الانتخابات الرئاسية الأوكرانية: مرشح المعارضة واثق من الفوز وخصمه «مستعد لقبول النتيجة»

الأوكرانيون يقترعون في جولة «ثالثة»... والرئيس المنتهية ولايته «واثق» من أنها «الأخيرة»

TT

اقترع الأوكرانيون أمس في جولة ثالثة لاختيار رئيس لبلدهم بعد مخاض استمر أكثر من 175 يوما، جرت خلالها جولة اولى ثم ثانية الغيت الشهر الماضي، بعد اتهامات بالتلاعب في نتيجتها.

وفيما اعلن الرئيس الاوكراني المنتهية ولايته ليونيد كوتشما انه «واثق» من ان الجولة «الثالثة» ستكون الاخيرة، صرح مرشح المعارضة فيكتور يوشينكو بعد خروجه من مكتب الاقتراع في كييف انه «متيقن من انتصار الديمقراطية». في حين عبر خصمه المرشح الموالي لروسيا رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش الفائز في الجولة الثانية الملغاة، عن اسفه لقرار المحكمة الدستورية السبت الذي «جاء متأخرا»، وينص على الغاء تعديل ادخل على قانون الانتخابات لمنع حصول عمليات تزوير. في موازاة ذلك، اعلنت المعارضة امس ادانتها تسجيل عشرة آلاف ناخب بطريقة غير شرعية في من دنتسك، معقل يانوكوفيتش.

وظل الغموض يكتنف مستقبل الانتخابات امس في ضوء القرار الاخير للمحكمة الدستورية مساء الجمعة الماضي عدم شرعية قانون الانتخابات في بنده الذي يحظر اقتراع حوالي مليوني ناخب من غير المراكز الانتخابية، فضلا عن الغاء نظام تصويت المرضى والمقعدين من الدرجة الاولى في مقار اقاماتهم. واتخذ عدد من المراقبين هذا القرار للتشكيك مسبقا في قانونية انتخاب الامس ما يفتح الباب امام احتمالات الطعن في نتائجها لاحقا. وكان تارامس تشيرنوفيل رئيس اركان الحملة الانتخابية لفيكتور يانوكوفيتش قد اشار في حديثه الى «الشرق الأوسط» الى ان قرار المحكمة يكفل شكليا الحيلولة لاحقا دون محاولات الطعن في نتائج الانتخابات. لكنه اقر بأن صدوره قبل موعد الانتخابات بأقل من 48 ساعة قد يمنح الكثيرين احقية التشكيك في شرعية الانتخابات. كما قال ان الكثيرين ايضا لن يستطيعوا الاستفادة منه، نظرا لعدم اطلاعهم عليه في الوقت المناسب.

واشار تشيرنوفيل، وهو ايضا عضو مجلس الرادا، الى ان القرار لن يؤثر كثيرا على النتيجة النهائية.

واشار الى امكان ان تستند اليه المحكمة العليا لاحقا في قرارها حول عدم الاعتراف بشرعية الانتخابات.

واضاف ان الانتخابات الرئاسية الاوكرانية، وبغض النظر عن نتيجتها، كرست عمليا انقسام البلاد. وقال ان انصار مرشحهم يانوكوفيتش على استعداد لقبول النتيجة والابتعاد عن العنف، واشار في الوقت نفسه الى ان انصار يوشينكو يحشدون قواهم على مشارف العاصمة استعدادا لمداهمة المدينة وتكرار ما سبق، وقاموا به في اعقاب اعلان هزيمة مرشحهم في انتخابات الجولة الثانية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

والتقت «الشرق الأوسط» ايضا في العاصمة ماكسيم نيتشيبورينكو قائد معسكر انصار يوشينكو، في المخيمات التي اقيمت في شارع فريشاتيك اكبر الطرق المركزية في كييف، قرب ساعة الاستقلال التي تحتفظ باسمها التركي الاصل «ميدان» الاستقلال. وقال نيتشيبورينكو ان لديه ما يقرب من ثلاثة آلاف من خيرة مناصري «الثورة البرتقالية» لم يغادروا مواقعهم لليوم الرابع والثلاثين في هذه الخيام التي نصبوها في قلب المدينة على استعداد لمواصلة البقاء حتى موعد اعلان فوز يوشينكو رسميا، مؤكدا انهم لن يقبلوا بغير هذه النتيجة.

ورغم انه قال بأن احدا لن يلجأ الى العنف مستندا فقط الى سلاح ثوراتهم البرتقالية الذي يتمثل في قوة الكلمة والابتسامة، فقد اشار الى «استعدادهم للصمود حتى النهاية».

