هزات أرضية جديدة في سومطرة وعدد الضحايا يتجاوز 23 ألفا وعائلات من شتى أنحاء العالم تبحث عن أبنائها

مائة مفقود في الصومال وثلاثة جرحى في اليمن وارتفاع منسوب مياه البحر على سواحل عدن وعُمان

TT

تواصلت الهزات الارضية وموجات المد البحري في جنوب اسيا. ووسط حالة غير مسبوقة من الدمار والفوضى، اعلنت اغلب الدول المنكوبة عجزها عن مواجهة الكارثة، ودعت المجتمع الدولي الى تقديم مساعدات فورية. وتكشف امس التباين الكبير بين حجم الفاجعة الانسانية والخسائر المادية. ففيما ارتفع عدد القتلى الى ما لا يقل عن 23 الف شخص، كان حجم الخسائر المادية اقل بكثير. كما اتضح ان قوة الزلزال الذي ضرب جزيرة سومطرة شمال اندونيسيا بلغ 9 درجات بمقياس ريختر مما يجعله رابع اعنف زلزال في العالم خلال المائة عام الأخيرة. وقد امتدت آثار المد البحري الى الساحل الشرقي لافريقيا، واعتبر 100 شخص في الصومال في عداد المفقودين، كما غرق رجل قرب مومباسا في كينيا. اما في اليمن فقد اصيب 3 اشخاص بجروح بسبب المد البحري على سواحل عدن. وقال مسؤولون في تايلند ان زلزالا بقوة 6.5 درجات على مقياس ريختر ضرب جزر نيكوبار الهندية النائية عند الساعة 9:39 بتوقيت غرينتش، الا انه لم يتضح ما اذا كان الزلزال سيتسبب في مد بحري جديد حسبما ذكر خبراء الزلازل التايلنديين. كما حذر مسؤولو الارصاد الجوية من مزيد من الامواج العالية خلال اليوم أو اليومين المقبلين، وحثوا السكان على الابتعاد عن السواحل. وقال س. سريدهاران نائب المدير العام لمكتب الارصاد الجوية في مدراس عاصمة ولاية تاميل نادو أكثر الولايات تضررا بالهند «ستهدأ موجات المد تدريجيا ومن ثم نتوقع المزيد من الموجات قبل أن تخمد ببطء».

الي ذلك، ذكر خبير في رصد الزلازل امس ان الزلزال العنيف الذي وقع قبالة سواحل اندونيسيا والذي ادى الى ارتفاع امواج البحر اول من امس في آسيا، قد يكون نجم عن زلزال اقل شدة وقع الاسبوع الماضي قبالة جزيرة تسمانيا الاسترالية. وقال سفيتان سينادينوفسكي الخبير في معهد العلوم الجيولوجية في استراليا ان زلزالا قوته 8.1 درجات على مقياس ريختر وقع الخميس الماضي بين تسمانيا وجزيرة ماكاري في جنوب المحيط الهندي، ومهد للزلزال الذي وقع قبالة سواحل سومطرة. واوضح سينادينوفسكي ان الزلزالين وقعا على السواحل المقابلة للصفائح الهندية الاسترالية في قشرة الأرض. واضاف «يمكننا القول ان الزلزال على احد طرفي الصفائح ادى الى خلل في الطرف الآخر مما سبب هذا الزلزال العنيف جدا». واضاف «لو لم يحدث زلزال تسمانيا لوقع الزلزال الاحد في وقت آخر». وقال سينادينوفسكي «ان الزلزال قبالة تسمانيا لم يسبب اضرارا ولا ضحايا. والعلماء توقعوا حدوث هزات اخرى لكن ليس بقوة الزلزال الذي ضرب اندونيسيا». وبحسب الارقام التي توافرت امس، فقد قتل حتى الآن ما لا يقل عن 23 الف شخص. وسجلت افدح الخسائر البشرية حتى الآن في سري لانكا، اذ اوضحت آخر الاحصاءات ان ما لا يقل عن 12 الف شخص بها قد لقوا مصرعهم. وقال الجيش ان عدد القتلى في الجزيرة باستثناء المناطق التي تسيطر عليها حركة تحرير نمور ايلام (تاميل) وصل الى 10029 قتيلا مدنيا و48 من قوات الأمن. وقد اعلنت حركة تحرير نمور ايلام (تاميل) امس ارتفاع عدد القتلى الى 820 بعد جمع جثث الضحايا من الشواطئ الشمالية الشرقية التي تقع فيها قواعد الحركة العسكرية الرئيسية.

اما في الهند، فقد أوضحت آخر الارقام ان 6597 على الاقل قد قتلوا، بينهم حوالي ثلاثة آلاف في ولاية تاميل نادو بجنوب شرقي البلاد. وان ثلاثة آلاف على الاقل قتلوا في جزيرتي «اندامان» و«نيكوبار» في خليج البنغال غير البعيد عن مركز الزلزال. كما قتل 377 شخصا في جيب بونديشيري الفرنسي السابق في جنوب ولاية مدراس. وفي ولاية اندرا براديش، قال مسؤولون ان حصيلة القتلى تبلغ 77 قتيلا وليس مائتين كما ذكر سابقا، لكنهم اوضحوا ان عددا كبيرا من الاشخاص ما زالوا مفقودين.

