الخرطوم تطلق سراح قائد عسكري سابق لقوات المعارضة وتشترط عليه إلقاء السلاح

عبد العزيز خالد تعهد في مؤتمر صحافي عقب الإفراج عنه بمواصلة «الكفاح» بالطرق السلمية

TT

اطلقت السلطات السودانية أمس سراح القائد العسكري السابق لقوات التحالف المعارضة عبد العزيز خالد بموجب عفو اصدره الرئيس عمر البشير.

وقال النائب العام لنيابة «الجرائم ضد الدولة» محمد فريد احمد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العميد عبد العزيز خالد في مقر النيابة ان «الرئيس السوداني اعطى توجيهاته باطلاق سراحه (العميد خالد) مستخدما صلاحيته في اصدار عفو عام». واضاف ان العفو العام صدر «بشرط ان يلقي العميد خالد السلاح وألا يعود الى الكفاح المسلح». واشار احمد الى انه سيسمح لخالد بممارسة «نشاط معارض سلمي داخل البلاد، وفق القوانين المحلية السارية».

وقال خالد من جهته ان الحوار هو الان افضل سبيل للتوصل الى السلام. واوضح ان «الكفاح من اجل حرية شعبنا سيتواصل بالطرق السلمية بما يتماشى مع التطورات» التي ينتظر ان تؤدي الى السلام بين الشمال والجنوب.

وكانت الامارات العربية المتحدة رحلت عبد العزيز خالد وسلمته الى السلطات السودانية في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تنفيذاً لطلب وجه لها من الخرطوم عبر الشرطة الدولية «الانتربول». وتتهم الخرطوم خالد بتفجير انبوب نفط في شمال السودان عام 1999. وكان خالد القائد السابق لقوات التجمع الوطني الديمقراطي (تحالف المعارضة الشمالية) التي كانت نشطة في اواخر التسعينات في شرق السودان قرب الحدود مع اريتريا. وقالت الحكومة ان البلاغ ضد خالد «قد حفظ الى حين تنفيذ الشرط والا سيفتح البلاغ من جديد». وجاء قرار الافراج عن خالد استجابة للالتماس الذي تقدم به المحامي غازي سليمان رئيس المجموعة السودانية لحقوق الانسان بالافراج عن خالد. واعتبر سليمان في تصريحات صحافية امس الخطوة «بناءة»، وعبر عن امله في ان تشمل كل المعارضين في الخارج. وقدم شكره للرئيس البشير.

ووجه سليمان الدعوة لرئيس التجمع السوداني المعارض رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني وكل المعارضين بالخارج الى العودة الى داخل السودان لاستئناف الحوار مع الحكومة. وحسب سليمان فان الظروف في الداخل باتت الان مواتية للمعارضة للعمل السياسي الحقيقي. وقال «لا يوجد مبرر الان لوجود المعارضة في الخارج». وفي تصريحات صحافية عقب صدور قرار العفو، قال الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني ان الخطوة جاءت تأكيدا على نهج حكومته في تعزيز الوفاق الوطني وحرصها على «لم الشمل». وقال «رغم ان الاجراءات القانونية في مواجهة خالد قد انتهت واستكملت مسارها الا ان الحكومة قصدت من خطوة العفو والافراج عنه ابلاغ ابناء السودان عامة بان من يحرص على بناء اعمار السودان وتعزيز وحدته مهما صدرت منه من اعمال، فان صدر الحكومة للوفاق والوحدة الوطنية يسع الجميع». وفى مؤتمر صحافي، قال محمد فريد وكيل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة ان الرئيس البشير استخدم سلطاته في قانون الاجراءات الجنائية السوداني في قراره بالافراج عن خالد وبموجب المادة التي تقرأ كالاتي «يكون رئيس الجمهورية في غير جرائم الحدود الحق في العفو العام وبشروط او بدونه حسب حالات الاشتباه او الاتهام التي لم يصدر في شأنها الحكم النهائي»، واضاف ان «الدعوى ضد خالد ما زالت قيد التحري عندما صدر القرار»، وذكر ان العفو عن خالد مشروط بوضع السلاح وعدم العودة لحمله والسماح له بممارسة العمل السياسي المعارض وفقا لقانون الاحزاب السوداني السائدة على ان تكون الممارسة «سلمية وراشدة». وحذر فريد، خالد من الاخلال بالشروط «والا فانه سيتم اعادة فتح البلاغ ضده».

وعقب الافراج عنه نهار امس، اعلن خالد في مؤتمر صحافي التزام حزبه بالعمل السياسي السلمي لدفع عملية السلام. وقال «نحن كافراد ومجموعات خرجنا من اجل الحريات وحرية شعبنا وهذا النضال سوف يستمر بالسوائل السلمية بما يتماشى مع التطورات المتوقعة»، وتابع «لن نتوقف عن النضال السلمي حتى يتحصل شعبنا على كل حقوقه وبعد ذلك تصبح المسألة مسألة اختيار لشعبنا». وايد خالد المفاوضات التي تجري الان في مراحلها الاخيرة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان في نيفاشا، وقال «نحن نؤيد ذلك ونقف معه لانه يفتح الباب للديمقراطية»، كما ايد مفاوضات ابوجا المتعثرة الان بين الحكومة والمسلحين في دارفور، ومفاوضات القاهرة المتوقفة بين الحكومة والتجمع المعارض بزعامة الميرغني.

وقال «نحن جزء من هذه المفاوضات وسنستمر في الحوار الايجابي لانه وسيلة لتحقيق الديمقراطية والحرية»، واعتبر قرار الرئيس خطوة تترك للاجيال المقبلة والتاريخ لتقييمها.. ولكن دائماً الناس لا ينتظرون رهن الجروح السابقة وانما يتطلعون للمستقبل».

وقال «نحن تركنا ما مضى خلفنا ونتطلع الى علاقات قوية بين شعبنا». ووصف الرئيس البشير بانه «صديق لي قبل ان يكون رئيساً»، بعد ان شكره على اصدار القرار.

وكان خالد يواجه دعوى بقيامه تفجير خط انبوب البترول السوداني عند بلدة «الهودي» المجاورة لمدينة عطبرة شمال الخرطوم في عام 1999. وحسب السلطات السودانية فان خالد سجل اعترافات في صحيفة «الخرطوم» التي كانت تصدر في القاهرة وقتها بان العملية تمت في اطار نشاط التجمع المعارض ضد الحكومة السودانية آنذاك. من جهتها رحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان باطلاق سراح خالد، وقال الناطق باسمها ياسر عرمان لـ«الشرق الاوسط»، ان اطلاق العميد خالد «يتوافق مع مناخ السلام والحاجة للاتجاه نحو التحول الديمقراطي، والعمل المشترك من اجل الاجماع الوطني بين السودانيين جماعات وافرادا». واضاف «نتطلع لاكمال السلام وان تعطي هذه الخطوة ذخما وطنيا كبيرا نحو حل كافة القضايا الاخرى وعلى رأسها قضية اهل دارفور العادلة وانجاح منبري ابوجا والقاهرة والدخول في مرحلة جديدة».