جاسوسة أميركية سابقة تنتقد «سي.آي.إيه»: دربونا على «حفلات الكوكتيل» عندما أعلنت الوكالة الحرب ضد «القاعدة»

شكت من أن الترقي يعتمد على عدد المصادر التي يجندها الضابط وليس نوعيتها

TT

ش في عام 1999 وبعد سنة من اعلان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) الحرب على تنظيم القاعدة، كانت الوكالة ما زالت تدرب جواسيسها على أساليب التعامل في حفلات الكوكتيل في السفارات ويحصلون على دورات في كيفية الهرب بالسيارات، طبقا لكتاب اعدته امرأة قضت خمس سنوات في العمل السري في الوكالة. وكتبت ليندساي موران في كتابها الذي سيصدر قريبا، «الكشف هويتي»: حياتي كجاسوسة في وكالة الاستخبارات المركزية انه حتى بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) «كانت الوكالة بطيئة في تغيير تكتيكات التجسس. وهو الأمر الذي أثار تشوش العاملين في مقر الوكالة الذين «كانوا يحاولون فهم أسباب فشل الاستخبارات التي ادت الى عدم اكتشاف المؤامرة الارهابية.

ولكن عندما طورت موران، التي كانت تعمل في مقدونيا، مصدرا ادعى انه يعرف بعض المتطرفين الاسلاميين، وبعثت بالمعلومات الى المشرفين عليها في ادارة العمليات في الوكالة الذين بدورهم بعثوا اليها ببرقية ، قالوا فيها «بما انه من المحتمل ان المصدر لديه علاقات ارهابية في الماضي فيجب ان تتوقف عن أي تعامل معه». وبعدها بعامين، وبعد فترة عمل في قضايا تتعلق بالعراق، قبل الغزو الاميركي، استقالت موران من الوكالة. وقالت انها شعرت بالاحباط بسبب العقبات التي وضعها عملها على حياتها الشخصية.

وتجدر الاشارة الى ان روايتها هي آخر الروايات ضمن سلسلة من الانتقادات التي صورت الوكالة كجهاز يتحرك ببطء للاستجابة الى نوعيات جديدة من التهديدات في دول ليست فيها سفارات اميركا وحيث تنتهك حفلات الكوكتيل الشريعة الاسلامية. واوضحت في الاسبوع الماضي في مقابلة صحافية «عندما كنت اتدرب في عام 1999، كانت الوكالة لا تزال تستخدم نفس نموذج التدريب، الذي كان يطبق خلال الحرب الباردة».

وقالت موران ان لديها بعض الاصدقاء في الوكالة الذين انهوا تدريبهم للعمل «كمسؤول قضية» في ادارة العمليات. و«قد سألتهم هل يستخدمون نفس نموذج التدريب؟ وكان الرد بالايجاب. وشمل تدريبها في «المزرعة»، وهو الاسم الذي يطلق على الاكاديمية الميدانية للضباط الذين سيعملون في المجال السري في قاعدة خارج وليامزسبرغ، الاعمال شبه العسكرية وغارات وهمية، والقفز بالمظلات. كما يوجد برنامج على الافلات من مطاردة السيارات والتدريب على محاولة تجنيد الأجانب على العمل لحساب الوكالة خلال حفلات الكوكتيل.

وقد اكملت تدريبها في ديسمبر(كانون الأول) عام 1999، بعد سنة من المذكرة التي بعث بها مدير الوكالة آنذاك جورج تينت وأشار فيها الى ان كبار مساعديها اعلنوا ان الوكالة في حالة حرب مع «القاعدة». وذكرت المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات الاميركية ، انيا غولشر، ان «سي آي ايه» تفاوضت مع المؤلفة حول بعض الفقرات ولكنها أقرت الكتاب، المقرر نشره في الشهر المقبل، لان الروايات المنشورة من قبل وصفت التدريبات في الوكالة. وقد تمت الموافقة خلال عمل تينت في الوكالة. وقالت غولشر، ان التدريبات التي يحصل عليها العاملون في المواقع قد تغيرت: «من المؤكد ان التدريب منذ عام 1999 قد تطور بصورة رهيبة ليعكس الحقائق الحالية».

