أكثر من 11 ألف قتيل ومليوني مشرد في زلزال عنيف يضرب إندونيسيا ويثير موجات مد قاتلة في سري لانكا والهند وتايلاند والمالديف

شاهد عيان: رأيت بيوتا وأشجارا اقتلعت من جذورها وهي تغوص تحت الأرض

TT

استيقظ الملايين في جنوب اسيا صباح امس على البحر وهو يبتلع اليابسة في ثوان معدودة بعد زلزال عنيف نادر بقوة 8.9 درجة على مقياس ريختر ضرب جزيرة سومطرة شمال اندونيسيا، وامتد تأثيره المدمر ليثير موجات من المد المائي العنيف غمرت سواحل الهند واندونيسيا وسري لانكا وتايلاند والمالديف وبنغلاديش. واشارت الاحصاءات الاولى لاعداد الضحايا الى مقتل ما يقل عن 11 الف شخص، وإصابة الآلاف غيرهم، اضافة الى تشريد ما لا يقل عن مليوني شخص، وبحسب خبراء جيولوجيين فإن الزلزال العنيف، والمد المائي الذي نتج عنه ناجم عن تراكم هائل للطاقة تحت الارض. وزلزال امس هو خامس اقوى زلزال في العالم منذ قرن من الزمان، والاسوأ على الاطلاق منذ نحو 40 عاما. وقال مسؤولون ان موجات المد والجذر التي اثارها الزلزال بلغ ارتفاعها عشرة امتار، وان المياه غمرت ثلثي مالي عاصمة المالديف، وان 5% من سكان سري لانكا تضرروا من الكارثة. كما ابدى مسؤولون مخاوفهم بشأن مصير عشرات من الجزر المرجانية المنخفضة في جنوب اسيا. وقال شهود عيان في سري لانكا ان الناس المصدومة من سرعة تدفق المياه وغمرها لليابسة، كانوا يصيحون وهم يركضون ويتدافعون «البحر ابتلع اليابسة». وقال احد الشهود الناجين في اندونيسيا ان الموجة الاولى من مد المياه لم تكن شديدة الارتفاع لكن التي تلتها انقضت على منزله فغمرته بالمياه محدثة هديرا هائلا مما اضطره الى الالتجاء الى السطح. وقال فارونا (35 عاما) من منزله في باياغالا على بعد 50 كلم الى الجنوب من كولومبو عاصمة سري لانكا «رأيت بيوتا واشجارا اقتلعت من جذروها وهي تغوص تحت الارض».

وقد انقضت الامواج العاتية التي تسبب بها الزلزال مقابل سواحل اندونيسيا من دون اي انذار مبكر على ساحل سري لانكا الذي غالبا ما يكون مكتظا بالسائحين في مثل هذا الوقت من السنة.

وتشير اخر حصيلة في سري لانكا الى سقوط 2300 قتيل بعد ان ضربت الامواج المحطات السياحية قرب جزيرة ترينكومالي في شمال شرقي البلاد قبل ان تتجه جنوبا وغربا. وقالت حكومة سري لانكا ان أسوأ موجة مد مائي تشهدها البلاد في تاريخها ألحقت أضرارا بأكثر من مليون اخرين أي ما يعادل خمسة في المائة من سكان الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي. واعقبت موجات المد زلزالا في المحيط الهندي، ووصل ارتفاع الامواج الى خمسة امتار واجتاحت السواحل الشرقية والجنوبية لسري لانكا وغمرت المياه مناطق شاسعة.

