أبو ابراهيم: مهندس اتصالات «القاعدة» أرشد المحققين إلى الكثير من الخلايا في العالم

أصولي بريطاني يروي لـ «الشرق الاوسط» تجربة تعرضه للسجن في باكستان بوجود محققين أميركيين

TT

كشف القائد السابق لـ«المهاجرون» الاصولية في باكستان عن زمالته لمحمد نعيم نور خان مهندس اتصالات «القاعدة» في سجن بمدينة لاهور عاصمة اقليم البنجاب. ووصف سجيل شاهد الذي يعرف باسم (ابو ابراهيم) في لقاء مع «الشرق الاوسط» نور خان بانه خدع جميع الاصوليين بالسجن وأرشد عن خلايا اصولية حول العالم وكشف ايضا عن مكان وجود التنزاني احمد خلفان غيلاني الذي اعتقل لاحقاً على اعتبار انه كان مطلوباً للولايات المتحدة.

وقال شاهد ان نور خان أضر بالاصوليين عندما ارشد عن خلية بريطانية، واعتقل بسببه 13 أصوليا في لندن، بينهم قريب لخان، هو بابر احمد الذي بدأت محاكمته في بريطانيا في 16 من الشهر الجاري. واضاف ان «خان كان المعتقل الوحيد المسموح له داخل السجن باقتناء كومبيوتر شخصي (لاب توب)، وكان ضباط الاستخبارات الباكستانية يطلبونه كثيرا للتحقيق معه، لكننا عرفنا لاحقاً انه كان يبلغهم بالحوارات التي تدور بين السجناء».

وعبر ابو ابراهيم عن استغرابه لضعف خان و«قلة حيلته» أمام اجهزة الأمن، رغم طول قامته ومتانة بنيته، لكن السجن على حد قوله: «امتحان واختبار لمعادن الرجال». وقال بالانجليزية: «في السجن بعض الرجال مثل الدجاج وآخرون مثل الصلب الذي لا يلين». وزعم ابو ابراهيم ان نعيم نور خان لم يقدم حقائق عن الاصوليين حول العالم تدينهم وتؤدي الى اعتقالهم، «بل قدم للاستخبارات الباكستانية (آي. اس. آي) اكاذيب متعددة» ادت الى اعتقال اقارب لخان في بريطانيا مثل بابر احمد الباكستاني، المطلوب أميركيا. واضاف ان خان أرشد ايضا عن قريب آخر له في نيويورك، هو الاصولي محمد جنيد بابر، 29 سنة، الذي اعتقل في نيويورك للاشتباه في انه ساعد على التخطيط لعملية لم تنفذ وكانت تقضي «بنسف حانات ومطاعم ومحطات قطار في لندن».

وتحدث ابو ابراهيم عن زمالته ايضا لغيلاني الذي يتحدث العربية بطلاقة والمتزوج من سيدة اوزبكية بيضاء البشرة اعتقلت معه، وأحضرها ضباط المخابرات الى عنبر السجن ورآها الرجال المحتجزون والحراس بدون برقع مكشوفة الرأس، وكان معها صبي اسمه طلحة، 12 عاما. ووصف ما حدث بانه: «إهانة شديدة للاصوليين لا تُغتفر». وقال ان احضار المرأة الى السجن بدون برقع، كان يهدف لإهانة زوجها غيلاني، وتوجيه لطمة لأنصار «القاعدة» المحتجزين في لاهور.

وكانت المباحث الاميركية قد رصدت مكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى القبض على غيلاني المطلوب لدوره المفترض في تفجيري السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998. واعتقل غيلاني بعد معركة مع قوات الامن الباكستانية استمرت 18 ساعة في منتصف يوليو (تموز) الماضي.

وكشف الاصولي البريطاني، الذي رفض ان يتطرق الى اسباب انشقاقه عن حركة «المهاجرون» بقيادة السوري عمر بكري، ان غيلاني اصيب بطلق ناري في يده. وقال: «كان غيلاني يصر على استخدام عسل النحل في معالجة الجرح الغائر في كف يده اليسرى، وكان يربط يده الى كتفه بضمادات».

حلوى ولحم وأرز بسبب «الصيد الثمين» يتذكر ابو ابراهيم اليوم الذي اعتقل فيه غيلاني، ويقول: «كان ضباط المخابرات الباكستانية في حالة نشوة وفرح، ووزعوا علينا لحما وأرزا وحلوى كثيرة متعددة الأصناف». واضاف: «كانوا يقولون لنا انه يوم تاريخي، ولم نكن نعرف بانهم عثروا على «الصيد الثمين» بفضل مساعدة نور خان لهم، والذي ارشد عن مكان وجوده في قرية صغيرة ببلدة غوجارات» في جنوب شرقي اسلام آباد. وألقي القبض على13 شخصا آخرين مع غيلاني، بينهم ثلاث نساء وخمسة اطفال.

ويقول ابو ابراهيم: «في اليوم التالي شاهدنا غيلاني في بهو السجن، وكان يعلق يده المصابة في رباط بالكتف، وعندها عرفنا سر الوجبة الدسمة والحلوى وأسباب سعادة ضباط المخابرات الباكستانية بصيدهم الثمين».