ويلاحظ ان بعض تقنيات التجسس التي تعلمتها موران لا تزال صالحة. فضباط الوكالة في العراق يستخدمون وسائل الافلات من السيارات يوميا تقريبا. كما ان العمليات في افغانستان زادت الحاجة الى الخبرات شبه العسكرية التي وصفتها موران بأنها غير مهمة. وفي عرض انتقادي في صحيفة «نيويورك صن» ذكرت مارثات سوثرلاند التي لديها خبرة 18 سنة في ادارة العمليات في الوكالة ان موران وصفت بدقة تدريب العاملين في الوكالة». واضافت «انها شعرت بالصدمة من التفاصيل التي سمح بها مجلس الاشراف على المنشورات في الوكالة ، بالاضافة الى ضعف التغييرات التي حدثت منذ حصلت على نفس التدريب قبل 18 سنة».

وتجدر الاشارة الى ان وصف موران للتدريب يجيء في وقت يعاني فيها خليفة تينت، بورتر غوس ـ الذي انتقد الوكالة عندما كان رئيسا للجنة الاستخبارات في مجلس النواب ـ لكي يواجه التهديدات الناشئة للارهاب وانتشار الاسلحة. وقال تينت في شهادته امام هيئة 11 سبتمبر، ان الامر سيستغرق خمس سنوات لاصلاح وسائل جمع المعلومات البشرية، بدلا من تلك التي يتم جمعها عبر الاقمار الصناعية ، على سبيل المثال. وقد اصر غوس على انه يعتقد ان هذه التكهنات متفائلة.

ورفض تينت كل طلبات اجراء مقابلات صحافية بعد تركه الوكالة في الصيف الماضي. وكانت موران وهي خريجة هارفارد، تدرس اللغة الانجليزية في بلغاريا قبل الانضمام الى الوكالة. وقالت ان خبرتها الأجنبية اثرت على فرصها لان المسؤولين في الوكالة يشعرون بالتوتر من استخدام موظفين لديهم علاقات بالخارج. وقالت غولشر إن «الوكالة» ناشطة في السعي لاستخدام اشخاص سافروا للخارج ، ولا سيما اذا كانت لديهم خبرات لغوية متعلقة بالشرق الاوسط واسيا الوسطى وشرق اسيا.

الا ان غولشر اوضحت ان المتقدمين للعمل الذين لديهم أقارب اجانب يتعرضون لمزيد من الفحوص الأمنية، ولكن بما ان المتقدم للطلب مواطن اميركي، فإن مثل هذه العلاقات لا تمثل عائقا للعمل في الوكالة». وفي العام الماضي تلقت وكالة الاستخبارات 138 الف طلب عمل، وهو «ما يسمح لنا بالاختيار». وقد اصدرت موران في الكتاب تحذيرا الى الجيل المقبل من الجواسيس. فقد اوضحت ان الترقي يعتمد على عدد المصادر التي يجندها الضابط ، وليس على نوعية المصادر. والنتيجة هي ان وكالة الاستخبارات المركزية تحصل على معلومات من افراد يشغلون وظائف دنيا وتفتقر الى المصادر ذات المناصب الكبرى الذين ربما يعرفون اسرار البرامج النووية او الهجوم الارهابي المقبل.

واوضح ريتشارد راسل، وهو خبير استخبارات في جامعة الدفاع الوطني، ان المشكلة هي ان الوكالة «لم تغير ممارستها العملية التي تطورت خلال الحرب الباردة». وقد ادت هذه الممارسات الى نتائج محدودة في تجنيد مصادر سوفياتية وانه «اذا ادت تلك الممارسات الى نتائج محدودة، فإن فرصة نجاحها الان محدودة في الوقت الراهن».

* خدمة يوس اس ايه توداي - خاص بـ«الشرق الاوسط»