تركيا تهدد بتجميد طلبها الانضمام للاتحاد الأوروبي في حال فرضت عليها «شروط غير مقبولة»

TT

يستعد الاتحاد الاوروبي لان يعطي موافقته على فتح مفاوضات انضمام تركيا اليه في قمة بروكسل التي تبدأ اعمالها مساء اليوم، لكن الطريق ستكون صعبة الى ان يتم انضمام انقرة غير المضمون والذي لن يتحقق قبل 10 او 15 سنة. وفي غضون ذلك، اعلن رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان ان بلاده ستجمد ترشيحها في حال فرضت عليها «شروط غير مقبولة». ويتوقع ايضا خلال القمة تحديد الربيع المقبل موعدا لبدء مفاوضات مماثلة مع كرواتيا وتوقيع معاهدة انضمام رومانيا وبلغاريا الى الاتحاد الذي سيتم اعتبارا من 2007 .

وفي لاهاي، اعلن رئيس الحكومة الهولندية يان بيتر بالكينيندي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، أمس ان اعطاء قمة القادة الاوروبيين ضوءها الاخضر لفتح مفاوضات الانضمام مع تركيا يبدو مرجحا. وقال امام البرلمان الهولندي «يبدو اننا نتوجه نحو الموافقة»، لكنه اشار الى ان هذا القرار يجب ان يحظى بـ«اجماع» الدول الاعضاء، وهو ما زال متعلقا باية تطورات قد تحصل.

وفي ستراسبورغ، ايد النواب الاوروبيون بغالبية 407 اصوات مقابل 262 صوتا وامتناع 29 عن التصويت أمس بدء مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ويعتبر التصويت رسالة قوية لكنها غير ملزمة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الـ25 .

وفي برلين، قال مصدر في الحكومة الالمانية أمس ان الاتحاد الاوروبي لن يطرح خياراً اخر غير العضوية الكاملة لتركيا خلال مناقشة الانضمام الى الاتحاد اليوم، وقال «لا ارى فرصة امام اقتراحات بطرح خيار اخر الى جانب عضوية الاتحاد الاوروبي».

من جهة أخرى، قال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو أمس انه يجب اعطاء تركيا «موعدا واضحا» خلال القمة لبدء محادثات انضمامها لعضوية الاتحاد، مشيرا الى ان نتيجة المحادثات لا يمكن ضمانها. وقال امام البرلمان الاوروبي «حان الوقت الان كي يفي المجلس الاوروبي بالتزامه تجاه تركيا ويعلن فتح مفاوضات الانضمام».

وفي موازاة ذلك، اعلن مصدر قريب الى الرئاسة الهولندية للاتحاد الاوروبي أمس ان الاتحاد يتوقع تعهدا تركيا بالاعتراف بجمهورية قبرص قبل انتهاء قمة بروكسل، وقال ان «المهم هو ان تكون تركيا مستعدة لتوقيع بروتوكول اضافي لاتفاقات انقرة» في اشارة الى اتفاق الاتحاد الجمركي الموقع في 1963 بين الاتراك والاوروبيين.

وسيوسع الاتفاق ليشمل الدول الـ10 الاعضاء الجدد في الاتحاد منذ الاول من مايو (ايار). وفي انقرة، اعلن رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان أمس قبيل مغادرته الى بروكسل ان تركيا ستجمد ترشيحها الى الاتحاد الاوروبي في حال أن فرض القادة الاوروبيون «شروطا غير مقبولة» على انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي. وقال في تصريح قبل مغادرته الى بروكسل «سنضع هذه المسألة في الثلاجة ونتابع طريقنا... اذا فرضت علينا شروط غير مقبولة فلن تكون نهاية العالم. سنستمر في الطريقة نفسها وفي الدرب نفسه لان تركيا قادرة على حمل هذا العبء».

وقال وزير الخارجية التركي عبد الله غول في مقابلة نشرتها صحيفة «ميلييت» أمس ان تركيا قامت بكل الجهود المطلوبة منها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي لكنها «لن تقول نعم للانضمام بأي ثمن، وابلغنا الاتحاد الاوروبي بذلك»، مشددا على ان بلاده سترفض «المسار المفتوح» المرفق «باستثناءات».

