محللون اقتصاديون: العراق سيتحول إلى مقبرة كبيرة للسيارات القديمة

TT

بعد أن انتهى الأمر بها إلى المقابر في بلدانها وجدت السيارات القديمة أسواقاً رائجة في العراق تدر عملية المتاجرة بها أرباحاً طائلة لأصحاب رؤوس الأموال من التجار العراقيين ومثلهم من العرب في الدول المجاورة. وجاء قرار منع إدخال السيارات من موديل عام 2000 الذي تم تمديده حتى يوم 26/12/2004 (امس) ليزيد من استيراد سيارات من موديل 1990 فما فوق لرخص ثمنها، إذ يصل سعر بعضها إلى 1400 دولار أميركي أي ما يعادل 2050000 دينار عراقي وهي أسعار طالما حلُمَ بها العراقيون وخاصة موظفي الدولة الذين أصبحوا قادرين على شرائها اليوم، إلا إن غالبية المقبلين على معارض بيع السيارات لا يأبهون بماركاتها ولكنهم يتطلعون الى ركوب سيارة أحدث من الموديلات التي خلفتها سنوات الحصار والحروب والتي يعود العديد منها إلى سبعينات القرن الماضي. يقول كريم سكران وهو موظف في الخطوط الجوية العراقية «قضيت سنوات عدة في الوظيفة من دون أن أتمكن من اقتناء سيارة واليوم تمكنت من شرائها من مرتبي بمبلغ 1800 دولار فإذا سارت بشكل معتدل من دون عطل لسنتين سيكون ذلك جيداً بالنسبة لي، إلى أن يأتي موديل أحدث من التسعينات. المهم أن توصلني إلى مكان عملي». وهذا ما يقوله العديد من موظفي الدولة الذين تمكنوا من شراء سيارات بأثمان أقل أو أعلى، إلا إن رأي المحللين الاقتصاديين لما سيؤول إليه الأمر بعد سنوات يخالف تماماً رواج سلعة سيارات «المنفيست» في الأسواق العراقية محذرين من كثرة استيرادها.

يشير المحلل الاقتصادي سالم الجبوري المسؤول في مركز بحوث السوق وحماية المستهلك إلى إن «العراق سيكون في المستقبل القريب أكبر مقبرة للسيارات التي يتم استيرادها من مقابر الدول المجاورة أو غيرها وخاصة من دون موديل 2000 التي قد تنتهي إلى المقابر أيضاً»، في حين نبه آخرون إلى عملية تسرب العملة التي يحتاج إليها الاقتصاد العراقي المقحم بالديون التي ما زالت عملية إلغائها أو تخفيفها قيد التنفيذ، إذ يتم شراؤها بالدولار. ويقول علي حسين الذي يتاجر بالسيارات «مع اقتراب انتهاء المدة المقررة للسماح باستيراد السيارات من دون موديل عام 2000 فان أسعارها هبطت بشكل كبير (400 ـ 500 دولار) من سعر كل سيارة مما شجع على إقبال التجار عليها». ويبدو ذلك واضحاً على الحدود العراقية ـ الأردنية والجهات الأُخرى التي تحد العراق حيث تنتظر العشرات من الشاحنات وعلى متنها مئات السيارات للسماح بإدخالها بعد تفتيشها في النهار. محمد ناصر صاحب شاحنة لنقل السيارات يقول «أنا هنا منذ ظهر أمس بانتظار السماح باجتياز الحدود لإيصال شحنة السيارات إلى أحد المعارض في بغداد وهي كلها من موديل 2000 فما من دون التي تنتهي مدة السماح للتجار بإدخالها (امس) وهي ستكون آخر شحنة من تلك الموديلات التي زاد إقبال التجار عليها بعد تمديد قرار استيرادها وتبقى عملية استيرادها مرهونة بتمديد القرار الى السنة المقبلة».

ويرجح بعض التجار المعارضين لفكرة استيراد السيارات من دون موديل 2000 إلى حصول كساد كبير في معارض البيع نتيجة امتناع العديد من المواطنين عن شرائِها خوفا من الترحيل. وفي هذا الصدد يقول أحد أصحاب معارض السيارات فلاح ناصر «إن الكثير من العراقيين يعزفون عن شراء السيارات من دون موديل 2000 تحسباً لقرار يقضي بترحيلها في المستقبل القريب الأمر الذي سينتهي بها إلى المقابر من جديد، لذا لا نستورد إلا ما فوق موديل 2001 لضمان المتاجرة بها أطول فترة ممكنة». وتظل عملية الترحيل مرهونة بالأوضاع التي يمر بها العراق مع تفاؤل البعض باستبعادها خصوصاً ان الشوارع العراقية المزدحمة ما زالت تستوعب موديلات تعود الى السبعينات.