* تظهر موجات المد البحري العاتية في المحيطات التي تسمى «تسونامي» Tsunami، بعد حدوث زلازل بحرية عنيفة تقترب من شدة 8 درجات على سلم ريختر او لدى حدوث تفجر بركاني هائل تحت الماء. وفي كلتا الحالتين يؤدي حدوث انزلاق ارضي في قاع المحيط، على شكل انجراف كميات كبيرة او متوسطة من الترسبات على منحدرات التضاريس تحت المائية او حدوث فجوة هائلة، الى ظهور موجات «تسونامي».
و«تسونامي» لفظة يابانية تتألف من كلمتين الاولى «تسو» tsu التي تعني الميناء و«نامي» nami التي تعني الموجة ولذلك فهي «موجة الميناء» اصطلاحا. ولا يشعر الانسان بالتأثيرات المدمرة لموجات المد العاتية هذه التي يصل ارتفاعها الى عدة طوابق، الا عند اكتساحها للسياحل.
* احتكاك الصفائح
* وتقبع سومطرة الواقعة في الشمال الغربي من اندونيسيا التي وقعت فيها الهزة الارضية المدمرة، على حافة التقائها مع صفيحة تكتونية اخرى يقبع عليها المحيط الهندي وفقا للخبراء البريطانيين. وتحتك الصفيحتان لدى حركتهما مما يؤدي الى تكسر صفيحة المحيط الهندى ووقوع زلزال.
وأدى الاحتكاك الذي جرى على امتداد صدع زلزالي بطول الف كلم الى احداث إزاحة عمودية لعمق 10 أمتار تحت قاع البحر قاد الى انزياح كميات هائلة من المياه على امتداد مسافة الألف كلم هذه، وحدوث موجات «تسونامي» التي اطلقت ترتفع الى بين 5 و10 امتار بسرعة 100 كلم في الساعة. وما ان تصل الموجات نحو السواحل حيث الشواطئ الضحلة، حتى تخفف سرعتها ويزداد ارتفاعها ليصل الى ضعف ارتفاعها الاصلي احيانا.
وتظهر «تسونامي» في المحيط الهادئ عادة، الذي توجد فيه اكثر من نصف براكين العالم وقد تحمل بينها صخورا من اعماق البحر. وربما هذه المرة الاولى التي تحدث مثل هذه الموجات فيها في المحيط الهندي. وقد سجلت موجات عاتية لم تكن بحجم «تسونامي» عام 1960 بعد وقوع واحدة من اكبر الهزات الارضية في التشيلي. وامتد تأثير الموجات الى منطقة تسمى «حلقة المحيط الهادئ» وضربت الهاواي والفلبين واليابان التي تبعد عن التشيلي بـ 16 الف كلم. ولا يزال العلم عاجزا عن تطوير نظم للرصد المبكر للزلازل او موجات المد العاتية. وقد حدثت اكبر كوارث الزلازل المدمرة في القرن الماضي في عام 1960 في التشيلي وكانت بشدة 9.5 درجة بمقياس ريختر، وزلزال الاسكا عام 1964 بشدة 9.2 درجة، والاسكا ايضا عام 1957 بشدة 9.1 درجة، وروسيا عام 1952 بشدة 9 درجة ثم اندونيسيا الآن بشدة 8.9 درجة.
* نظريات «تسونامي»
* يتجادل العلماء حول اسباب حدوث موجات المد البحري العاتية «تسونامي»، اذ تحظى باهتمام بالغ نظرية حدوث انزلاقات ارضية على منحدرات التضاريس في قاع المحيطات، عادة ما تكون عنيفة بسبب البراكين او الزلازل، مما يقود الى حدوث «فورة» في مياه البحر. وفي المقابل يعتقد بعض العلماء بأن الانجرافات المنحدرة لا يمكنها احداث موجات عاتية تظل قوية لمسافات بعيدة لأن شدتها تتلاشى بسرعة، ولذلك فهم يطرحون نظرية تأثير الزلازل المباشر الذي يؤدي الى الدفع العمودي لقاع المحيط، واختلاله.
عام 2002 وبعد اربعة اعوام تقريبا من ضرب موجة «تسونامي» التي وصل ارتفاعها الى 9 امتار لجزيرة بابوا غينيا الجديدة في يوليو (تموز) 1998، وأدت الى هلاك اكثر من 2100 شخص فيها، طرح العلماء الاميركيون بجامعة نورثويسترن في ألينوي، نظرية حول اسباب حدوثها، واعتبروا ان حدوث انزلاقات تحت مائية عميقة في قاع المحيط هي التي قادت الى وقوعها.
وقال العلماء الذين نشروا اعمالهم في مجلة الجمعية الملكية في لندن، انهم سجلوا تحت مياه جزيرة ويك موجات لضجيج ضعيف لا يمكن سماعه بالاذن المجردة، ذي تردد متدن دام 45 ثانية، لحركة انزلاق ميل مكعب من الترسبات على منحدر يقع في قاع المحيط على بعد 2200 ميل عن الجزيرة. وسجل صوت الانجراف بعد 13 دقيقة من حدوث زلزال في المنطقة. واضاف العلماء ان موجات «تسونامي» تحدث عادة بسبب انجراف عنيف لجانب من بركان، الا ان الموجات التي ضربت بابوا غينيا حدثت بسبب انجرافات متوسطة في منطقة تشهد زلازل في عرض البحر شدتها 7 درجات على مقياس ريختر، وان الزلزال في تلك الحادثة، ادى الى حدوث الانجرافات المتوسطة التي سببت موجات المد العاتية. ---------
وقال العالم وونغ وينغ تاك من مرصد هونغ كونغ «بالرغم من ان انزلاقات الطبقات الارضية تحت الماء وثورات البراكين يمكن ان تولد امواج «تسونامي»، تبقى الزلازل التي تضرب قاع البحر السبب الابرز في تكوينها، خاصة في المحيط الهادئ حيث تنشط حركة الصفائح التكتونية».
واضاف «ان سرعة تسونامي مرتبطة بعمق المياه. يمكنها ان تنتقل بسرعة عدة مئات كيلومترات في ساعة واحدة».
وتحاول دول المحيط الهادئ متنبهة الى مخاطر هذه الامواج، تنسيق مراقبتها لحركة المحيط، وقد انشئ مركز لرصد تسونامي في هاواي، وهو يجمع المعلومات حول تكون امواج المد العاتية.