جنود أميركيون: حراسة الطريق إلى مطار بغداد مهمة تثير التوتر في كل دقيقة

TT

أدار الجندي ادوارد غونزاليس الناظور بسرعة ووضعه في موضع معين، واعد بندقيته في مواجهة السيارات التي كانت خلفه. فقد كان جهاز الارسال قد وجه للتو تحذيرا: هناك سيارة مشبوهة تتحرك قريبا من قافلة للجيش. «أي نوع من السيارات مرة اخرى؟» تساءل غونزاليس، 28 عاما، وهو في عربة الهمفي المدرعة. وفي البداية وضع اللفتنانت جيفري بورتر، 25 عاما، الراديو جانبا والتفت الى اليسار، واصفا بهدوء سيارة فولسفاغن برازيلي من موديل 1995 ومخبرا حامل السلاح الذي معه أنه جرى تحذيره من أن السيارة ربما تكون محملة بالمتفجرات.

ويصف بعض الناس هذا الطريق، وهو الوحيد المؤدي من المطار الى المنطقة الخضراء ببغداد، باعتباره الطريق الأكثر خطورة في العراق. وقد بات أخيرا موقعا لعدد من التفجيرات الكبيرة. ويتباهى الناس بأنهم يقطعونه، أما بالنسبة لأفراد الجيش فانه طريق في غاية الخطورة. وقال غونزاليس وهو يدير الناظور «انه هناك، انه هناك. انه يتجه الى الجانب الأيمن. انه يسبق السيارات الأخرى في الطريق. حسنا انه يتجه نحو الابتعاد». وكل دقيقة في هذا الطريق تثير التوتر. ومنذ بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حتى الأسبوع الماضي كان هناك ما يقرب من 20 تفجيرا بسيارة مفخخة استهدفت قوافل اميركية ومسؤولين حكوميين، مما حدا بالسفارة الأميركية الى تحذير موظفيها من التنقل في هذا الطريق.

ويكلف ضباط وجنود الجيش من الكتيبة الرابعة في فوج الدفاع الجوي الخامس بحماية هذا الطريق، ويقولون انه ليس سيئا الى الحد الذي يصوره البعض. واعترفوا بأن الهجمات خلقت مشكلة كبيرة، وابعدت الناس عن الطريق وأدت بالقوات الأميركية الى زيادة كبيرة في عدد نقاط الحراسة.

وقال الميجور جيمس فيشر، مساعد قائد الوحدة، انه يعتقد ان هجمات تفجير السيارات في نوفمبر كانت جزءا من حملة ترهيب من جانب المتمردين. وقد قتل عدد من الأشخاص في الهجمات، ولكن معظم الاصابات كانت في صفوف الانتحاريين. وقال فيشر عن الهجمات انه «في اطار خطة الحرب الكبيرة لا يعتبر هذا امرا كبيرا. انه ليس بالسوء الذي يبدو عليه. ومن سوء الحظ ان العدو ادى بعدد كبير من الناس الى الشعور بالقلق. نحن هناك في محاولة للحفاظ على الأمن في الطريق». وقال انه بينما تعتبر اية حالة وفاة مأساة فان اجراءات جديدة على الطريق منعت وقوع اصابات اضافية في معظمه. وكان الجيش قد ارسل سابقا قوافل نظامية لحمايته، أما الآن فان الجنود مدججون بالسلاح، ويستخدمون أيضا عربات برادلي القتالية. وهذه العربات مجهزة بأدوات تكبير خاصة توفر للجنود التحديق في داخل السيارات وتحتها من مسافة آمنة لتقرير ما اذا كانت تشكل خطرا. وقد أدت الأساليب الجديدة الى منع معظم النيران من أسلحة صغيرة في الطريق ونادرا ما تزرع القنابل البدائية على الطرق الجانبية لأن فرق الحراسة الدائمة لم تترك للمتمردين وقتا لزرعها.

غير ان قنابل السيارات قصة أخرى. فليس هناك شيء تقريبا يمكن أن يمنع المفجرين الانتحاريين قبل تشخيصهم مسبقا، وارغام العربات على الخروج عن الطريق أو مهاجمتهم. انهم يستخدمون الصور لموديلات السيارات أو السلوك العصبي المعين، لغرض التدخل المبكر قدر الامكان. وهم يطلقون طلقات تحذيرية قبل ان يطلقوا الطلقات الحقيقية باتجاه محرك السيارة. وكحل أخير فانهم يقتلون السائق اذا كان التهديد يبدو كبيرا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» ويتحدث غونزاليس وبورتر، وهما في البطارية الهجومية للوحدة، بهدوء عندما يذكران تجربتهما المروعة مع تفجير سيارة يوم السادس من نوفمبر الماضي، وكان ذلك هجوما أدى الى مصرع مدفعي في عربة الهمفي كان خلفهما مباشرة.

وقال غونزاليس «كان حليق الذقن وفي سيارة بيضاء. وما أن رأيته عرفت الأمر. كان عصبي المزاج. وقد انحرف باتجاه خط اليمين البعيد، وبحلول الوقت الذي اقترب فيه من القافلة أطلقت النار».

وقد اصاب غونزاليس السائق في صدره. وعندما أطلق اطلاقة ثانية كان وسط السيارة يشتعل بكتلة نيران هائلة. وتفادى غونزاليس الوضع، بينما تحمل حاملو السلاح تحميهم الدروع الواقية الخطر الأكبر.

وقال غونزاليس «لدي طفلان في الوطن. ولعدة ايام بقيت أشعر بالقلق جراء ذلك. ولكن الوضع خف بمرور الوقت».

وقال بورتر ان الطريق يمكن أن يكون خطرا، ولكن الهجمات متفرقة وغير مؤثرة الى حد كبير على العربات الأميركية المدرعة. وتتميز القوات بالحذر وتتوقف ببطء لتقييم العربات المتضررة والسيارات المتوقفة في زوايا غريبة على امتداد الجزء المأهول بالسكان من الطريق القريب من المدينة أو الأنقاض التي تبدو شبيهة بشيء يحتوي على قنبلة. ولكن يمكن أن يصادف الجنود الحراس بعض السيارات المتوقفة بسبب مشاكل فنية أو حاجتها الى الوقود.

وغالبا ما يقوم الجيش بحراسات متكررة عبر الأحياء التي تقع على الطريق العام. واكتشفوا في الأسابيع الأخيرة ان المتمردين استخدموا أحياء قريبة يسكنها ابناء الطبقة الوسطى لشن الهجمات، اذ يلتقون في الطرق الجانبية في المناطق السكنية قبل ان يتجهوا الى الشارع العام.