علي الكيماوي: سجل الجرائم يطال آلاف الضحايا

TT

يعد «علي الكيماوي»، وزير الداخلية السابق، من اوفى الاوفياء للرئيس المخلوع وهو ابن عمه، ومثله يتحدر من مدينة تكريت، وهو من رفاق دربه الاوائل. ولد علي حسن المجيد، البالغ من العمر 46 عاماً، في بلدة تكريت الواقعة الى الشمال من بغداد. وفي الحقيقة ليس من باب الشطط القول ان الشاب الذي غدا رجلاً، لم يشذّ عن معظم أقرانه الآخرين في الانخراط سريعاً في صفوف الجيش هرباً من شظف العيش ومن غياب أي فرص حقيقية لكسب قوته خارجه.

لم يكن للمجيد أي دور سياسي يذكر قبل انقلاب يوليو (تموز) 1968، وكان تدرجه في السلك العسكري يتماشى مع بيروقراطية صارمة فبلغ رتبة ضابط صف مغمور. ولكنه امتشق سيفا بيد مشبوكة بأكثر العصبيات بعداً عن المؤسسة العسكرية.

وكان «الكيماوي» يعد الذراع اليمنى لصدام، وكان يكلف بتنفيذ المهمات ذات الطابع الاجرامي. وفي مارس (اذار) 1987، عين مسؤولا عن حزب البعث في كردستان العراقي، وسيطر على الشرطة والجيش والميليشيات في هذه المنطقة. وبعد شهرين من توليه هذا المنصب، قام الجيش العراقي بعملية اخلاء واسعة لعدة مناطق في كردستان، اذ اقتيد سكان وماشيتهم بالقوة الى مناطق متاخمة للحدود الاردنية والسعودية، اي بعيدا عن مناطق تواجد الاكراد طبيعيا. وشكل ذلك بداية لسياسة «الارض المحروقة» التي اعتمدت في كردستان، وقد تعززت هذه السياسة بعد ان دعم الناشطون الاكراد حملة «نصر 4» التي شنتها ايران على العراق في يونيو (حزيران) 1987. وفي 17 و18 مارس (اذار) 1988، قصفت مدينة حلبجة الكردية بالقنابل الغازية (الكيميائية) في عملية بقيادة «علي الكيماوي» الذي اطلق عليه هذا الاسم نسبة الى هذه العملية. وفيما اكدت مصادر ايرانية ان خمسة الاف شخص قتلوا في هذه العملية، بينهم نساء واطفال، اكد تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» ان مئة الف كردي قضوا في حملة القمع التي قادها علي حسن المجيد. وطالبت هذه المنظمة بتوقيف هذا الرجل ومحاكمته لجرائم الحرب والجرائم بحق الانسانية التي ارتكبها. وقال المدير التنفيذي لـ«هيومن رايتس ووتش» كينيت روث ان المجيد «تورط في اسوأ الجرائم التي ارتكبت في العراق، بما في ذلك الابادة». وفي اغسطس (آب) 1990، عين حاكما للكويت تحت الاحتلال العراقي، وعمد على اخماد جميع جيوب المقاومة فيها، قبل ان يعود ليشغل منصبه في وزارة الشؤون المحلية في شباط (اذار) 1991 الذي يشغله منذ 1989، وكان من مهامه اعادة بناء مدن الجنوب العراقي التي دمرتها الحرب العراقية الايرانية (1980ـ1988). وفي مارس 1991، لعب المجيد دورا اساسيا في قمع التمرد الشيعي في جنوب البلاد. وعين «علي الكيماوي»، وهو عضو «مجلس قيادة الثورة» اعلى هيئة حاكمة في عهد صدام، مسؤولا عن المنطقة العسكرية الجنوبية بوجه الاجتياح الاميركي البريطاني الذي بدأ في 20 مارس 2003. وفي يناير (كانون الثاني) 2003، توجه المجيد الى دمشق ومن ثم الى بيروت، في اطار جولة على الدول العربية لشرح الموقف العراقي بعد شهر ونصف الشهر من بداية مهمة مفتشي الامم المتحدة المكلفين التحقق من عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق. وكانت تلك زيارته الاولى خارج العراق منذ 1988. واعلن التحالف العسكري الاميركي البريطاني في السابع من ابريل (نيسان) 2003 ان «الكيماوي» قتل في قصف على مدينة البصرة (جنوب)، لكن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد عاد واعلن في يونيو (حزيران) من السنة نفسها ان الرجل «قد يكون ما زال على قيد الحياة».