الحزب الإسلامي العراقي يعلن انسحابه من الانتخابات

محسن عبد الحميد: الوضع الأمني المتدهور لا يسمح بإجراء انتخابات حرة

TT

أعلن محسن عبد الحميد زعيم الحزب الاسلامي العراقي في مؤتمر صحافي عقد في بغداد ظهر امس وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس، الانسحاب من الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في العراق في 30 يناير (كانون الثاني)، ليلقي بذلك ظلالا كثيفة من الشك حول فرص اتمامها بالفعل، خاصة اذا ما ادى انسحاب اكبر حزب سني في العراق الى تشجيع اطراف اخرى على الانسحاب او الانضمام الى صفوف الداعين الى التأجيل بالرغم من تأكيده ان حزبه لا يدعي تمثيل كل شرائح الطائفة السنية في العراق.

وقال عبد الحميد ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» ان الأسباب التي دعت الى الانسحاب هي عدم الاستجابة لدعوة الحزب من قبل الجهات المعنية في طلب تأجيل الانتخابات لعدة امور يقف في مقدمتها الوضع الأمني المتدهور والظروف القاهرة التي تواجه العراقيين حاليا مما لا يسهل قيام انتخابات شاملة في العراق. كما اتهم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بعدم الوضوح، وقال انها لم تجب على الكثير من الاسئلة المطروحة سواء كانت من قبل الصحافة او المجلس الوطني المؤقت، كما انها (المفوضية) لم تقم باية جولة في المحافظات العراقية للاطلاع على الواقع وظروف العراقيين التي تمنعهم من المشاركة في الانتخابات. واعتبر «عدم وجود وعي كامل للانتخابات من قبل الناس من بين الاسباب التي دعت الى اتخاذ قرار الانسحاب من الانتخابات. ونحن آمنا ان الانتخابات ضرورة للشعب العراقي من اجل حكومة منتخبة ومجلس نيابي منتخب والاستقلال الكامل والناجح وخروج القوات المحتلة ووضع دستور العراق». وفي رده عن سؤال آخر لـ«الشرق الاوسط» عن الفترة المطلوبة للتأجيل وما اذا كان هناك تنسيق مع تيارات سياسية اخرى، قال عبد الحميد «طالبنا بإتاحة وقت كامل للحوار مع جميع الاطراف. وسبق للحزب ان طالب بتأجيل فترة الانتخابات الى ستة أشهر اخرى بعد الموعد المحدد، إذ ان الوضع الأمني معقد والاستمارات الانتخابية لم توزع في بعض المحافظات، مما لا يوفر مشاركة شاملة لاطياف المجتمع العراقي، وحددنا خمس محافظات لن تجري فيها الانتخابات بصورة دقيقة فيما لو استمر الموعد الحالي لاقامة الانتخابات، ونحن على علم بأن الفترة المتبقية لن تفي بالغرض المطلوب لخلق اجواء طبيعية لاقامة الانتخابات. كما اننا لم نقاطع الانتخابات او نطالب الاخرين بمقاطعتها لحين ايجاد ظروف ملائمة من اجل ان يتوجه الجميع لبناء مستقبل العراق بدون استثناء. اننا نحاول ان نرتب امورنا مع جميع الاطراف العراقية من اجل وحدة شاملة ورأي شامل في المستقبل». وقال عبد الحميد «في المؤتمر الذي عقد في مقر تجمع الديمقراطيين المستقلين الذي يترأسه الدكتور عدنان الباجه جي «طرحنا شروطنا للمشاركة او الانسحاب من غير ان يبدي (تجمع الديمقراطيين المستقلين) رأيه». وعقب قائلا «في اجتماع فندق بابل (في ضاحية الكرادة ببغداد) اتفقت اكثر من 60 حركة وجماعة وحزب على التأجيل وقبل يومين اخبرناهم باننا سننسحب وهم احرار في ان يفعلوا ما يشاءون».

ونفى ان يكون هناك أي حوار او اتفاق قد تم مع الاحزاب والحركات الشيعية المرشحة في الانتخابات، وقال«دار نقاش في المجلس الوطني حول هذا الموضوع وهم اصروا على المشاركة وعدم التأجيل وهذا شأنهم ونحن لا نتدخل في امور غيرنا، وليس هناك أي تنسيق بيننا وبين الاحزاب الشيعية في هذه القضية».

وفي سؤال آخر لـ«الشرق الاوسط» عن شرعية الدستور في حالة اقامة الانتخابات في موعدها، اجاب عبد الحميد «ان كتابة اي دستور بدون مشاركة فاعلة من خلال انتخابات فعلية وحقيقية ونزيهة لا يمكن ان توفر قاعدة اساسية وطبيعية لشكل النظام السياسي الحقيقي في البلاد». وأشار عبد الحميد الى «ان انسحاب الحزب من الانتخابات سيترك فراغا في العملية السياسية وان الحزب مجبر على اتخاذ قرار الانسحاب، ونأمل ان لا يسد الفراغ عشوائيا، ولدينا علم بوجود مشاريع بديلة الا ان الذي يأمله الحزب هو ان تصل رسالة اليوم الى صناع القرار واتخاذ قرار التأجيل للفترة المقترحة. كما اننا أعلنا عدم المقاطعة وانما الانسحاب ونشارك بشروط معينة ولم تلب هذه الشروط او تحل، ومتى ما ظهرت لنا الظروف مواتية ندخل الانتخابات».