وفي باريس، يجد الرئيس الفرنسي جاك شيراك نفسه في وضع غير مريح إزاء مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد، إذ كان قد عبر في الماضي في مناسبات عدة عن تأييده دخول تركيا التي قال إنها «تقف على بوابة الاتحاد منذ اربعين عاماً»، وأن «مستقبلها داخل الاتحاد». لكن من جهة ثانية، يتعين على شيراك تفادي اتخاذ مواقف لا تحظى بدعم الأحزاب السياسية والشعب الفرنسي. والحال أن آخر استطلاع للرأي أجري في فرنسا ونشرت نتائجه الاثنين أفاد أن 67 في المائة من الفرنسيين يعارضون انضمام تركيا ويرون في ذلك خطرا على الاتحاد الأوروبي وعلى فرنسا معا.

الى جانب ذلك، فإن الحزب الرئاسي الداعم للحكومة أي «الاتحاد من أجل حركة شعبية» منقسم على ذاته، فرئيسه الجديد نيكولا سركوزي يعارض الانضمام التركي ويحظى هذا الموقف بدعم غالبية المنضمين الى الحزب وكذلك اليمين الفرنسي. وبينما يدعم الامين العام للحزب الاشتراكي المعارض الانضمام التركي، فإن الرجل الثاني في الحزب لوران فابيوس يعارض بشدة.

وبين المعارضين والمحبذين، يسعى شيراك الى التزام موقف وسطي لا يشكل قطيعة مع مواقفه السابقة ولا يكون بعيدا عن توجهات الرأي العام. ومساء أمس، أطل شيراك على الفرنسيين من خلال القناة الأولى في التلفزيون الفرنسي التي تحظى بأكثر نسبة مشاهدة ليطمئن الرأي العام الفرنسي ويعرض الموقف الذي سيلتزمه إبان القمة الأوروبية التي تبدأ مساء اليوم في بروكسل. ويستند موقف شيراك الى دعم أن تقر القمة الأوروبية فتح باب المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لكن الرئيس الفرنسي يريد أن يقول القرار الأوروبي صراحة أن بدء المفاوضات رسميا «لا يعني بالضرورة» ان تركيا أصبحت داخل الاتحاد، ولذا فإن باريس تريد إقناع شريكاتها بإدخال فقرة تنص على أنه في حال فشل المفاوضات، فإن الاتحاد يعرض على تركيا بديلا هو «العلاقة المميزة» وهو ما رفضه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أول من أمس رفضا قاطعا. وسيعرض شيراك حجتين إضافيتن: الأولى أن المفاوضات مع تركيا ستأخذ وقتا طويلا، وفي أحسن الأحوال، فإن هذا الدخول لن يصبح واقعا قبل 15 عاما. وطيلة هذه الفترة، تريد فرنسا أن تلتزم تركيا احترام مجموعة من المعايير، خصوصاً المتعلقة منها بحقوق الإنسان والأقليات الإثنية وغلبة المجتمع المدني والديمقراطية. أما الحجة الثانية فهي تأكيده أن التصديق على دخول تركيا سيتم من خلال استفتاء شعبي في فرنسا ما يعني أن الشعب الفرنسي يتمتع بحق النقد، إذ أن القواعد المعمول بها داخل الاتحاد تفترض موافقة كل الأعضاء لقبول عضو جديد عملا بمبدأ الإجماع. واثار وزير الخارجية ميشال بارنيه مسألة اعتراف تركيا بالمجازر التي ارتكبت بحق الأرمن الذين يشكلون في فرنسا جالية من 400 ألف نسمة من دون أن يجعل من ذلك شرطا مسبقا. وتريد باريس إظهار قدرتها على عرقلة الرغبة التركية واحتفاظها بأوراق يمكن أن تثيرها إذا لزم الأمر، ولكن هل يتجاوب الأوروبيون مع التحفظات الفرنسية، خصوصا ألمانيا التي تدعم من غير تحفظ انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي؟