بوش يصدر قانون إصلاح الاستخبارات قبل تعيين مدير قومي لها.. وفي غياب مرشح يخلف وزير الأمن الداخلي المستقيل

TT

واشنطن ـ أ.ف.ب: وقع الرئيس الاميركي جورج بوش أول من أمس قانونا ينص على اكبر اصلاح في قطاع الاستخبارات منذ اكثر من نصف قرن بهدف سد الثغرات التي لم تستطع الحؤول دون وقوع اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وذلك بعد حوالى ثلاث سنوات على وقوعها وعدم القاء القبض بعد على اسامة بن لادن الذي يواصل تحديه للولايات المتحدة. وقال بوش خلال حفل التوقيع على القانون الذي اقره الكونغرس بمجلسيه الاسبوع الماضي، «بموجب هذا القانون الجديد، ستصبح اجهزة استخباراتنا الواسعة اكثر توحدا وتنسيقا وفاعلية، وسيمكننا من تحسين اداء واجبنا وهو حماية الشعب الاميركي».

وفي اطار هذا الاصلاح الذي اعتمد بهدف اعادة تنظيم عمليات التجسس ومكافحة التجسس وتركيزها على محاربة الارهاب، يستحدث منصب مدير قومي للاستخبارات يكون مسؤولا اعلى في هذا المجال لمكافحة الارهاب. وبحكم هذا المنصب سيكون هذا المدير الذي لم تعرف هويته بعد، على رأس اجهزة الاستخبارات الـ15 لا سيما العسكرية، وضمنها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ومديرها الجديد الجمهوري بورتر غوس الذي اثار تسلمه رئاسة هذه الوكالة قبل شهرين البلبلة ورحيل عدد من كبار المسؤولين.

وسيعاون المدير القومي للاستخبارات مركز وطني لمكافحة الارهاب يتولى مهمة تنسيق المهمات، وسيعمل في موازاته مجلس مستقل يعنى بمسألة احترام الحياة الخاصة والحريات المدنية بهدف الحد من التجاوزات. وقطاع الاستخبارات تقدر ميزانيته السنوية بحوالى اربعين مليار دولار يشرف عليها البنتاغون حتى الان، كما يعد عشرات الاف العملاء. وهذا الاصلاح مستوحى من توصيات لجنة التحقيق المستقلة حول اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر التي قدمت استنتاجاتها قبل خمسة اشهر، وقد طالبت به بالحاح عائلات الضحايا بالرغم من معارضة انصار البنتاغون المتحفظين ازاء تقليص نفوذ العسكريين. لكن هذا الاصلاح تعرض لانتقادات اكبر منظمة مدافعة عن الحريات المدنية كما اثار بعض التشكيك لدى الصحافة بالرغم من وجود اجماع على اهدافه.

واكد بوش من جهته على ان البنى الحالية للاستخبارات اعتمدت في خضم الحرب الباردة بينما «اميركا تواجه في هذا القرن الجديد تهديدات من نوع جديد. فبدلا من الجيوش المنظمة نواجه شبكات لا دولة لها. ونواجه قتلة يختبئون في مدننا وتكنولوجيات فتاكة». واضاف «ان حكومتنا تنظم نفسها لمواجهة هذه التهديدات والتغلب عليها». والخميس الماضي اسمع بن لادن صوته مجددا في رسالة صوتية بثت على شبكة الانترنت واكدت الاستخبارات الاميركية صحتها، ليدعو انصاره الى «تركيز» هجماتهم على المنشآت النفطية خصوصا في العراق والخليج لمنع الاميركيين من السيطرة عليه. وقد اعتمد قانون الاصلاح الجديد بهدف وضع حد لكل الخلل في اجهزة الاستخبارات التي وجهت اليها انتقادات كثيرة لانها لم تتمكن من الحيلولة دون وقوع اعتداءات 2001 ولانها اعطت معلومات خاطئة بشأن الترسانة العراقية المزعومة لاسلحة الدمار الشامل.

ويبدأ العمل بالقانون الجديد في حين لم تصدر بعد استنتاجات اللجنة المكلفة توضيح سبب اخطاء التحليل بشأن الترسانة العراقية وفيما لم يتوفر بعد عنصر اساسي في تدابير الحماية للولايات المتحدة اذ لا تزال وزارة الامن الداخلي تنتظر من سيتولى رئاستها منذ ان سحب برنارد كيريك رئيس شرطة نيويورك سابقا ترشيحه لهذا المنصب على خلفية مسألة مثيرة للجدل تتعلق بتوظيف مهاجرة وضعها غير قانوني كخادمة ومربية. وكان اختيار كيريك لتولي رئاسة وزارة الامن الداخلي اثار تحفظات عديدة في اوساط البرلمانيين الاميركيين وداخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس بوش.

وقال توم ريدج قبل اعلان قرار كيريك الانسحاب بان هذا الاخير سيبذل ما بوسعه لحل اي تضارب مصالح محتمل بين انشطته ومهامه الجديدة في حال حصول ذلك. علما بان كيريك كان يعمل مع رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني وهو جمهوري ايضا، في شركة استشارات في المجال الامني. وهو ايضا عضو في مجلس ادارة شركة «تاسر» التي تصنع اسلحة بالصدمة الكهربائية ينتشر استخدامها لدى الشرطة الاميركية.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» اخيرا بانه «في حال ثبت في منصب وزير الامن الداخلي فانه سيشرف على وزارة ضخمة تقوم بصفقات مع بعض الشركات التي اسهمت في جعله رجلا ثريا». وتفيد بعض الوثائق المالية لشركة تاسر ان كيريك باع في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) حصة من الاسهم التي كان يملكها في هذه الشركة.