تهريب النفط العراقي تجارة لها أسواق ومكاتب وعملاء ووكلاء ووسائط نقل

TT

انتشرت في البصرة جنوب العراق بعد الحرب الأخيرة على العراق وبشكل كبير، عمليات تهريب النفط ومنتوجاته عن طريق شط العرب باتجاه الخليج ومنه الى تجار وسماسرة في الدول المطلة عليه، حتى أصبحت لتلك التجارة أسواق ومكاتب وعملاء ووكلاء ووسائط نقل من صهاريج وقطع بحرية وحسابات جارية وائتمانات ونفوذ متغلغل في حلقات مهمة تحت عناوين متعددة.

ويمتلك تجار تهريب النفط أدواتهم من خلال شراء العديد من البواخر والسفن والناقلات والقطع البحرية التي باعتها شركة الموانئ العراقية وشركات القطاع العام بالمزاد العلني باعتبارها قطعاً متضررة نتيجة الحروب المتوالية التي شهدتها المنطقة، فيما نشطت صناعة من نوع خاص لم تألفها البصرة متمثلة بصناعة سفن وحاويات وجنائب كبيرة من بقايا الحديد والبليت لخزانات النفط الكبيرة التي استهدفتها الحروب والتي جعل منها الصناعيون مادة أولية رخيصة قياسا للصناعات البحرية والتي استثمرت لنقل النفط المهرب على حساب المتانة والكفاءة من دون اعتبار لتأثيرها على البيئة وتلوث المياه التي كان المتضرر الأكبر فيها قضاء ابو الخصيب المطل على شط العرب وتسقى بساتينه من اكثر من 180 نهرا متفرعا من الشط الذي امتلأت ضفته القريبة من المدينة ببقع الزيت المتسرب من نفط التهريب والذي اخذ يهدد كل معالم الحياة فيها.

وتعد مدينة ابو الخصيب (15 كم جنوب مدينة البصرة) من أجمل مدن العراق واغنى بقعة بالعالم ببساتين النخيل من حيث الكثافة وجودة الانواع، وقد أخذت اسمها من اكبر نهر فيها حفرة الصحابي مرزوق ابو الخصيب حاجب الخليفة العباسي المنصور عام 124 هجرية، ثم امتدت على جانبيه مئات الأنهر الأخرى.

وكشف العقيد ظافر صباح قائد شرطة الجمارك في البصرة تعاون الجانب الايراني مع المهربين من خلال تقديم الحماية لهم خلال مطاردتهم في عرض الخليج العربي على حد كوله، مستعرضا الإنجازات المتحققة في هذا المضمار خلال الندوة التي اقامتها مديرية جمارك المنطقة الرابعة مطلع الأسبوع الحالي تحت شعار «لا لتهريب المنتجات النفطية»، منتقدا أداء الشرطة النهرية ومحملا إياها إعاقة عملهم بصورة مباشرة، فيما قال داغر الموسوي رئيس لجنة الرقابة ان الشحة ليست في أعداد الشرطة وانما بالمخلصين منهم.

وقال عادل عبد الرزاق قاضي تحقيق شرطة الجمارك ان القضاء تلقى 512 دعوى خلال العام الحالي ضد مهربي النفط حسم منها لحد الان 190 قضية تم فيها إصدار أحكام مختلفة على الجناة ومصادرة 22 سفينة استخدمت للتهريب، فيما تجري عملية إكمال التحقيق في 132 قضية. وحمل شهاب احمد مسؤول الشباب والرياضة بالمحافظة مسؤولية تهريب النفط الى جهات القانون والشرطة وشركة توزيع المنتجات النفطية. ومهما كان تقاذف الكرة مباشرا بين الجهات المسؤولة عن عمليات التهريب يبقى الخاسر الأوفر حظا هو العراق والبيئة والمياه والمدن الآمنة وفي مقدمتها مدينة ابو الخصيب وبساتينها التي استحقت أوجاعها نقلها الى صالة العناية الفائقة.