مدينة بم المنكوبة تبكي موتاها في الذكرى الأولى للزلزال المدمر

TT

بم (ايران) ـ ا.ف.ب: في ساعات الصباح الاولى من نهار امس، خرج الناجون الخمسة الاف في مدينة بم الاثرية الايرانية والمناطق المحيطة بها الى مقبرة بهشت الزهراء التي استقبلت ثلاثين الفا من احبائهم قضوا في الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة قبل عام كامل وتلوا الفاتحة قبل طي صفحة الحداد.

تجمع السكان الناجون يرتدون السواد ويحملون صور الاحبة الذين غيبهم الموت في المقبرة التي تحمل اسم فاطمة الزهراء ابنة الرسول (عليه الصلاة والسلام) على اطراف المدينة التي كانت احدى محطات طريق الحرير على بعد 1000 كلم جنوب شرقي طهران.

لم يكن بامكان الجميع ان يرفعوا الشواهد الرخامية على قبور موتاهم لذلك بدت معظم القبور على شكل واحد لا تحمل اي اشارة الى صاحبها كما يدعو اليه الاسلام.

قام الناجون بغسل القبور التي بنيت شواهدها بماء الزهر، واكتفى اخرون بري تربة القبور الاخرى ووضع الزهور عليها، ووزع بعضهم الحلوى عن ارواح موتاهم فيما كانت مروحيات الشرطة تحلق فوق المكان وتنثر الزهور على المقبرة.

الزلزال الاسوأ في تاريخ ايران ضرب المدينة الاثرية والمناطق المحيطة بها في السادس والعشرين من ديسمبر( كانون الاول) 2003، واوقع استنادا الى الارقام الرسمية 31884 قتيلا و18 الف جريح «معظمهم يعانون من اعاقات دائمة اضافة الى خمسة الاف يتيم و1700 ارملة» كما يقول محافظ بم علي محمد رفيع زاده مستندا الى ارقام سجل النفوس. بلغت قوة الزلزال 6.3 الى 7.6 درجة على مقياس ريختر وفاجأ الناس الذين كانوا نياما في هذه المناطق الريفية المترامية وفي المدينة التي كانت احدى محطات طريق الحرير. واتى الزلزال على قلعة المدينة وهي احدى اجمل القلاع الاثرية في العالم.

واستناد الى منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فان تسعة الاف الى عشرة الاف طفل قتلوا في الكارثة بينما سوى الزلزال 85 في المائة من المساكن بالارض. وقال رجل الدين المحافظ سيد احمد خاتمي الذي يمثل مدينة كرمان عاصمة المحافظة في مجلس الخبراء (المجلس الذي يعين مرشد الجمهورية) «المسؤولون جميعا قاموا بعملهم على الوجه الاكمل.. لم ينس احد بم ونحن بعون الله سنعيد بناء المدينة».

واضاف «ان اية الله علي خامنئي مهتم كثيرا باعادة اعمار بم والعمل هنا سيتواصل في ظل اي حكومة».

لكنه انتقد بشدة الدول التي كانت اعلنت عن تقديم مساعدات لبم ولم تفعل حتى الان. وندد ايضا «بالولايات المتحدة التي ارادت استغلال الكارثة لاغراض سياسية».

وكان الرئيس محمد خاتمي اعلن الاربعاء ان ايران تسلمت 17 مليون دولار فقط من اصل اكثر من مليار من المساعدات الموعودة.

وافاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية ان الناجين الذين ذرفوا الدموع على موتاهم كانوا ابعد ما يكون عن الغضب رغم بطء الاعمار في عملية الاعمار.

زهرة، 45 عاما، تتذكر باكية اللحظات الاولى من الكارثة «كنا نستعد مع ابننا البكر لصلاة الفجر عندما بدأت الارض تهتز.. فجأة انهار كل شيء حولنا.. وهربنا الى الحديقة». وتابعت «كنا نسمع صراخ المستغيثين تحت الانقاض وحاول ابني ان ينقذ اباه واخاه واخته من تحت الانقاض.. لكنه عندما نجح في ازالة الركام كانوا قد اصبحوا في ذمة الله».

اكرام سيدة اخرى من بم في الثامنة والثلاثين تتذكر هي الاخرى وهي تمسح دموعها بطرف التشادور الاسود الذي تلتف به «منذ عام كامل لا اعرف شيئا عن ابني.. كان عشية الزلزال خرج لزيارة اصدقاء له ولم يعد».

وتضيف اكرام التي اصيبت هي الاخرى وامضت شهرين في المتستشفى «هيئة الرعاية الاجتماعية اكدت لي ان احدا لم ينج من البيت الذي كان يفترض ان ابني كان فيه.. لكنني لا اريد ان اصدق ذلك».

وتقوم اكرام بزيارة المقبرة كل يومين او ثلاثة تتجول بين القبور على امل ان ترى اسم ابنها على واحد من شواهدها. وتقول ذاهلة «ربما كان ابني على قيد الحياة واذا كان الامر كذلك فربما اتى هو الاخر الى المقبرة