلغ درجة تفخيخ الوضع الداخلي وجعله مفتوحاً امام الكثير من المفاجآت غير المحسوبة والتي لا تصب في مصلحة لبنان وسلمه الأهلي وعلاقاته بمحيطه».

ورأى النائب ناصر قنديل في الاجتماع الذي عقدته المعارضة في البريستول «تجمعا لفريق فرنسا في لبنان أكثر مما هو تجمع لأطراف سياسية لبنانية ملتقية على اجوبة موحدة تجاه الأسئلة التي يطرحها الواقع اللبناني».