الليكود والعمل يوقعان اليوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل

TT

يستعد تكتل الليكود بزعامة ارييل شارون وحزب العمل المعارض للتوقيع اليوم رسميا على اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يفترض ان تسمح لرئيس الوزراء الاسرائيلي بتنفيذ خطته للانسحاب من قطاع غزة حيث يشن الجيش الاسرائيلي عملية توغل واسعة النطاق. واعلنت الاذاعة العامة الاسرائيلية ان مفاوضين من الطرفين اجتمعوا مساء امس لوضع اللمسات الاخيرة على اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الذي اعلن التوصل اليه مساء اول من امس. وقالت ان الاتفاق سيوقع رسميا اليوم.

ومن المقرر بحسب الاذاعة اعلان تشكيلة الحكومة الجديدة الخميس، وستكون خامس حكومة وحدة وطنية في تاريخ اسرائيل وسيتولى العماليون فيها ثمانية مناصب وزارية، اثنان منها بدون حقيبة. وستجتمع قبل ذلك اللجنة المركزية لحزب العمل الاثنين والاربعاء لتعيين وزرائها في هذه الحكومة. وسيتولى زعيم حزب العمل شيمعون بيريس احد المناصب الوزارية وسيعين «نائبا لرئيس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء» وهو منصب ما زال يتحتم تحديد صلاحياته.

اما الحقائب الخمس الاخرى التي سيتولاها العماليون، فهي حقائب الداخلية والاسكان والبناء والبنى التحتية والسياحة والاتصالات. وسيعين ثلاثة عماليين اخرين نواب وزراء. ولا يستند شارون حاليا في سلطته الا على اربعين نائبا من الليكود من اصل نواب الكنيست البالغ عددهم 120، بعد ان تخلت عنه عدة تنظيمات معارضة لخطته للانسحاب من قطاع غزة او لسياسته الاجتماعية والاقتصادية. غير ان حزب العمل لا يشغل سوى 19 مقعدا في الكنيست، ما سيرغم شارون على ضم تشكيل ديني صغير هو «اليهودية الموحدة للتوراة» (خمسة نواب) الى الائتلاف الحكومي.

وستكون هذه ثاني حكومة وحدة وطنية يترأسها شارون منذ انتخابه رئيسا للوزراء في فبراير (شباط) 2001. وحكومة الوحدة الوطنية الاولى التي شكلها شارون غداة انتخابه كانت تضم ثمانية احزاب تتراوح توجهاتها السياسية بين العماليين واليمين المتطرف، وقد ضمنت له غالبية 73 نائبا على الاقل من اصل 120. وسقطت هذه الحكومة في أكتوبر (تشرين الاول) 2002 عند استقالة اعضائها العماليين الستة احتجاجا على تخصيص اعتمادات للمستوطنات في مشروع الموازنة للعام 2003. وبعد ان خسر شارون غالبيته، دعا لاجراء انتخابات تشريعية مبكرة في يناير (كانون الثاني) 2003 سجل فيها الليكود انتصارا ساحقا على العماليين. ووافق العماليون على الانضمام مجددا الى حكومة شارون للسماح له بتطبيق «خطة الفصل» التي تنص خصوصا على انسحاب من طرف واحد من قطاع غزة عام 2005 ومن اربع مستوطنات معزولة شمال الضفة الغربية.

وفي ما يلي تذكير بحكومات التعايش السابقة بين اليمين والعماليين منذ قيام دولة اسرائيل: تشكلت حكومة الوحدة الوطنية الاولى عشية حرب يونيو (حزيران) 1967 وسط اجواء ازمة خطيرة. وقام حزب العمل آنذاك الذي كان يهيمن على السلطة في اسرائيل منذ 1948 بضم زعيم المعارضة اليمينية مناحيم بيغن للمرة الاولى الى الحكومة، انما بدون ان يمنحه منصب مسؤولية. واستمرت حكومة الوحدة الوطنية حتى خروج اليمين منها عام 1970 تعبيرا عن معارضته توقيع اتفاق وقف اطلاق نار مع مصر. ومضت بعد ذلك اربعة عشر عاما قبل ان يجتمع اليمين والعماليون مجددا في حكومة وحدة وطنية بعد ان عجز كلا المعسكرين عن فرض نفسه في الانتخابات التشريعية في يوليو (تموز) 1984 . وشهدت اسرائيل بعدها تناوبا على السلطة بين اليمين والعماليين، حيث تولى الزعيم العمالي بيريس قيادة البلاد لمدة سنتين، قبل ان يحل محله زعيم اليمين اسحق شامير في هذا المنصب عام 1986 .

وتشكلت حكومة وحدة وطنية ثالثة بعد الانتخابات التشريعية عام 1988 التي فاز بها اليمين. غير ان شامير تولى هذه المرة رئاسة الوزراء فيما تسلم الزعيم العمالي اسحق رابين حقيبة الدفاع. وفي 1990، انهارت حكومة الوحدة وانتقل العماليون الى المعارضة. وفي فبراير (شباط) 2001، انتخب مرشح الليكود ارييل شارون رئيسا للوزراء ملحقا هزيمة كبيرة برئيس الحكومة المنتهية ولايته العمالي ايهود باراك. وشكل شارون حكومة وحدة وطنية رابعة تضم ثمانية احزاب تتراوح بين العماليين واليمين المتطرف، ما ضمن له غالبية 73 نائبا على الاقل من اصل 120 في الكنيست.

وفي اكتوبر (تشرين الاول) 2002، انهارت حكومة الوحدة الوطنية مع استقالة أعضائها العماليين الستة احتجاجا على تخصيص اعتمادات للمستوطنات في مشروع الموازنة للعام 2003. وبعد ان فقد شارون الغالبية في البرلمان، دعا لتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في يناير (كانون الثاني) 2003، وكانت النتيجة فوزا كاسحا لحزبه على العماليين الذين حققوا أسوأ نتيجة في تاريخهم. وتشكلت حكومة ائتلاف في فبراير (شباط) 2003 كانت من الحكومات الإسرائيلية الأكثر ميلا الى اليمين حتى الان.