الجنرال مايرز يؤكد أن هجوم الموصل كان انتحاريا ومؤشرات ترجح فرضية «العمل من الداخل»

TT

قال الجنرال ريتشارد مايرز، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، إن الهجوم على القاعدة العسكرية الأميركية في الموصل شمال العراق، كانت انتحاريا، على ما يبدو، فيما أعرب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، عن تشاؤمه بشان احتمالات السلام في العراق بعد الانتخابات. وفي تصريح للصحافيين من البنتاغون قال مايرز «في هذه المرحلة، يبدو أن عبوة ناسفة مصعنة يدويا يرتديها انتحاري» هي سبب الانفجار الذي أودى بحياة 22 شخصا الثلاثاء الماضي. وأضاف «يبدو أن انتحاريا ثبت شيئا على جسده (...) ودخل قاعة الطعام».

وكان الرئيس الأميركي جورج بوش، لمح إلى أن الانفجار كان نتيجة هجوم بالصواريخ، إلا أن تصريحات رئيس هيئة الأركان تشير إلى أن انتحاريا تمكن من التسلل إلى قلب المعسكر الأميركي. وكانت جماعة أنصار الإسلام أعلنت في بيان لها، مسؤوليتها عن الانفجار، وأكدت أنه نتيجة عملية انتحارية.

وقال مايرز إن بين القتلى في الهجوم، 13 جنديا أميركيا وخمسة متعاقدين مدنيين أميركيين، مضيفا أن 69 شخصا آخرين اصيبوا بجروح في الهجوم، منهم 44 جنديا أميركيا.

إلا أن بيانا للجيش الأميركي من بغداد حول التحقيقات الأولية في الهجوم، ذكر أن 14 جنديا أميركيا قتلوا، وأربعة متعاقدين مدنيين، وثلاثة عراقيين من أفراد قوات الأمن، وشخصا غير أميركي لم يتم التعرف على هويته.

ومن ناحيته صرح رامسفيلد للصحافيين في البنتاغون بأن المحققين الذين أرسلوا الى القاعدة توصلوا إلى نتيجة ان الهجوم نفذه انتحاري. وقال مايرز إن الجيش سيحقق الآن في أمن القاعدة وكيفية تمكن الانتحاري من الوصول إليها. وأضاف «سنعرف عند انتهاء التحقيقات كيف وقع الهجوم بالضبط». وقدم كل من مايرز ورامسفيلد تعازيهم لعائلات القتلى. وقال رامسفيلد ان «خسارة الارواح تفطر القلوب».

وفي رد على سؤال حول أمن القاعدة قال مايرز «نستطيع ان نؤكد لكم ان القادة الميدانيين يعملون بجد لتطبيق اجراءات حماية القوات المنتشرة». وأضاف ان «الوحدات المخصصة للعمل في العراق تتلقى تدريبات واسعة قبل نشرها هناك، كما تتلقى تدريبا اضافيا في الكويت والعراق». وتابع «واضافة الى ذلك فاننا نواصل استخدام اخر ما توصلت اليه التقنية مثل الطائرات غير الماهولة واجهزة الاستشعار عن بعد لتعزيز اجراءات حماية القوات».

وردا على سؤال حول ما اذا كان من الحكمة وضع الجنود في خيام كبيرة في القاعدة التي استهدفها مسلحون من قبل، قال مايرز «هذه طلبات يتقدم بها القادة الميدانيون«. واوضح «لقد قام انتحاري بلف متفجرات على جسمه كما يبدو ودخل قاعة الطعام. نحن نعلم صعوبة منع ووقف الاشخاص الذين يعتزمون القيام بعمليات انتحارية».