وفي اندونيسيا، اظهر اخر الارقام مقتل 4725 شخصا في شمال جزيرة سومطرة. وذكرت وزارة الصحة ان العدد الاكبر من الضحايا سجل في مدينة بندا بإقليم آتشي حيث قتل حوالي ثلاثة آلاف شخص. وتقع المدينة في اقصى شمال اقليم اتشي وجزيرة سومطرة. وقال نائب الرئيس الاندونيسي يوسف كالا ان عدد ضحايا الزلزال وموجة المد قد يصل في اقليم اتشي الاندونيسي وحده إلى عشرة آلاف قتيل. اما في تايلند فقد ارتفع عدد القتلى الى 839 قتيلا واكثر من 7200 جريح، بينهم عدد كبير من الاجانب. وقتل اكثر من 300 من هؤلاء في جزيرة فيفي وحدها، اغلبهم من الاجانب. وقال رئيس الوزراء التايلندي تاكسين شيناواترا امس ان عدد القتلى نتيجة المد البحري في جنوب تايلند قد يصل الى الفي شخص. وفي ماليزيا، قتل 51 شخصا، فيما ما زال عدد غير محدد في عداد المفقودين، خصوصا في جزيرة بينانغ السياحية الأكثر تضررا، حيث قتل 21 شخصا. اما في المالديف، فأعلنت السلطات مقتل 43 شخصا على الاقل و فقدان 51 شخصا. وفي بورما قتل 30 شخصا بحسب المصادر الرسمية.

وانتاب القلق الشديد امس اغلبية العواصم الغربية بسبب وجود عدد كبير من الجنسيات الغربية على سواحل جنوب آسيا لقضاء اعياد الميلاد، غير انه ليس هناك اي ارقام رسمية بعد عن اعداد الضحايا من الغربيين. ونقل سياح اوروبيون كانوا يمضون الاجازة مشاهد مروعة عن المد البحري الذي ضرب شواطئ القارة الخلابة في سري لانكا وجزر المالديف وتايلند واندونيسيا وماليزيا مخلفا الدمار والفوضى. وروى السائح الفرنسي فيليب جيلبير لقناة «ال سي أي» الفرنسية الإخبارية امس كيف فقد حفيدته ذات الاعوام الاربعة عندما انقضت موجة ضخمة علي كوخه السياحي في تانغالي جنوب سري لانكا، البلد الاكثر تضررا. وقال جيلبير «جرفتني موجة رهيبة، رهيبة.. حالفني الحظ لاني علقت بين شجرتين وتمكنت من حبس انفاسي وقتا كافيا. ليس لدي ادني فكرة عن المدة التي استغرقها ذلك، لكنني فقدت حفيدتي». اما الفرنسي آلان اويدا فوصف من فوكيت في تايلاند كيف رأى البحر ينخفض «300 او 400 متر في غضون دقائق» قبل ان تعود المياه و«تصعد بالسرعة نفسها» جارفة «عددا كبيرا من الاشخاص». وقال صحافي من هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» من انووتونا في سري لانكا، «لقد جرفتنا المياه لمئات الامتار، وحاولنا ان نتجنب الارتطام بالدراجات النارية والثلاجات والسيارات التي كانت تنهال علينا». وتابع «ان الاضرار لا يتصورها عقل. يمكننا رؤية سيارات معلقة على الاشجار ومبان مدمرة كليا في احدي القرى، رايت ثلاث جثث لامرأتين سريلانكيتين إحداهما مسنة والاخرى شابة وطفل غربي الملامح بدا ان عمره حوالي خمس سنوات». وافادت وكالة الصحافة البولندية ان السائحة البولندية انا كوبوس اتصلت باهلها لتعلمهم بانها ما زالت على قيد الحياة لانها بقيت في الفندق، مؤكدة ان «الذين ذهبوا الى الشاطئ ماتوا جميعا». وللتعبير عن تضامنه، توجه وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه امس علي متن طائرة تحمل مساعدات انسانية واطباء متوجهة الى سري لانكا وتايلند. الي ذلك، اعتبر اكثر من مائة من صيادي السمك الصوماليين في عداد المفقودين نتيجة المد البحري الناتج عن الزلزال. وقال احد الناجين «ان عدد المفقودين الذين يعتبرون في عداد القتلى يزيد عن مائة شخص على طول سواحل المحيط الهندي في منطقة ولاية بونتلاند». واضاف «لقد ذهبوا الى الصيد كالعادة صباح اول من امس ولم يعودوا بسبب المأساة». واشار الى ان الصيادين جاءوا من القرى الشمالية الشرقية في بونتلاند وابحروا بقوارب خشبية صغيرة يستخدمونها للصيد. وفي عدن، قال وزير الزراعة اليمني علي محمد مجور ان سواحل اليمن المطلة علي بحر العرب تعرضت لامواج عاتية امس، مرجحا أنها بتأثير زلزال سومطرة. ونقلت وكالة الانباء اليمنية عن مجور قوله امس «تعرضت سواحل محافظة المهرة الي امواج بحرية عاتية يرجح انها بتأثير الزلزال الذي وقع قبالة اندونيسيا يوم الاحد». وأضاف مجور أن الامواج العالية أدت الى طغيان مياه البحر لمسافة تتراوح بين 100 متر و150 مترا في المهرة القريبة من سلطنة عمان. وقال «تسبب ذلك حسب الاحصاءات الاولية في اصابة ثلاثة من الصيادين نقلوا على اثرها الى المستشفى». وفي سلطنة عمان، حذرت السلطات من احتمال تشكل امواج عاتية على ساحلها اثر الزلزال الذي هز جزيرة سومطرة. وقال بيان للشرطة الملكية العمانية ان ساحل عمان يشهد ارتفاعا في منسوب المياه ناجما عن الزلزال الذي شهدته منطقة آسيا، مضيفا ان ارتفاع منسوب المياه من شأنه ان يشكل خطرا على المناطق الساحلية والسفن والموانئ.