وأشاد الاصولي الباكستاني بأخلاق غيلاني وبساطته في التعامل مع اخوانه في باحة السجن وبابتسامته المرسومة على وجهه وهدوئه واطمئنانه. وقال: «كان يطلب منا الدعاء له كلما التقيناه في بهو السجن او بالقرب من الحمامات. كان كلما رآني في زنزانتي المجاورة له، يضع يده اليمنى غير المصابة على صدره ويومئ بصوت هادئ: «لا تنساني من الدعاء يا أخي».

ويتذكر ان غيلاني استعار منه نسخة من القرآن الكريم قبل الدخول الى زنزانته المجاورة له. وقال: «كان غيلاني حلو الصوت وهو يستغرق في الدعاء لأكثر من ساعة كل ليلة بعد ان ينتهي من قراءة القرآن والذكر والأوراد».

وكشف ان ضباط المباحث الاميركية الذين كانوا يحضرون التحقيقات لم يضربوا احداً من انصار «القاعدة» المحتجزين في سجن لاهور، وضمنهم عناصر عربية. وقال: «كان ضباط المخابرات الباكستانية يقومون بجميع انواع التعذيب بدلا عنهم». واشار الأصولي البريطاني الى ان الطريقة الوحيدة لتجنب ويلات التعذيب في سجن لاهور، كانت الاضراب عن الطعام، لانه في هذه الحالة يمتنع ضباط المخابرات عن التحقيق مع المسجونين المضربين عن الطعام وركلهم ورفسهم.

وضمن عناصر «القاعدة» التي كشف الاصولي البريطاني انها كانت محتجزة في سجن لاهور شاب من سلطنة عمان اسمه عابد في منتصف العشرينات من العمر، وآخر من غينيا اسمه محمد الفا متزوج من ابنة مسؤول جماعة باكستانية هو الآخر مطلوب من قبل الولايات المتحدة.

خلية بريطانيا الأصولية يتذكر ابو ابراهيم اليوم الذي اعتقلت فيه الشرطة البريطانية عناصر خلية مكونة من 13 اصوليا بزعامة المدعو ابو موسى الهندي بناء على معلومات يعتقد انها وجدت في كومبيوتر خان. وقال: «لم نكن نعرف ما يدور خارج السجن من أحداث، لانه لم يكن مسموحا لنا بالاطلاع على الصحف او مشاهدة التلفزيون، لكن في نفس الليلة اتي الينا ضباط المخابرات الباكستانية، ومعهم صور 13 شخصا لم نرهم من قبل زعموا انهم موجودون خارج باكستان، واخذوا يسألوننا عن هؤلاء الاشخاص».

وعن اسباب اعتقاله في لاهور، قال ابو ابراهيم، الباكستاني الاصل، 29 عاما، انه منذ ان وصل الى باكستان عام 1998، كانت المزاعم تلاحقه باتهامات تدور حول تقديمه الدعم لحركة طالبان وتجنيد بريطانيين في صفوف «القاعدة». واكد ان دوره كان منحصراً في تأسيس خمس مدارس اسلامية، تتبع المذهب الحنفي، في لاهور واسلام آباد وملتان وكراتشي وبيشاور. واوضح ان بريطانيين كانوا ضمن الطلبة الذين يدرسون الفقه والشريعة والقرآن، لكنه لم يكن يعرف مصير الطلبة البريطانيين بعد انتهاء برامجهم الدراسية، وما اذا كانوا توجهوا الى افغانستان او عادوا الى بلدهم. وتابع قائلاً: «عندما افرجوا عني، أخذوني الى المطار وطلبوا مني السفر مباشرة الى لندن، وعدم التوقف ترانزيت في دبي او منطقة الخليج، لأنهم قالوا انهم لا يضمنون اعتقالي مرة اخرى في تلك الدول».

ولدى سؤاله عن أسباب ارتدائه عمامة طالبان السوداء، اجاب: «انها ليست عمامة طالبان، وانما هي عمامة الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن جميعا نتبع نهج النبوة». ولدى سؤاله عما اذا كان متعاطفاً مع طالبان، اجاب بحدة: «وما الخطأ في ذلك؟».

وقال ابو ابراهيم الحاصل على شهادة بكالوريوس في علوم الكومبيوتر من جامعة مانشستر انه بعد التحقيقات المكثفة معه في سجن لاهور لاكثر من ثلاثة شهور تحت اشراف اميركيين، أُمر ضباط المخابرات بترحيله الى بريطانيا وعدم عودته لمدة ثلاثة اعوام، رغم ان الاميركيين كانوا يصرون على تسلمه بمزاعم ارتباطه بـ «القاعدة». واعترف بحدوث وساطات معينة من ضباط في الجيش من اقاربه لتأمين الإفراج عنه.

وعن عمله الحالي عقب عودته، قال انه منشغل حاليا بتأسيس مكتبة اسلامية في شرق لندن.