وقطعت الطريق الرئيسية التي تربط العاصمة كولومبو وسدتها انقاض البيوت وجذوع الاشجار والاثاث والسيارات التي بدت متراكمة في بعض الاماكن ومتناثرة في اماكن اخرى. وفي الداخل وعلى بعد مئات الامتار داخل اليابسة انتشرت مراكب الصيادين التي قذفت بها الامواج مع تلال من الرمال التي حملتها هذه الامواج من الشاطئ. وتحولت خطوط السكة الحديد التي تصل جنوب سري لانكا بالعاصمة كولومبو الى كتل ملتوية من الحديد او انتزعت تماما من مكانها وقذفت بها الامواج بعيدا. وفي محطة القطارات في مدينة باياغالا لم يبق سوى جدارين منتصبين فيما انهارت كل جدران المباني على غرار معظم الابنية الاخرى وكان هناك قرب المحطة ناجيان يعبران الشارع بين الانقاض: كلب لا يدري اين يذهب ودجاجة لا تعرف من اين اتت. ولجأ العديد من السكان الى الاماكن المرتفعة تحسبا لعودة الامواج العاتية. وقال لاكال جاياسنيغي مدير فندق بيتش هوتيل وهو فندق اربعة نجوم على بعد 40 كلم الى الجنوب من كولومبو، ان اللصوص استفادوا من الكارثة وهم يقومون بحمل الاثاث واجهزة التلفزيون وغيرها من الفندق ولا يمكن لاحد وقفهم. واضاف جاياسنيغي (43 عاما) «عمليات السطو على قدم وساق ولا يمكننا القيام بشيء.. الفندق بكامله غاص فجأة تحت البحر وطفت اجهزة التلفزيون والاسرة فوق الماء». وقال ان النزلاء نقلوا عبر الطرقات الداخلية الى العاصمة في رحلة تستغرق ساعات فيما لم تكن تستغرق اقل من نصف ساعة قبل الطوفان. كما اعلنت الشرطة السري لانكية ان حوالي 300 معتقل فروا من سجن في جنوب البلاد دمرته امواج المد البحري.

وفى نيودلهي، قال مسؤول بالحكومة الهندية ان ما لا يقل عن 2000 شخص قتلوا في ولاية تاميل نادو الهندية بعد أن ضربت موجات المد الساحل الجنوبي للبلاد. واعلن وزير الداخلية الهندي شيفراج باتيل لوكالة «برس تراست اوف انديا» ان اكثر من ألفي شخص قتلوا امس في الهند في المد البحري. واضاف الوزير الهندي في ختام اجتماع للحكومة خصص للازمة ان ولاية تاميل نادو هي الاكثر تضررا وحصيلة القتلى فيها قد تتجاوز الـ1000 قتيل، بينما قتل اكثر من مائتي شخص في ولاية اندرا براديش المجاورة. كما احصيت جثث عدد من الضحايا في ارخبيل اندامان الهندي في المحيط الهندي.

وحول الاضرار في اندونيسيا، قال مسؤول في الشرطة ان موجات المد ادت الى مقتل نحو5000 شخص، الكثير منهم في اقليم اتشيه بجزيرة سومطرة في اقصى شمال البلاد. وتحدث شهود عيان عن دمار كبير في باندا اتشيه عاصمة الاقليم. اوضح مسؤول محلي ان ما يزيد على 200 سجين فروا من سجن في اقليم اتشيه بعد ان تسببت موجات المد بالمنطقة في انهيار جدران السجن. وقال ضابط اندونيسي ان مستوى مياه البحر بدأ بالارتفاع بعد حوالي ثلاثين دقيقة من وقوع الزلزال. واوضح اللفتنانت سويتنو من شرطة سيغلي ان مئات الاشخاص يقيمون قرب شواطئ او ضفاف انهار تم اجلاؤهم الى شمال شرق المدينة.

اما في تايلاند، فقد اعلنت مصادر رسمية ان 310 اشخاص على الاقل قتلوا واصيب اكثر من الفين بجروح في منطقة جنوب تايلاند السياحية بسبب الامواج العاتية التي ضربت الساحل. واعلن سوراشيت ساتيتنيرماي المسؤول عن مركز العمليات الطارئة في وزارة الداخلية لتلفزيون «اي تي في» التايلاندي انه «في الساعة 00،18 (00،11 تغ) تحدثت الارقام التي نشرتها المستشفيات عن سقوط 310 قتلى من تايلانديين واجانب و2800 جريح». اما جزر المالديف، التي اجتاحتها امواج البحر ايضا فقد تحدث مسؤولون عن سقوط ضحايا حدد عددهم بشكل اولى بنحو 15 قتيلا. وقال المسؤولون في مطار كولومبو الدولي ان سلطات المالديف المجاورة اكدت لهم ان المد البحري اغرق مطار هولولي واغلق المدرج لمدة غير محددة. وتحدث سكان في العاصمة ماليه تم الاتصال بهم هاتفيا عن فيضانات في الجزء الاكبر من العاصمة. والمالديف ارخبيل يضم 1192 جزيرة صغيرة موزعة على امتداد 800 كيلومتر وقد لا تقاوم المد البحري بسبب موقعها المنخفض. وقد هز الزلزال بنغلاديش ايضا، وسجل وقوع قتيلين واحداث اضرار مادية محدودة حتى الان.