جنرال أميركي: نواجه عدوا متطورا للغاية في العراق

رئيس تحرير موسوعة غينيز العسكرية: الأميركيون يقتربون من حدود قوتهم التقليدية وليس لديهم ما يكفي من الجنود

TT

بغداد ـ رويترز: تعترف القوات الاميركية الان بأنها تخوض حربا ضد عدو قوي في العراق، وتبحث عن مخرج يمكن لواشنطن أن تصفه بالنجاح. وقال الميجر جنرال ستيفن سبيك في الاسبوع الماضي: «ان القوات التي تقودها الولايات المتحدة تواجه عدوا متطورا للغاية». ويعد هذا تغيرا في نبرة الحديث الذي كانت تسود في الفترة الاولى التي أعقبت الحرب، عن «حشد من العصابات من عهد الرئيس المخلوع صدام حسين يقاتلون قانطين».

ومع تكبد القوات خسائر بشرية بالمئات كل شهر، زاد القادة الاميركيون يوم الخميس الماضي المكافأة النقدية لجنود الاحتياط الذين يعاد تجنيدهم بمقدار ثلاثة أمثال المكافأة الحالية، ومنح الذين يجندون لاول مرة ضعف المكافأة الحالية تقريبا.

وبالنسبة للبعض فان اعتراف قادة كبار في الجيش الاميركي، بأن المقاتلين الاعداء غير المرئيين بارعون وأن كفاءتهم تتحسن علامة على أنهم ربما يرون أنه لا يمكن كسب الحرب في نهاية الامر.

وقال تشارلز هيمان رئيس تحرير موسوعة «غينيز» لجيوش العالم: «الاميركيون يقتربون من حدود قوتهم العسكرية التقليدية. ليس لديهم ما يكفي من جنود المشاة»، لكنه رفض المقارنة بحرب فيتنام. واستطرد «انها أكثر شبها بلبنان تحت الاحتلال الاسرائيلي في أواخر الثمانينات. فكثير من التكتيكات تتشابه مع كثير من التفجيرات الانتحارية». وقال «في النهاية كان لا بد أن يرحل الاسرائيليون». وقال محللون اخرون ان تصريحات الجنرالات تظهر ببساطة استعدادا للتخلي عن أي خطة طويلة الاجل قد تكون لديهم قبل غزو العراق الذي أطاح بصدام حسين في مارس (اذار) 2003. وقال سايمون هندرسون خبير العراق في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى: «النظرة المتشائمة تقول ان أوقات اليأس تحتاج الى اجراءات يائسة، والاميركيون ينقبون عن أفكار ربما تصلح أو لا تصلح». ومضى يقول «النظرة الاكثر تفاؤلا تقول ان هذا هو النظام الاميركي الذي يعتمد على اعادة تحليل المشكلة باستمرار». وربما يكون نقص القوات هو المشكلة الرئيسية، نظرا لعدم وجود حلفاء مستعدين لتقديم قوات.. وحتى الان كانت بولندا الموالية اخر من أعلن عن خفض للقوات. وكانت آمال الولايات المتحدة معلقة على تدريب العراقيين لكن هذه عملية بطيئة وغير متسقة.

ويشدد القادة العسكريون الاميركيون في العراق على أن المناطق المختلفة تتطلب أساليب مختلفة. والجنوب الشيعي هادئ نسبيا.

وشنت القوات هجومين كبيرين ضد قوات من المقاتلين العرب السنة المتمترسين في سامراء في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، والفلوجة في الشهر الماضي. وفي بغداد وفي المناطق السنية المضطربة في الجنوب يفضلون شن غارات صغيرة متكررة على مقاتلين مشتبه فيهم.

ويسود الهدوء بعض المناطق التي كانت مضطربة. وانتهت انتفاضة ميليشيا شيعية. ولم تعد بلدة تكريت مسقط رأس صدام حسين مصدرا للهجمات المعادية للولايات المتحدة قبل عام.

لكن الأمن تدهور في أماكن أخرى، وشهدت مدينة الموصل التي كانت هادئة فوضى في الشهر الماضي، عندما ألحق المقاتلون هزيمة بالشرطة العراقية بينما كانت القوات الاميركية مشغولة في الفلوجة.

وشهدت سامراء هدوءا لبعض الوقت لكن الاشتباكات تجددت وشن المقاتلون هجوما على مركز للشرطة وسرقوا أسلحته في الاسبوع الماضي. وأصبحت الفلوجة مدينة للاشباح بالفعل، لكن مشاة البحرية الاميركية كانوا لا يزالون يقصفون نقاط المقاومة الحصينة، مما يحجب امال معظم سكان البلدة البالغ عددهم حوالي 300 ألف في عودة سريعة.

ويعترف الجنرالات الاميركيون بأن هجوم الفلوجة لم يخمد المقاومة المسلحة، لكنهم يقولون انه زعزع استقرار قادتها العراقيين والاجانب. لكن اللفتنانت جنرال لانس سميث نائب قائد القيادة المركزية الاميركية قال في الاسبوع الماضي، ان المقاتلين «أصبحوا أكثر فاعلية»، خصوصا في اعتراض القوافل.

وتنفق وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) التي تزعجها شكاوى الجنود المعلنة من التعرض للقنابل المزروعة على الطرق، مليارات الدولارات لتركيب دروع لسيارات النقل وعربات الدورية الجديدة لضمان تحرك قوافل الامدادات. كما انضم أيضا المزيد من طائرات الشحن لمجهود الامداد والتموين في العراق.

وقال هيمان ان المقاتلين أخذوا المبادرة منذ هجوم سابق على الفلوجة في أبريل (نيسان) الماضي ويمكنهم شن هجوم بارادتهم. وقال «لا يوجد ما يكفي من جنود المشاة على الارض... اذا كانت لدينا عملية في الفلوجة فان العدو يذهب للموصل أو بعقوبة».

وفي بغداد فان تحليق عدد أكبر من طائرات الهليكوبتر فوق البيوت يذكر كيف أن الهجمات التي شنها المقاتلون على طريق المطار الرئيسي أجبرت العاملين الاميركيين في مجمع المنطقة الخضراء على الانتقال جوا للقاعدة العسكرية الرئيسية في المطار. ولفترة من الوقت بعد الحرب كان ينظر الى كل تصعيد في العنف باعتباره «الرمق الاخير» للمقاتلين. والان يتحدث الضباط الاميركيون عن عبء كبير وان تحدثوا بثقة أمام الجمهور.

قال هيمان «الوضع يزداد سوءا. لا شك في ذلك». ومضى يقول: كلما طبقت (قوات) التحالف تكتيكات لمواجهة استراتيجية للمقاومة يطبق المقاتلون استراتيجية جديدة. وقال هندرسون ان واشنطن التي زادت اعداد القوات بنسبة عشرة في المائة الى 150 ألفا لتأمين الانتخابات التي ستجري الشهر القادم، تواجه معضلة الاختيار بين التكلفة السياسية الداخلية لحوالي 1300 جندي قتلوا وعشرة الاف جرحوا الى الان أو ترك العراق في الفوضى.

واستطرد قائلا «معضلتهم (الاميركيين) الاستراتيجية هي أنهم يريدون تقليص التزامهم كي يمكنهم اعادة الجنود لبلادهم وتقليص الخسائر البشرية، ويمكنهم أن يصفوا ذلك بالنجاح. لكنهم لا يريدون ترك العراق فراغا يمكن لسورية أو ايران أو اخرين ان يلعبوا فيه».