مقاهي بغداد: انتخابات نعم.. ولكن من هم المرشحون وما هي برامجهم؟

الناخبون العراقيون يمنون النفس بأن يتحدثوا مع «ممثليهم» ولو قبل التصويت لهم بساعات

TT

بينما تنشغل الأوساط السياسية العراقية بالانتخابات ينشغل عامة العراقيين بها أيضا ولكن بطريقتهم الخاصة، فالبعض منهم ارتأى ان يجلس في المقهى ويتحدث مع أصدقائه في شؤون الانتخابات والبعض الآخر عبر عن رأيه بشكل مخالف تماما، فهو قد فتح بيته لجلسات سياسية تبدأ بالانتخابات وتنتهي عند أزمة الوقود. في مقهى الشابندر الذي اعتاد ان يضم بين اروقته الكثير من المثقفين العراقيين وعلى انغام الموسيقى البغدادية الاصيلة وحول احدى الطاولات، تجمع عدد من الذين تجاوزت اعمارهم الخمسين. قال احدهم «اتمنى ان تكون الانتخابات فاتحة خير للعراق ووقفة مصالحة بين الجميع لتسكن النفوس ويتعدى العراق مرحلة الخطر الى مرحلة الأمن والسلام»، وهنا اعترض خير الله احمد، 34 عاما، على حديث صديقه قائلا «ان الاوضاع لن تهدأ اذا لم يكن هناك استقرار اقتصادي وهذا لن يتحقق بين ليلة وضحاها ولن تستطيع الانتخابات ان تمنحنا هذا الاستقرار، وان كل ما نأمله ان تمنحنا الانتخابات فرصة جديدة للحياة الجديدة ونطلب من رئيس الجمهورية ان يدعم الوضع الاقتصادي للعراقيين بفتح مشاريع للشباب تؤهلهم ببدء خطوة جديدة في الحياة فالوضع الاقتصادي المرفه لاي انسان يجعله يستقر نفسيا وبالتالي يعم الاستقرار». وفي مقهى البيروتي على شاطئ دجلة كانت الانتخابات حاضرة ايضا. فليس هناك من حديث غير التفاصيل التي ستجري اثناء وبعد الانتخابات. وعلى الرغم مما يعول بعض العراقيين على اجرائها منحهم بعض الاستقرار والأمن الا ان احتدام النقاشات في عرض الاسماء والشخصيات التي ستمثلهم في الجمعية الوطنية يجعلهم يبتعدون عن حلمهم في هذا الاستقرار. فالكثير من القوائم ما زالت سرية كما يقول طه سلمان، 55 عاما، ويرى «ان الاعلانات عن الانتخابات موجودة ولكن الاعلان عن الاشخاص ما زال خلف الستار وما زال المرشحون لا يظهرون الينا ولا ندري ان كانت الساعات الاخيرة ما قبل الانتخابات ستحمل لنا المفاجآت». وعلى طاولة اخرى من نفس المقهى كان الشيخ عبد الستار عبد الله يخرج دخان «اركيلته» بحسرة واضحة قائلا لاصحابه الذين يجلسون الى جواره «ان العالم ينتظر الانتخابات في العراق وربما يعرف البعض منهم من الذي سيفوز بها ولكننا لحد الان لا نعرف من هم المرشحون وما هي برامجهم التي ستنقذ العراق من هذه المرحلة التي نعيشها وهل سيكون الاشخاص بمستوى مسؤولية هذه المرحلة الجديدة»؟ سؤال الشيخ عبد الستار كانت له اجابة عند احد اصدقائه الذي نهض من مكانه قائلا بلهجة عراقية محببة «يا اخوان الانتخابات مو بعيدة، ويا خبر اليوم بفلوس، باكر يصير ببلاش».

وفي مقهى الزهاوي بشارع الرشيد الذي اتعبته سنوات الحرب والاهمال وما عاد كرشيد الامس، التقينا مجموعة اخرى من الشيوخ والشباب الذين تحدثوا لنا حول الانتخابات، اذ قال كريم سلمان، 60 عاما، «ان الانتخابات وما سينتج عنها هي مرحلة لعام واحد وبعدها ستجري انتخابات عامة اخرى، فاذا كانت هذه الانتخابات تنقلنا الى الشرعية وتثبيت حقوقنا كعراقيين فأهلا بها وان كانت لا فلن نشارك فيها وان ما نطلبه من الحكومة المؤقتة ان تشرح لنا ليس عن طريق الاعلانات بل عن طريق التعريف بالشخصيات المرشحة والقوائم التي ستطرحها الاحزاب والكيانات السياسية بطريقة الحوارات المفتوحة والمباشرة مع الناس مثلما يحصل في كافة بلدان العالم المتحضرة». وعند بوابة مقهى المربعة في ذات الشارع (الرشيد) كان للانتخابات حديث آخر، حيث قال لنا محمد قدوري باعلى صوته «لن اشترك في الانتخابات.. فنحن الان نعيش زمن الحرية.. اليس كذلك، ومن حقي ان لا أمنح لاي احد صوتي، فاولا انا لا اعرف أي مرشح من المرشحين بمعنى لا اعرف ماضيه السياسي والوطني فمتى سيعرفوننا بالشخصيات المرشحة وهل سيخرج احدهم للقاء بنا»؟ وهنا رد عليه اسامة عبد الصمد قائلا «ان الانتخابات هي لمصلحة العراقيين ويجب ان تجرى بهذا الوقت حتى لا يقول احد ان هذه الحكومة شرعية من عدمها لاننا بالانتخابات سنمنح انفسنا الشرعية، اذ لا احد سيمنحنا اياها الا انفسنا لذا عليك يا محمد ان تفكر جديا قبل ان تقرر اشتراكك من عدمه». وداخل البيوت العراقية كانت الانتخابات بين كفتي ازمة الوقود والأمن وغياب الكهرباء، فما ان يجيء حديث الانتخابات حتى تقفز على كتفيه تلك الازمات لتتربع على العرش وتترك الاعلانات عن الانتخابات تعرض على شاشات التلفاز وحيدة من دون متابع لها على الرغم من ان بعض الأشخاص يتداولون مواضيع الانتخابات والمرشحين فيها بشيء من الاهتمام متسائلين في ان يكون الفائز فيها قد وجد الحل او انه يحمل الحل لكل تلك الازمات التي اتعبت العراقيين كثيرا.