وأكد رئيس الحزب الاسلامي العراقي «ان غياب اية جهة من المجلس (الجمعية الوطنية) المقبلة سيؤدي الى سحب المشروعية عن هذا المجلس، وفي قانون ادارة الدولة ان أي مشروع دستور سترفضه ثلاث محافظات سيصبح غير شرعي لهذا لا بد من الموافقة على الدستور بالتوافق وبالاجماع».

واضاف عبد الحميد «نحن على علم بالسيناريوهات وكل الاطراف واعية لذلك. ونحن لا نطالب الاخرين بالمقاطعة او الانسحاب ولكن نطالب دراسة قرارنا من اجل رأي مشترك. ولا يمكن ان تقنعنا اختيارات اشخاص بل يجب ان تكون الانتخابات شاملة وفي جو آمن لمجلس نيابي حر».

واشار الى ان «خمسا او ستا من محافظات العراق لن تجري فيها الانتخابات بصورة صحيحة»، مؤكدا «نحن بحاجة الى مدة اضافية من ستة اشهر حتى نستطيع الدخول في حوار مع جميع الاطراف الاخرى ويتهيأ الجميع لهذه الانتخابات».

وانتقد عبد الحميد التقارير التي تحدثت عن احتمال اعطاء نسبة معينة من الاصوات للسنة في حالة مقاطعتهم للانتخابات في مناطق معينة. وقال «نحن نعلم بالسيناريوهات التي يمكن ان تحاك لكن الشعب العراقي وكل الاطراف التي رفضت المشاركة واعية لما يحدث ولن تسمح بان يمر عليها اي مشروع يمكن ان يمس الشعب العراقي». واضاف «لن تكون الانتخابات شاملة الا اذا شملت كل محافظات العراق... لا يمكن ان يناب عن محافظات معينة بانتخاب اشخاص معينين». واستطرد عبد الحميد «العلاج هو بانتخابات شاملة وعادلة وحرة تجري في جو آمن تمكن الشعب العراقي من التوجه الى صناديق الانتخابات وهو مطمئن وآمن». ونفى عبد الحميد ان يكون حزبه قد دخل في أي حوار مع الادارة الاميركية حول مشروع كوتا سنية تفرض على المجلس الجديد. وقال «لا نعترف الا بمن يصل بواسطة صناديق الاقتراع وبشكل نزيه».

واوضح انه في حالة فوز الشيعة المطلق في الانتخابات في ظل غياب السنة فإن «مسألة كتابة الدستور لا تكون مشروعة الا باجماع الشعب العراقي ولا تنفرد جهة ما بحكم العراق. لا بد من التوازن، ولا بد من تحقيق مصالح الجميع بلا تفرقة وبلا تمزق».

واكد رئيس الحزب الاسلامي استنكاره لتفجيرات يوم امس التي استهدفت المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، وقال «اننا نستنكر كل الهجمات بجميع انماطها التي توجه الى الشعب العراقي بكل اطيافه، وموقفنا واضح، كما استنكرنا انفجارات النجف والموصل وسامراء وكل مناطق العراق. نحن مع اعطاء الحرية للجميع وعدم الحاق الاذى للجميع، فالعراق بحاجة ماسة الى مشروع واحد، والحزب الاسلامي قدم قبل فترة مشروع ميثاق العراق ضد التفجيرات في المساجد والحسينيات والكنائس. كما نعلم ان كل ما يجري لن يقودنا الى مصادمات وان نبقى موحدين لتجاوز المحنة التي اصابت الجميع». وقال طارق الهاشمي الامين العام للحزب الاسلامي العراقي في رده على سؤال لـ «الشرق الاوسط» حول الاجراءات التي سيتبعها الحزب فيما لو اجريت الانتخابات في موعدها المقرر، ان الحزب الاسلامي سيتبع الطرق القانونية من خلال الطعن بشرعية الانتخابات وهنالك خيارات قانونية بعد الانتخابات ونحن ما زلنا نعتقد بصواب وجهة نظرنا في التأجيل وسوف نعيد موقفنا على ضوء المستجدات المستقبلية.

وكان الحزب الاسلامي العراقي قد طالب بنهاية الشهر الماضي في بيان وقعه معه 17 حزبا وتيارا سياسيا آخر بتأجيل الانتخابات لفترة ستة اشهر بسبب عدم توفر الظروف المناسبة لاجراء الانتخابات وعلى الاخص في العديد من المدن السنية التي تشهد اشتباكات مستمرة بين مسلحين والقوات الاميركية مما ادى الى فقدان الأمن في تلك المدن، وهو ما قد يحول دون تمكن الناخبين من الادلاء باصواتهم بشكل كامل.