خاطف محترف ينصح: نفذوا جرائمكم في وضح النهار

يعتبر السطو على أموال «الحواسم» نوعا من «العدالة الشعبية»

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: تحول محمد باريس من جندي في صفوف الجيش العراقي السابق في ظل نظام صدام حسين الى خاطف محترف يختار، أسوة بروبن هود، ضحاياه من كبار اللصوص. ويؤكد ان انجح عمليات الخطف هي تلك التي تنفذ في وضح النهار.

محمد باريس هو لقب محمد خضير الصادق الذي يعد ابرز مجموعة «مجرمين» التقاهم بعض الصحافيين عبر وزارة الداخلية العراقية.

وبمنتهى الجدية يقول محمد «يمكن تنفيذ عمليات الخطف في مختلف أوقات الليل والنهار، لكن من الأفضل القيام بها ابتداء من الصباح الباكر وحتى مغيب الشمس».

ويسدي محمد نصائحه مجانا، ويضيف «من المستحسن اختيار الأوقات التي يتوجه فيها المواطنون الى أعمالهم أو يعودون فيها الى منازلهم».

ويشرح كيف تصبح عملية الهروب صعبة خلال الليل بسبب انتشار حواجز الشرطة في طرقات العاصمة العراقية.

لم يتجاوز محمد الرابعة والثلاثين من عمره لكنه يبدو وكأنه في الخمسين مع رأس أصلع ووجه ضعيف تغطي نصفه لحية غزاها الشيب. وقد اعتقلت الشرطة العراقية مؤخرا محمد مع أفراد عصابته: اثنان من أشقائه اضافة الى اثنين من زملائه. وكانت هذه العصابة قد زرعت الرعب في حي الحسينية الشعبي (شمال بغداد)، حيث قتلت رجلين. وانتهجت الشرطة أسلوب محمد نفسه لتنجح في اعتقاله. اختطفت احد ولديه الاثنين لتجبره على الخروج من وكره والابتعاد عن مرمى قناصته المتمركزين حول منزله، كما يروي مسؤول في وزارة الداخلية.

يقول محمد «دخلت أولا في جهاز الدفاع المدني عبر القوات الاميركية التي أرادت ان تستفيد من معرفتي بأوساط المجرمين، اذ يمكنني الوصول الى حيث يتعذر عليهم ذلك». ويضيف «كانوا يدفعون لي الثمن كلما سلمتهم مجرما. وكان الثمن يتراوح بين 100 و120 دولارا حسب أهمية المجرم».

لكن محمد تخلى عن هذه المهنة التي «لم يحبها» واتجه نحو اختطاف الأثرياء وكبار اللصوص حيث الربح وفير.

وربح محمد 190 ألف دولار دفعة واحدة من عملية اختطاف ثري بناء على طلب زوجته. ويروي محمد «اخبرتني ان زوجها ثري كبير لأنه كان يعمل مع عدي، نجل صدام حسين، وانه حصل على جزء من ثروته لدى سقوط النظام. وعلى الفور تزوج بصبية تصغر زوجته». ويضيف «وفقا لتوجيهات الزوجة الاولى اختطفناه وهو في طريقه الى منزل زوجته الجديدة. طرحناه أرضا ثم كبلناه ووضعناه في صندوق السيارة ولذنا بالفرار». ويؤكد محمد ان الزوجة دفعت الفدية من أموال زوجها وأنها أخذت لنفسها حصة تبلغ أربعة أضعاف ما حصل عليه هو.

ضحية أخرى من ضحاياه صبي في الثامنة من عمره هو نجل احد مديري مصرف الرشيد.

يؤكد محمد ان هذا المدير سطا عند سقوط النظام على «40 مليون دولار»، ويقول أفرجت عن ابنه مقابل «20 الف دولار» فقط.

يشدد محمد على ان ضحاياه هم فقط من «الحواسم»، معتبرا ان السطو على أموالهم نوع من العدالة الشعبية.

يذكر ان عبارة «معركة الحواسم» هو اللقب الذي اطلقه صدام حسين على معركة بغداد ليقنع الاميركيين بعدم دخول العاصمة العراقية. لاحقا اصبحت كلمة «الحواسم» تستخدم للسخرية ويصف بها العراقيون اللصوص الذين انتشروا في بغداد عقب دخول القوات الاميركية في 9 ابريل (نيسان) عام 2003 لسرقة كل ما يمكنهم سرقته بدلا من الانصراف للقتال.

يرتدي محمد زيا رياضيا زيتوني اللون، ويوضح ان لقب محمد باريس أطلق عليه بسبب أناقته عندما كان يعمل بائعا للثلج في إحدى أسواق منطقة الحسينية الشعبية بعد ان حل الاميركيون الجيش العراقي اثر دخولهم بغداد. ويقول باعتزاز «كنت ارتدي بنطلونا قصيرا وتي شيرت ملونا فلقبوني محمد باريس»; في اشارة الى عاصمة الإناقة العالمية.