مصدر وزاري لا يتوقع إقرار البرلمان الحالي قانون عفو عام عن قائد «القوات اللبنانية»

TT

قال مصدر وزاري لـ «الشرق الأوسط» انه لا يتوقع ان يصار الى اقرار مشروع القانون الخاص بالعفو العام عن قائد «القوات اللبنانية» المحظورة سمير جعجع في مجلس النواب الحالي، متوقعاً ألا يحظى هذا المشروع على أغلبية الاصوات المطلوبة في حال تم عرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب بناء على مشروع الاقتراح الذي وقع عليه 24 نائباً حتى الساعة، كان آخرهم النائب أكرم شهيب عضو اللقاء الديمقراطي البرلماني الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، فيما المطلوب لعرض المشروع على المجلس توقيع عشرة نواب فقط.

وذكر المصدر ان الأجواء السياسية غير مهيأة لهذا العفو، لافتاً ان المعترضين عليه قد يصل عددهم الى واحد وسبعين نائباً من اصل 128 نائباً يشكلون مجلس النواب، موضحاً ان مانحي الثقة لحكومة الرئيس عمر كرامي والبالغ عددهم 59 نائباً سيضاف اليهم كتلة نواب «حزب الله» (12 نائباً) الذين امتنعوا عن التصويت على الثقة وسيعارضون حتماً منح العفو عن جعجع.

يشار الى انه سبق لكل من الوزير سليمان فرنجية ورئيس «حزب الوطنيين الاحرار» دوري شيمعون قد اعلنا استعدادهما للصفح عن سمير جعجع المتهم بضلوعه في عملية اغتيال والدي الاول وكريمتيهما وعدد من انصارهما، وكذلك في عملية اغتيال شقيق الثاني داني شمعون وعائلته، فيما امتنع رئيس مجلس الوزراء عمر كرامي عن الاجابة على سؤال حول مدى استعداده لاسقاط الحق الشخصي عن جعجع المدان بمشاركته في اغتيال شقيقه رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي عبر تفجير طائرة الهليكوبتر التي كان يستقلها متوجهاً من طرابلس الى بيروت في العام 1987. علماً ان جعجع يمضي فترة عقوبة السجن المؤبد في سجن وزارة الدفاع في اليرزة بعد ادانته في الجرائم المشار اليها سابقاً.

وفيما رأى المصدر الوزاري ان تحريك مشروع القانون لا يعدو كونه «دعاية» انتخابية مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية في شهر مايو (ايار) المقبل، لاستمالة شريحة معينة من الاصوات، قال النائب نادر سكر (ممثل حزب «الكتائب» ومقرب من دمشق): «ان توقيع عريضة العفو عن سمير جعجع لا تقدم او تؤخر فهي عريضة نيابية أراد منها أطراف «البريستول» (اشارة الى لقاء المعارضة الذي عقد في الفندق المذكور الأسبوع الماضي) تسجيل موقف سياسي»، معتبراً التعاطف مع الدكتور سمير جعجع من قبل قوى كبيرة اليوم «شيئاً جيداً». ولفت سكر الى «ان الذين يرون في قضية جعجع خطأ فإن الخطأ حصل ايام حكومات كانوا يشاركون فيها، مؤكداً انه، وفي حال طرح مشروع اقتراح القانون او تم تقديم مشروع من قبل الحكومة الى مجلس النواب بشأن توسيع رقعة قانون العفو العام ليشمل سمير جعجع وآخرين، سيكون اول الموقعين على هذا المشروع.

من جهته قال وزير الاعلام ايلي الفرزلي في لقائه مع الإعلاميين في دارته في البقاع أول من امس: « ان اي قانون يكتسب القيمة القانونية ويتحول الى اقتراح قانون في المجلس النيابي، يجب ان يكون موقعاً من عشرة نواب وما دون. ولكي تكون رئاسة المجلس ملزمة بتحويله الى اللجان او طرحه من خارج جدول الاعمال على هيئة المجلس للنقاش». اضاف: «عندما يتجاوز التوقيع العشرة وفقاً للقانون، فإن المسألة تصبح مسألة ارادة ورسالة ومطالبة تكتسب قوة مهمة ومحترمة».