وفي الوقت الذي تتعلق فيه الانظار بنشاط المرشحين الرئيسيين وتحركات انصارهما، كشف تاراس تشيرنوفيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» وجود «القوة الثالثة» التي تقف على اهبة الاستعداد لانتزاع الحكم. وقال ان ذلك قد يتمثل في تنفيذ خطة موضوعة سلفا من جانب الرئيس كوتشما. واشار الى احتمالات ان يكون لرئيس مجلس الرادا الحالي فلاديمير ليتشينوف دور مركزي في اطار تنفيذ هذه الخطة.

وكشف تشيرنوفيل عن حقيقة تدهور علاقات يانوكوفيتش مع كوتشما. وقال ان هناك من كان يريد تحقيق الاستفادة المالية الشخصية من سياسات الاصلاح التي نفذها يانوكوفيتش وهو تعبير «مهذب» اراد به تغليف كل ما يتناثر من اتهامات مالية للرئيس كوتشما. وكان يانوكوفيتش قد اتهم كوتمشا صراحة بأنه خانه وانحاز الى غريمه في محاولة «للحفاظ على أمنه وأمن عائلته». وكشف تشيرنوفيل كذلك سقوط عدد من اعضاء مجلس «الرادا» في شرك الاهتمام بالمصالح الشخصية والتحول الى البحث عن الخاص على حساب العام. وعزا تشيرنوفيل كل ما يجري في اوكرانيا من تعقيدات الى تدخل عناصر خارجية.

وفي الشارع الاوكراني بدا الناخبون في معظمهم سائمين استمرار التوتر. واشار الكثيرون في احاديثهم مع «الشرق الأوسط»، عن استعداداهم لقبول الفائز شريطة ان يعترف الخاسر بهزيمته. الجميع من انصار الطرفين يؤكدون ضرورة إعلاء مصالح اوكرانيا والابتعاد عن المصالح الشخصية التي يقولون بوجودها لدى المرشحين.

واذ طالب الرئيس كوتشما بسرعة الانتهاء من هذه العملية الانتخابية والاحتفال رسميا بتنصيب الرئيس الجديد في الثلاثين من الشهر الجاري، قال فلاديمير ليتنيتوف رئيس مجلس الرادا باستحالة ذلك وضرورة الالتزام بنص القانون الذي يقول بأن النتيجة الرسمية تعلن في غضون اسبوعين.

واشار الى احتمالات الطعن في نتائج هذه الانتخابات على ضوء قرار المحكمة العليا الذي اشرنا اليه.

ورغم حرص اللجنة المركزية للانتخابات على التزام نص القانون والحيلولة دون ظهور ما يمكن ان يشوب العملية الانتخابية من تجاوزات، رصد المراقبون الدوليون عددا من المخالفات التي يحاول المسؤولون الاوكرانيون التخفيف من وزنها ومنها وجود الشرطة داخل عدد من الدوائر الانتخابية وتكرار البطاقات الانتخابية ما يعد تزويرا سافرا الى جانب استمرار الدعاية للمرشحين، ولا سيما من جانب ممثلي «الثورة البرتقالية».

وكان عدد من المراقبين والبرلمانيين قد خلصوا الى ان ما جرى ويجري من مواجهة في اوكرانيا، اسفر عمليا عن اربع نتائج رئيسية. الاولى وتتمثل في ارغام البرلمان (الرادا) على تعديل النظام السياسي وتحويل اوكرانيا الى جمهورية برلمانية رئاسية اعتبارا من اول سبتمبر من العام المقبل، فيما تتمثل الثانية في مولد المجتمع المدني الحقيقي وقدرة الشارع على فرض رأيه وكلمته. اما النتيجة الثالثة وهي التي كشفت عنها الثورة البرتقالية، وتتعلق باثبات هشاشة وضعف السلطة والجهاز الاداري بينما تبدو الرابعة في اطار ظهور احتمالات الانقسام بين جنوب شرقي اوكرانيا من جانب وغرب اوكرانيا ووسطها من جانب آخر.

وأدان فريق الحملة الانتخابية لزعيم المعارضة يوشنكو، في من دونتسك، معقل خصمه يانوكوفيتش في شرق اوكرانيا، صباح أمس تسجيل عشرة آلآف ناخب اضافي بطريقة «غير شرعية» في دائرة انتخابية من هذه المنطقة.

واعلن يانوكوفيتش أمس ان المرضى والمعوقين لن يتمكنوا من الانتخاب وذلك رغم القرار الصادر عن المحكمة الدستورية السبت في مصلحتهم.

وصرح الرئيس كوتشما بعد الادلاء بصوته «اني واثق من انها ستكون آخر جولة انتخابية». واضاف «يتعين على الخاسر ان يهنئ خصمه والانتهاء من هذه الحملة في آخر المطاف». واكد كوتشما الذي يرأس اوكرانيا منذ 1994 ان «خروقات ستسجل على الارجح خلال عملية الاقتراع لكنها لن تؤثرا على نتائج الانتخابات».