من جهته، قال رامسفيلد إن العدو «ذكي»، ويغير تكتيكاته في أعقاب الهجمات الأميركية الكبيرة على معاقل المسلحين مثل الفلوجة. كما حذر من أن أعمال العنف الدموية في العراق ستتواصل بعد الانتخابات التي ستجري في 30 يناير (كانون الثاني). وقال رامسفيلد «اعتقد انه سيكون من الخطأ محاولة البحث عن عراق هادئ بعد الانتخابات». وأكد أن «المتطرفين والإرهابيين والأشخاص المصممين على محاولة استعادة البلد، عازمون على أن لا يخسروا، وسيفعلون كل ما بوسعهم لينجحوا، بينما سنبذل كل ما بوسعنا لإفشالهم».

ومن الواضح، حسبما تفيد مؤشرات، أن التفجير كان عملا داخليا نفذه انتحاري، أفلح في اجتياز حواجز الأمن، وفقا لما قاله مسؤولون عسكريون كبار أول من أمس. وفي هذا الهجوم، وهو الأعنف على قاعدة عسكرية أميركية منذ بداية الحرب في مارس (آذار) 2003، ارتدى الانتحاري حزاما ناسفا لمضاعفة الشظايا خلال تفجير التجمع وقت الظهر، حيث أغلبية الجنود حاضرون.

ويتناقض الكشف عن أن مفجرا انتحاريا نفذ العملية مع التقارير الأولية، التي أشارت إلى إصابة مطعم القاعدة الأميركية في الموصل بصاروخ. وكان «جيش أنصار الاسلام» قد أعلن على الإنترنت أن منفذ العملية في الرابعة والعشرين، وكان قد عمل في القاعدة لفترة شهرين.

وكان المسؤولون في القاعدة قلقون من احتمال حصول هجوم منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما وجدوا مع مشتبه فيه اعتقل في الموصل، وثيقة تحتوي على تفاصيل اجتماع خلية تصف هجوما على القوات الأميركية، وفقا لتقرير من محطة «اي بي سي نيوز» التلفزيونية الأميركية.

وتشير الهجمات الأخيرة إلى أن المسلحين المناوئين استهدفوا قصدا مطاعم أثناء فترات تناول الطعام، كما حصل في الرمادي وتكريت في الفترة الأخيرة. وقال رامسفيلد إن أحد الأساليب الرئيسية للمسلحين يتمثل في استخدام الترهيب لمنع العراقيين من المشاركة في الحياة المدنية وعرقلة نشاط المخبرين المحتملين. وأضاف أن «العدو فعال ولديه عقل، وهو يغير أساليبه، وإذ تحدث الأمور على الأرض فإنهم يرون ما نقوم به ليحددوا رد فعل عليه، ثم يقومون بتغيير أساليبهم».

وفي الأشهر الأولى التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام الماضي، كان يشار إلى الموصل، وهي ثالث أكبر مدن البلاد، باعتبارها نموذجا للهدوء في العراق، غير أنها تحولت في الفترة الأخيرة إلى مصدر مشاكل للأميركيين وحلفائهم. وأول من أمس استيقظ السكان ليجدوا المدينة، التي يقطنها ما يزيد على المليون نسمة، تحت حصار فعلي من جانب القوات الأميركية، حيث اغلقت الجسور الخمسة الرئيسية في المدينة، وحذر المحافظ المواطنين، طالبا منهم المكوث في بيوتهم وإلا تعرضوا إلى أطلاق النيران. ويخشى السكان من قيام القوات الأميركية، في أعقاب عملية الهجوم على المطعم، بهجوم شامل على المدينة، وهو ما أشار اليه السارجنت جوزيف سانشيز، المتحدث العسكري في الموصل، الذي قال اإن القوات تدير عمليات هجومية ضد أهداف محددة. وقال مواطن خائف من المدينة رفض الكشف عن هويته، ان «أميركا تعد نفسها للضغط على الموصل ونثر بذور الحرب كما فعلت في الفلوجة».

من ناحية أخرى أثبت هجوم الثلاثاء أن الإجراءات التي تتبعها القوات الأميركية، لم تكن كافية لمنع المسلحين العراقيين من شن الهجوم وقتل أفراد من القوات الأميركية، في المكان والزمان اللذين يختارونهما.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»