وقال: «رأينا على المستوى الخاص، نحن من الذين تعرضوا ولم ندعِ، وكنت من الذين كانوا في سيدة النجاة ـ زحلة (البقاع) عندما تعرضت لتفجير كبير عام 1987 وكنت من المتضررين الاساسيين، ولم يخطر ببالنا الادعاء الشخصي، لذا كان بطبيعتنا وبثقافتنا وبحرصنا على كل ما يخدم مسيرة الشأن العام لجهة شد الناس الى بعضهم البعض ونحن نقدم عليه من دون اي تردد»، ورداً على سؤال حول العفو المطلوب كي يعطي نتائج ايجابية للوضع السياسي قال الوزير الفرزلي: «هناك نوعان من العفو: العفو الخاص الذي يصدر بمرسوم من رئيس الجمهورية وهو وفقاً لصلاحيات معطاة لرئيس البلاد. والعفو العام يصدر بموجب قانون عن المجلس النيابي. وهناك فرق بين هذا وذاك لجهة النتائج القانونية التي تترتب على العفو الخاص، والتي تترتب على العفو العام الذي يزيل الجرم من اساسه. واما العفو الخاص فيبقى جزءاً من الجرم مترتباً من حيث ممارسته الشخصية لحقوقه المدنية». وقال: «ان المسألة عندما يتم اخذ قرار بهذا الشأن يدرس على مستوى المجلس النيابي، ويبنى على الشيء مقتضاه، حيث ان اي قرار يتخذ سيأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد العليا».

وفي هذا الاطار، امل البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير أمس لدى استقباله وفداً من مصلحة طلاب «القوات اللبنانية» ان تصل قضية جعجع الى «نهاية محمودة». وخاطبهم قائلاً: «ان القضية التي تناضلون من اجلها قضية الوطن وبنائه اولاً وقضية الدكتور جعجع الذي مضى عليه 11 سنة وهو في السجن فإنكم تعلمون انها مدار اهتمام في هذه الايام من قبل المعنيين. وهناك عريضة يصار الى توقيعها العديد من الذين يعنيهم الامر، فإننا نأمل ان تصل الى نهاية محمودة وان يعود كل سجين الى اهله وان تكون مصلحة تامة شاملة في لبنان ليعود من غاب. ولكي يرسخ اقدامه من حضر ولكي يعود اللبنانيون الى بعضهم البعض وجميعاً الى وطنهم ليعيدوا اليه ما فقده من استقرار وقرار. واننا نأمل ان يتوصلوا بجهدهم وتفاهمهم وتضامنهم ومصالحتهم الشاملة ان يعيدوا وطنهم لبنان الى ما يصبو اليه من استقلال وحرية وسلام».

واعتبر النائب ميشال فرعون (عضو في «كتلة قرار بيروت» النيابية التي يرأسها رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري) «ان عريضة التواقيع في موضوع اطلاق الدكتور سمير جعجع وعودة العماد ميشال عون تصب في خانة المصالحة الوطنية، والزميل (النائب) غطاس خوري قد عبر عن موقف «كتلة قرار بيروت» بتوقيعه عليها، ويبقى على رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخذ بها ووضعها بنداً على جدول اعمال المجلس، ونحن حاضرون للتصويت عليها». وأمل «ان تأتي المصالحة ايضاً بحكومة وحدة وطنية وبمبادرة حوار جدي وبنقد ذاتي امام الرأي العام حيال الاخطاء التي ارتكبت في الماضي قبل اتفاق الطائف وبعده، والتي كلفت أثماناً باهظة من يأس ودمار وهجرة وعجز مالي».